
تُعدُّ جمهورية الهند ثاني أكبر دولةٍ من حيثُ عددِ السكان، والسابعة من حيث المساحة، وعاصمتها «نيو دلهي»، ومدينة «مومباي» أكبر مدنها، وتعتبر «الروبيَّة الهنديَّة» العملة المُستخدمة فيها، وتبلغُ مساحتها 3.165.596كم2 ، مما أدَّى إلى تسميتها شبه القارَّةِ الهندية.
تقعُ في جنوب آسيا، يحدُّها المحيط الهنديُّ من الجنوب، وبحر العرب من الجنوب الغربي، وخليج البنغال من الجنوب الشَّرقي، وتشتركُ في الحدود البريَّة مع: باكستان من الغرب، والصين، نيبال، بوتان في الشمال، وبنغلاديش وميانمار من الشرق، وتشترك مع تايلاند وإندونيسيا في الحدود البحرية.
الجغرافيا
يمكن تقسيم جغرافيةِ الهند إلى ستِّ مناطق رئيسيَّة، منطقة الهيمالايا الجبليَّة الوعرة في الجزءِ الشمالي من البلاد، ثم سهل «الغانج الهندي» أو السُّهول الشمالية التي تشتهرُ بالزراعةِ على نطاقٍ واسع، ومنطقة الهضبة في الأجزاء الجنوبية والوسطى من البلاد، وصحراء ثار، والسهول الساحليَّة، والجزر الهندية، أشهرها أندمان ونيكوبار.
الهند لديها أيضًا ثلاثة أنهارٍ رئيسيَّة، الأكبر دِلتا وتعرف بـ «السند»، الغانج، وبراهما بوترا، مناخ الهند متنوع لكنَّه استوائيٌ في الجنوب ومعتدلٌ بشكلٍ رئيسيٍّ في الشمال.
تحتلُّ الهند لوحدها ثلاثة أرباع شبه القارة الهندية، أو ثلث حجم أوروبا، وهي أكبرُ من الدُّول الستّ الأخرى مجتمعةً، والتي تمثِّلُ رابطةَ دول جنوبي آسيا (باكستان، بنغلادش، سريلانكا، المالديف، نيبال، بوتان) إذ تحتوي على 77% من سكان جنوبيّ آسيا، و72% من المساحة، و84% من الأراضي القابلةِ للزراعة.
السُّكان
تأتي الهند في المرتبةِ الثانية بعد أفريقيا من حيث التَّنوع البشري، ويقدر عدد سكانها بأكثر من مليارِ نسمة، حيث يمثلُ الجنس الهندي 72% من عدد السكان، والدرافيديان 13%، والمسلمون 13%، بينما تمثِّل الأقلياتُ الأخرى 3%، وتوجد مجموعاتٌ من السكانِ تصنفهم الحكومةُ على أنهم قبائلُ يطلق عليهم «قبائل التلال» يوجد منهم 300 قبيلة، منغلقة على نفسها اجتماعيًا وتتمتع بحماية الحكومة.
الدِّين
يقدَّرُ عددُ الأديان في الهند بثلاثمائة وخمس وستين ديانة، أشهرها الهندوسية، والإسلام، والبوذية، والسيخية، والمسيحية، يدين حوالي 68% من السكان بالهندوسية أو البراهمية، وحوالي 14% بالإسلام، و2% بالمسيحية، و2% السيخية، بالإضافةِ إلى أقلياتٍ تدينُ بدياناتٍ أخرى.
اللُّغة
اللغةُ الهندية هي اللغة الرسميَّة طبقًا لما جاء في الدستور، حيث يتحدثُ بها حوالي 40% من السكان، يوجد حوالي 1500 لغة ولهجة مستخدمة في البلاد، منها حوالي 14 لغةً رسميَّة، تنتهي إلى الأسرةِ الهندو – أوروبية، ينطقُ بها نحو 73% من سكان الأقاليمِ الشماليةِ والوسطى، علاوةً على ذلك يوجد 24 لغةً لا يقل عدد المتحدثين بكلٍ منها عن مليون نَسَمة، مثل: اللغةِ البنغاليةِ التــــــي يتحدث بها حوالي 8% من السكان، والتلجو، والماراثية، والتامبلية، والأوردية، والكانادية، وماليالم، والسنسكريتية، والسندية، والكشميرية، والبنجابية، والآسامية، والنيبالية، والأورايا، هذا بالإضافةِ إلى اللغة الإنجليزية.
التَّاريخ
قامت فيها إحدى أقدمِ الحضاراتِ التي عرفها العالم، والتي يرجعُ عمرها إلى أكثرِ من خمسة آلاف عام، وتعاقبت عليها القوميَّاتُ والإمبراطورياتُ المستعمِرة، كان آخرها الإمبراطورية البريطانية، التي انتهت إثرَ تأسيسِ جمهوريَّة الهند المستقلَّة.
في حوالي عام 530 قبل الميلاد، غزا الإمبراطور الفارسي «قورش» الهند، لتصبح المقاطعةَ العشرين من مقاطعات إمبراطورية «قورش» الإخمينية، وفي عام 326 قبل الميلاد قام «الإسكندر الأكبر» ملك مقدونيا باحتلال الهند، وبعد ذلك جاءت إمبراطوريةٌ هنديةٌ خالصة تُدعى «موريا»، وأشهر ملوكها «أسوكا» الذي اعتنق البوذيةَ وأمضى حياتَه في نشرِ معتقداتها في الهند وسيلان.
وخلال القرون الخمسةِ التي أعقبت سقوط الإمبراطورية الهندية، قامت نزاعاتٌ بين الممالكِ الهندية الصغيرة مهدت الطريقَ أمامَ الفتوحاتِ الإسلامية، حيث نجحت الحملاتُ البريَّة العسكرية في تأسيس مملكةٍ إسلاميةٍ في السند، والتي كانت بمثابة منطقةٍ تجاريةٍ مهمة تمر عبرها البضائعُ القادمة من الهند عبر «مرفأ ديبول» على مصبِّ نهر السند إلى المدنِ الإسلامية في كلٍّ من الخليج العربيِّ والبحر الأحمر.
بدأ المسلمون فتوحاتهم للهند في عهدِ ولاية الحجاج بن يوسف الثَّقفي زمن الدولة الأُمَوية، عندما سيطرت مجموعةُ قراصنةٍ من بلاد السند وكان ملكها «راجا داهر» على سفنٍ للمسلمين في بحر العرب وعلى متنها رجالٌ ونساءٌ وبضائع وحمولاتٌ للتجارة، ما جعل الحجاج يعدُّ حملتين عسكريَّتين، وبعد أخذِه موافقة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، جهز جيشًا كبيرًا وأمر محمد بن القاسم الثقفي بقيادة الجيش.
نجح القائدُ محمد بن القاسم بعد معارك بريةٍ وبحريةٍ عديدة في الوصولِ إلى شاطئ نهرِ السند، وهناك تقع عاصمة الملك راجا داهر، وأطلق معاركه ضده فقتله وانتصر عليه واستمرَّ بفتوحاته حتى وصل عاصمةَ بلاد السند عام 90 للهجرة.
وعند وصول الخليفةِ هشام بن عبد الملك إلى سدَّة الحكم، عيَّن القائد الجنيدَ بن عبد الرحمن المرِّي واليًا على السند وخلالَ عامين بسطَ سيطرةَ المسلمين على كاملِ شمالي غربي الهند، وبمجيء الدولة العباسية لم تشهد بلادُ الهند فتوحاتٍ جديدةً، إلا أنَّ العصر العباسي الأول شهد ترسيخًا لبعض الممالكِ وتقويةً لأركانها وظهورًا لبعضِ الحكام الأقوياء، حتى جاءت الدولة الغزنوية، وبدأت أعمالها في مناطق الهند وما حولها.
تعتبر الدولةُ الغزنوية المرحلةَ الثَّانيةَ من عصر الفتوحاتِ الإسلامية في الهند، وقد أُطلق الاسم على هذه الدولة نسبةً إلى مدينة «غزنة» وتقع حاليًّا في أفغانستان، وسيطر المسلمون خلالها على خراسان وبلاد ما وراء نهر قزوين وعلى سهول البنجاب بما فيها مداخل الجبال وممر خيبر، وخاض معركةً عظيمةً على شمال الهند وانتصر فيها
ثم جاءت دولةُ المغول «الترك»، التي تعدُّ المملكة الأخيرة للمسلمين في الهند وهي الأطول؛ حيث قامت في الفترة بين عامي 1525-1858م، وكان آخرُ سلاطينها «بهادر شاه الثاني»، الذي سيطرَ الإنجليزُ في عهده على البلادِ وفرضوا نفوذَهم على سلاطين الهند.
وفي عام 1858م انطلقت الثورة الهندية، والتي سُمِّيت أيضًا ثورة «السيبوى»، وانتهت بالفشل ونُفي السلطان «بهادر» وسقطت دولةُ المغول الإسلامية، وأُعلن تحويل الهند إلى مستعمرةٍ بريطانية، وعُدَّت هذه الثورة من كبرى الثورات الهندية ضدَّ حكم شركة الهند الشرقية البريطانية التي كانت بمثابة سلطة ذات سيادةٍ نيابةً عن التاج البريطاني، وتشكلها بداية ظهور حزب المؤتمر الوطني الذي تأسس عام 1885، وأصبح تنظيمًا مناضلًا من أجلِ الاستقلال وتزعَّمه «المهاتما غاندي» عام 1920.
نتج عن الثورةِ حلّ شركةِ الهند الشرقية، وإقرار قانون حكومةِ الهند لسنة 1858، وبه أصبحت الدولةُ تدارُ مباشرةً من الحكومةِ البريطانية بنظامٍ جديد، وهو الراج البريطاني.
وفي السادس عشر من آب عام 1947، حصلت الهندُ على استقلالها حينما وافقَ الإنجليزُ على الخروج، إلا أنَّ غاندي لم يشارك في الاحتفالات لحزنِه على تقسيمِ الهند، وتم اغتياله من قبل المتعصِّبين الهندوس بعد دعوته لاحترامِ حقوقِ الأقليَّةِ المسلمة عام 1948م.
وقُسِّمت الهند عام 1947 إلى دولتين، هما الهند وباكستان، بموجبِ قانونِ بَرلمانِ المملكة المتَّحدة، ثم انقسمت باكستان إلى جمهوريَّةِ باكستان الإسلاميَّة وجمهوريةِ بنغلاديش الشَّعبية.
التَّقسيمات الإداريَّة
تتكون الهند من ثمانٍ وعشرين ولايةً وسبعةِ أقاليم اتِّحادية، جميع الولايات واثنين من الأقاليم الاتحادية «بونديشيري ونيو دلهي» ينتخبون الهيئاتِ التشريعيةَ والحكومات على غرار نموذج «وستمنستر»، أمَّا الأقاليم الاتحادية الخمسة الباقية فهي تحتَ الحكمِ المركزيِّ المباشر من خلال مدراء معيَّنين.
النِّظام السِّياسيّ
يعد دستور الهند من أطولِ الدساتير المكتوبة، دخل حيِّزَ التنفيذ في 1950، مقدمةُ الدستور عَرَّفت الهندَ باعتبارها جمهوريةً اشتراكيةً عِلمانيةً ديموقراطيةً، يعمل النظامُ البرلماني الهندي وفقًا لنظام «وستمنستر» ويتألف من مجلسين تشريعيَّين.
المجلس الأعلى هو مجلس الشيوخ ويسمى راجيا سابها « “Rajya Sabha، فيما المجلس الأدنى هو مجلس النواب ويسمى “لوك سابها”، مجلس الشيوخ هو هيئةٌ دائمةٌ تتكون من 245 عضو، يعملون لمدِة ست سنواتٍ متعاقبة، يتم انتخابهم بطريقةٍ غير مباشرةٍ من الولاية والمشرعين الإقليميين طبقًا لنسبةِ عدد السكان في الولاية، حيث يتم انتخابُ 543 عضو من أصلِ 545 عضو بمجلس النواب بشكلٍ مباشرٍ عن طريق التصويت الشعبي؛ لكي يمثلوا الدوائرَ الانتخابيةَ المستقلة، في حين يتم انتخاب العضوين الآخرَين من المجتمع “الأنجلو هندي” من قِبَل الرئيس، وذلك في حالة رأى الرئيس أنَّ المجتمع لم يكن ممثلًا على نحوٍ كافٍ.
توصف الحكومةُ الهندية عادةً بأنها “شبه اتحادية” مع وجود مركزٍ قويٍّ وولاياتٍ أضعف، منذ أواخر التسعينيات، زاد ميلُ الحكومةِ الهندية إلى النظام الفيدرالي في تسييرِ أعمالِ البلاد.
رئيس الوزراء
يتولى الصلاحياتِ التنفيذيةَ رئيسُ حكومةٍ يتم تعيينُه من قِبَل رئيس الجمهورية، ولا بدَّ أن يكونَ رئيسُ الوزراء مدعومًا من قبل حزبٍ سياسيٍّ له الأغلبيةُ في البرلمان، أو على الأقل من تحالفٍ سياسيٍّ يسيطرُ على أغلبيَّة مقاعد البرلمان، تتألفُ السلطة التنفيذيَّة من: الرئيس، نائب الرئيس، ورئيس مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء نفسه الذي يعدّ لجنةً تنفيذيَّة لرئيس الوزراء، الوزراء وأعضاء الحكومة كافةً يجب أن يكونوا أعضاءً في واحدٍ من مجلسَي البرلمان.
رئيس الدَّولة
يشكِّلُ أعلى سلطةً تمثيليةً في الدول، وصلاحيته شرفيَّة فقط، ويماثل دورُه دورَ الملكِ في بريطانيا، يصل الرئيسُ الهنديُّ إلى منصبه بالانتخاب غير المباشر من قبل المجمَّعِ الانتخابيِّ، ومدة حكمه خمس سنوات.
السُّلطة القضائيَّة
تمتلك الهند ثلاثةَ مستوياتٍ قضائيةٍ متكاملة، تتكونُ من المحكمةِ الدستورية « Supreme Court of India”، ويرأسُها رئيسُ المحكمةِ الدُّستورية، وواحدة وعشرين محكمةً عُليا وعدد كبير من المحاكم الابتدائية” Courts of First Instance”، وللمحكمةِ الدستورية اختصاصٌ أصليٌّ بالقضايا المتعلقةِ: بالحقوقِ الأساسيَّة، والنزاعات بين الولايات والمركز، والاستئناف على المحاكم العليا، وهي مستقلةٌ قضائيًا، وتملك القوةَ لتصدرَ قوانين وتعارض قوانين النقابةِ والولايةِ التي تتعارض مع الدستور، ويتمُّ تعيين أعضاءِ المحكمة ورئيسها بناءً على توصيةٍ من رئيس الوزراء.
الأحزاب الهندية
تأخذ الهند بنظام التَّعدديَّةِ الحزبية، ويشترطُ لتكوينِ الحزب حصوله على 3% من الأصوات كحدٍ أدنى على المستوى الوطنيِّ أو على المستوى المحليّ، يوجد بها نحو عشرون حزبًا على المستوى القومي، أهمها: حزب المؤتمر الوطني «Congress – I” وهو أقدمُ حزبٍ سياسي، ووصل إلى السلطةِ لمدة ثلاثين عامًا متصلةً منذ 1947 وحتى 1977، حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي B JP» «، الحزب الشيوعي الماركسي»CPI»، ويوجدُ أكثر من ثلاثين حزبًا على المستوى الإقليميِّ في مختلفِ الولايات والمقاطعات، بالإضافةِ لبعضِ الأحزاب التي تعتبرها الحكومةُ غير شرعيةٍ مثل: جبهةِ تحرير كشمير، والجبهة المتَّحدةِ لتحريرِ أسام.
القوَّة العسكريَّة
بالنسبةِ للهند فإنَّ القوةَ العسكريَّة تعملُ وِفقَ منظومةٍ واحدةٍ بهدف تحقيق الأهداف القوميَّةِ العُليا للدولة، المتمثلةِ بشكلٍ عام بالتفوقِ على باكستان في ظلِّ استمرارِ الصِّراع التاريخيِّ بينهما، والقدرة على مواجهةِ الصين، وزيادة دورها في المحيط الهندي من خلالِ تطوير القوَّة البحريَّة.
في 2018 خصَّصت الهند أربعة تريليونات روبية «58 مليار دولار» أي 2.1% من الناتجِ المحليِّ الإجماليّ لدعم جيشها البالغ قوامُه 1.4 مليون جندي، وفق تقديرات المعهدِ الدولي للدِّراساتِ الاستراتيجيَّة.
تمتلك الهند قواتٍ بريَّةً قوامها 1.2 مليون جندي، تدعمها أكثر من 3565 دبابةٍ قتاليَّة، و3100 عربة مشاةٍ قتاليَّة، و336 ناقلة جنودٍ مدرعة، و9719 قطعة مدفعية، بحسبِ المعهد الدَّولي للدراساتِ الاستراتيجية.
يملك سلاحُ الجو الهندي 814 طائرة حربية، ويبلغ قوامه 127 ألف و200 فرد، لذا فإنَّه أكبرُ حجمًا بكثير من نظيره الباكستاني، وتتطلبُ خططُ الهند الدِّفاعية 42 سربًا «نحو 750 طائرة» للدفاع عن البلادِ في مواجهة هجومٍ على محورَين من الصين وباكستان.
تتألفُ البحريةُ الهندية من حاملةِ طائراتٍ واحدة و16 غواصةً، و14 مدمرةً، و13 فرقاطةً، و106 من سفن الدوريَّة والعملياتِ الحربيةِ الساحلية، كما أنَّ لديها 75 طائرةً تمتلك قدراتٍ قتاليَّة.
ويبلغ قوامُ القواتِ البحريةِ في الهند 67700 فردٍ، بمن فيهم مشاة البحرية والعاملون في تشغيلِ طائراتها.
عام 1955 تم إنشاء أول مفاعلٍ نوويٍّ بحثي يعتمدُ على الوقود النووي، تم استيراده من إنجلترا وفرنسا، وتعَدُّ أول دولةٍ تمتلكُ التكنولوجيا النووية كاملةً بعد الدولِ الكبرى، وأجرت تفجيرَها الأول عام 1974 بتفجيراتٍ اختباريَّةٍ لأغراض المشاريع الهندسيَّةِ الكبرى.
الصِّراعات الحدوديَّة
شهدت الهندُ عدةَ نزاعاتٍ مع بعضِ الدُّولِ المجاورةِ على الحدود، كالصراعِ الهنديِّ الباكستانيِّ على إقليم كشمير، والصراع بين الهند وبنغلاديش حولَ تقسيمِ مياه الأنهار المشترَكة، وكذلك حول تخطيطِ الحدود البحريَّة بينهما، إلى جانبِ النزاع السيرلانكي الهندي حول أقليَّةِ «التاميل»، والنِّزاع الهنديّ الصينيّ.
منذ استقلالها خاضت الهند ثلاثَ حروب، اثنتين منها 1947 و 1965 على إقليم ِكشمير الذي تتنازعُ السيطرةَ عليه مع باكستان، وواحدة ضد الصين عام 1962.
القوة الاقتصاديَّة
تشكلُ تكنولوجيا المعلومات واجهةَ الاقتصادِ الهنديِّ الحديث، وتعدُّ أسرعَ القطاعاتِ نموًا، تدرُّ على البلاد حوالي 13 بليون دولارٍ سنويًا.
تعتبرُ مدينة مومباي المركزَ الماليَّ للبلاد، ويوجد بها مقرُّ مصرفِ الهند المركزي، وسوق المال «البورصة»، وبرزت الهند كخامسِ أقوى اقتصادٍ في العالم متجاوزةً بريطانيا وفرنسا في عام 2019، بحسب تقريرٍ لمركز World Population Review البحثيّ الذي يتَّخذُ من العاصمة البريطانية لندن مركزًا له، فيما وصل حجمُ الاقتصادِ الهنديِّ 2.94 تريليون دولار، بينما حجم الاقتصادِ البريطاني 2.83 تريليون دولار في حين أنَّ حجمَ الاقتصاد الفرنسي 2.71 تريليون دولار.
حجم الناتجِ المحليِّ الإجماليِّ الهندي بلغ 10.51 تريليون دولار متجاوزةً اليابان وألمانيا، ويحتلُّ قِطاعا الصناعة والزراعة مركزَين بارزين في الاقتصادِ الهندي.
الهند والعلاقات العربيَّة
شهِدَ عقدُ التسعينيات تحولًا مهمًا في المواقفِ الهنديةِ من القضايا العربية، وخاصةً قضية فلسطين، وقضية جعل الشرقِ الأوسط منطقةً خاليةً من أسلحةِ الدَّمارِ الشامل، يرجعُ إلى التعاونِ الكبير الذي تطورَ بين الهند و»إسرائيل» منذ إقامةِ الدُّبلوماسية رسميًا بينهما عام 1992.
كانت تتسمُ العلاقاتُ الهندية الإسرائيلية بنوعٍ من القطيعةِ في فترة حكم «نهرو» و»أنديرا غاندي»، حيث كانت نيودلهي حينها تلعبُ دورًا محوريًا في كتلةِ «عدم الانحياز»، لكنَّ هذه القطيعةَ تحولت إلى تعاونٍ وثيقٍ بمجالاتٍ مختلفة بعد عام 1992، وتوطَّدت بعد ذلك لتصبحَ «إسرائيل» المصدرَ الأساسيَّ لوارداتِ الهند العسكريَّة.
ووفقًا لمعطياتٍ نشرها مكتبُ رئيسِ «الحكومة الإسرائيلية» عام 2017، فقد تنامى التبادلُ التجاريُّ بين الدولتين من مائتي مليون دولار عام 1992 إلى أربعةِ مليارات دولارٍ عام 2016، وتعاونت الهند مع «إسرائيل» في بعضِ القضايا التي تعرَّضت فيها «إسرائيل» للإدانةِ الدولية، خاصةً فيما يتعلقُ بالمساواةِ بين الصهيونيَّةِ والعنصرية، مقابلَ تأييد «إسرائيل» للهندِ في مواجهة باكستان.
التغير من القضية الفلسطينية انعكس على المستوى الدولي، حيث أيَّدت الهند إلغاءَ قرارِ اعتبار الصهيونيَّة صورةً من صورِ العنصرية، وهو القرار الذي أيَّدته عام 1975 عندَ صدورهِ، في حين أيَّدت إلغاءَه عام 1992.
على الصَّعيدِ العربي، تعدُّ الهند شريكًا تجاريًا مهمًا للعالم العربي، فبعض الإحصاءاتِ تشير إلى أنّ دولَ مجلسِ التَّعاون الخليجي بلغ حجمُ تجارتها مع الهند 12 مليار دولار عام 2000، وهو ما يمثِّلُ 15% من حجم تجارة الهند الخارجيةِ كلها.
يوجد حوالي أربعة ملايين عامل هندي في المنطقةِ العربية، منهم 2.5 مليون في دولِ مجلسِ التعاون الخليجي، هذا وفقًا للإحصاءاتِ الهندية في الكتاب السنويِّ لوزارةِ الخارجيَّة، أمَّا تقديراتُ الدول الخليجية فإنَّ عددَ العمالةِ الوافدةِ تصلُ إلى عشرةِ ملايين نسمة من 38 مليون نسمة إجمالي السكان، أي حوالي 36% من سكان دول مجلس التعاون، منهم 70% من الهند، مما يعني أنَّ العمالةَ الهندية في دولِ مجلس التعاون لا تقلُّ عن ستةِ ملايين عامل.
العلاقات التجاريَّة والسياسيَّة والثقافيَّة بين الهندِ والدولِ العربية أصبحت ثابتةً، ولم تتعرض لأيِّ مساسٍ نتيجةَ تطور وتحسن العلاقات الهندية الإسرائيلية، بالإضافةِ إلى أنَّ ثِقلَ المسلمين السياسي في الهند يواجه الضَّعفَ، ويتعرضون لضغوطٍ في ظلِّ سياسةِ حزب «بهاراتيا جاناتا» الهندوسيِّ المتشدِّد.