كتب

مراجعة كتاب: هل كسبت الصين؟

مراجعة كتاب

تعريف المؤلف

خاص – آسيا بوست

كيشور محبوباني دبلوماسي مخضرم وفيلسوف ومؤلف مشهور. وهو حالياً زميل متميز في معهد آسيا للبحوث بجامعة سنغافورة الوطنية والأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم في أكتوبر 2019.. شغل منصب رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (يناير 2001 ، مايو 2002) والعميد المؤسس لكلية لي كوان يو للسياسة العامة (2004-2017). يكتب محبوباني ويتحدث بشكل مطرد عن صعود آسيا والجغرافيا السياسية والحكم العالمي. وقد أكسبته كتبه ومقالاته الثماني في نيويورك تايمز وواشنطن بوست وفاينانشال تايمز والشؤون الخارجية اعترافًا عالميًا بأنه «ملهم القرن الآسيوي».

استند الدكتور والدبلوماسي والأكاديمي  كيشور محبوباني إلى خبرته العميقة في الشؤون الاستراتيجية والعلاقات الدولية وإلى تفكيره الاستراتيجي الناقد وإلى قدرته الكبيره على التواصل مع صناع القرار في الولايات المتحده والصين بحكم عمله الدبلوماسي السابق في وزارة الخاريجة السنغافورية وإلى كمية المعلومات التي في حوزته على طرح كتابه الجديد المثير للجدل الذي يحمل عنوان «هل فازت الصين؟ التحدي الصيني للصدارة الأمريكية» عنوان جذاب ويثير الفضول عند المختصين والباحثين والقراء.

خاص – آسيا بوست

يطرح الكتاب مجموعةً من الأفكار المتعددة ويحلل بطريقةٍ علميةٍ متوازنةٍ السيناريوهات المتوقعة للتنافس الصيني الأمريكي ومستقبل العلاقة بينهما وما سيؤول إليه شكل النظام العالمي جراء هذا التنافس من خلال تقييم مجموعةٍ من الأخطاء الاستراتيجية الكبيرة التي ارتكبها الطرفان على حدٍ سواء.

حيث يرى الكاتب أن الاعتقاد السائد بأن دولة مثل الولايات المتحدة التي يقل عمرها عن 250 عامًا، ويبلغ عدد سكانها أقل من ربع سكان الصين يمكنها أن تحتوي دولةً بحجم جمهورية الصين الشعبية ولها تاريخ يعود إلى 4000 عام هو خطأٌ استراتيجي كبير. أدى الى مجموعةٍ من الأخطاء الاستراتيجية المتتالية مثل المنافسة الجيوسياسية الكبيرة مع الصين، دون وضع استراتيجية طويلة الأمد هذه المنافسة التي انطلقت في القرن الحادي والعشرين متمثلة باندلاع حروبٍ تجاريةٍ كبيرةٍ ومواجهاتٍ ميدانيةٍ بحريةٍ، واستعراضٍ للقوة في بحرالصين الجنوبي في ظل تأييد أعضاء الكونغرس ورجال الأعمال الأمريكيين لسياسات حكومتهم العلنية تجاه الصين. في المقابل كانت الصين تقف بصبر منقطع النظير وتفكر على نطاق عالمي وتطلق مبادراتٍ طموحة مع  بعض القادة الأكثر براغماتية وكفاءة في العالم. والأهم من ذلك استعادة الشعب الصيني ثقته الثقافية وتقدمه العلمي المليء بالابتكارات وتحوله إلىشعبٍ أكثر ديناميكية وإنتاجية. وفي الوقت نفسه تعرض النموذج الاقتصادي الأمريكي الأقوى عالمياً لأضرار كبيرةٍ  نتيجة الأزمة المالية عام 2008 اضافة الى مجموعة السياسات المحلية والخارجية التي أضعفت الأسس الاجتماعية والمكانة العالمية للولايات المتحدة التي جعلتها تبدو كقوةٍ متغطرسةٍ ومشتتةٍ الخطوات أمام الصعود الصيني الهادئ.

أما على الطرف المقابل يذكر الكاتب أن أكبر خطأٍ استراتيجيٍ  للصين في تعاملاتها مع الولايات المتحدة كان إبعاد مجتمع الأعمال الأمريكي  الذي كان في السابق أعلى مؤيدٍ للصين في واشنطن من خلال سنوات من الممارسات والمعاملات الخشنة مثل نقل التكنولوجيا القسري وغيرها. ومع ذلك مثلما كان خطأً استراتيجيًا بالنسبة للمفكرين الأمريكيين أن يعتبروا النجاح على أنه أمر مسلم به فسيكون من الخطأ الاستراتيجي الضخم أن تعتقد الصين نفس الشيء. على الرغم من المزايا العديدة التي تتمتع بها الصين من حيث الحجم والمرونة الحضارية ، فمن غير الحكمة أن يقلل القادة الصينيون من نقاط القوة الكامنة للاقتصاد والمجتمع الأمريكي. دفعت الصين ثمناً في السنوات الأخيرة لكونها أصبحت متغطرسة بشكل غير حكيم بعد أن هزت الاقتصادات الغربية الأزمة المالية العالمية في 2008. في وقت بدى النظام المالي الأمريكي الذي يُعتد به كثيرًا كما لو أنه كان على حافة الهاوية. وبشكل غير حكيم  بدأ القادة الصينيون في الإدلاء بتصريحات تتوقع تراجع مكانة الولايات المتحدة العالمية وتصريحات ترفض محاولات الاحتواء الأمريكي لهم.

من سيفوز في هذا التنافس؟ من هو على المحك؟ ومن سيحكم على الفائز؟  ما هي التغييرات الاستراتيجية التي يتعين على أمريكا إجراؤها عندما لم تعد هي القوة الاقتصادية العالمية المهيمنة؟ السؤال الكبير الذي لا يجرؤ السياسيون الأمريكيون على مخاطبة الجمهور. ليس من المؤكد أن الولايات المتحدة ستفوز في المسابقة لكن لدى الصين فرصة جيدة للظهور والتأثير المهيمن في العالم. في الواقع  بدأ العديد من القادة والمراقبين المدروسين في البلدان الحساسة استراتيجيًا حول العالم في التحضير لعالم قد تصبح الصين القوة العظمى فيه.

ولذلك يجب على الأمريكيين أن ينتبهوا لنصيحة كيشور محبوباني المهمة، والغير مرحب بها على ما يبدو: “تخلصوا من الأوهام حول تفوق الولايات المتحدة الأبدي والفضيلة الاستثنائية المحمية بجدران عالية. وبدلاً من ذلك يجب على واشنطن تبني استراتيجية دولية طويلة الأجل ترتكز على التوازن والتعاون، وإعادة تأسيس داخلي سليم القيادة والحكم، وكسب الأصدقاء في الخارج بدلاً من طرد الحلفاء بعيدًا ؛ وتجنب الإفراط في الالتزام، والتعبير عن التواضع الأخلاقي. 

القوة العسكرية ليست أهم سلاح في ترسانة الديموقراطية وخاصةً أن التنافس الجيوسياسي بين أمريكا والصين أمرٌ لا مفر منه ولكن يمكن تجنبه، وأن النتيجة بمرور الوقت ستعتمد بشكل رئيسي على القدرة أو غيابها عند كلا الجانبين  لفهم واحترام الاختلافات العميقة في الحضارات التي بنيت على مدى مئات بل آلاف السنين ، تلك التي تؤدي إلى اختلاف هياكل الحكم والقيم النسبية فيما يتعلق بالحريات الفردية والاستقرار الاجتماعي والسياسي، ورؤية العوالم من خلال عيون الآخر والنظر في مجموعة المصالح الواسعة المشتركة التي يمكن البناء عليها بين الطرفين. 

يوصى بالكتاب لكل صناع القرار والمفكرين الاستراتيجيين والمستشارين والباحثين والمختصين الأكاديمين وسيعجب القراء الذين يقفون في منطقة الحياد ويقيمون النتائج دون وجهات النظر المسبقه كذلك سيستفيد القراء الأمريكيون والصينيون من حكمة الكاتب حيث يرى أنه وعلى الرغم من الاحتقان المتزايد وسوء الفهم المتبادل ، تعرف كل من الولايات المتحدة والصين في نهاية المطاف أن الحرب بينهما ستكون كارثة. وإنه على القوتين العظيمتين التحلي بالعقلانية العميقة، بحجة أن التحدي الأكبر في عصرنا سيكون في الإجابة على سؤال ما إذا كانت الإنسانية قد فازت. وبصرف النظر عن عنوان الكتاب ومن وجهة نظر محبوباني في هذه اللحظة الحاسمة من التاريخ ، إما أن يفوز الجميع وليس الصين والولايات المتحدة فقط أو لا يفوز أحد.

إعلام المنتدى

العلاقات العامة والإعلام منتدى آسيا والشرق الأوسط المزيد »

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى