الصين والقضية الفلسطينية.. واستعادة التاريخ
الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر رئيس رابطة برلمانيون لأجل القدس
الصين والقضية الفلسطينية.. واستعادة التاريخ
الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر
رئيس رابطة برلمانيون لأجل القدس
الحَديثَ عَنْ العَلاقاتِ العَرَبيَّةِ الصّينيَّةِ يَبْدُو وَكَأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ حَديثٍ تاريخيٍّ مُؤَتَرٍ، واسْتِعادَةٍ لِرِوايَةٍ جَميلَةٍ، رَسَمَتْها خُطَى الرّاحِلَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ غَبَرَ آلَافِ الأَمْيَلِ عَنْ طَريقِ الحَريرِ بَرًّا وَطَريقَ البَخورِ بَحْرًا، فَكَانَتْ المَوَدَّةُ وَالتِّجَارَةُ والتَّفاعُلُ المُسْتَمِرُّ لَيْلًا وَنَهَارًا، بَحْرًا وَبَرًا، وَحِفْظَنا فِي ثَقافَتِنا رُمُوزًا مِنْ سُفَراءِ المَوَدَّةِ أَمْثالَ ابْنِ بَطُّوطَةَ وَكَانَ يَنْجُ وَغَيْرُهُمَا وَخِلَالَ آلَافِ السِّنِينَ مِنْ التَّعاوُنِ والتَّبادُلِ المَنافِعِ تَمَّ رَسْمُ خُطوطِ السَّلامِ بَيْنَ حَضَارَتَيْن عَظِيمْتِيمِ تَنْتَمِيَانِ الَى الشَّرْقِ المُمْتَلِئِ بِحَيَويَّةِ الاُّنسانِ وَروحِ الِانْبِعاثِ القيَميِّ الاخِّلاقيِّ العَظيمِ.
يَكْفِي أَنَّنَا حِينَ نَدْخُلُ فِي ذاكِرَةِ الشَّرْقِ نَجِدُهُ نَظِيفًا مِنْ وَباءِ الِاسْتِعْمارِ البَغيضِ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ العَرَبيِّ والصّينيِّ فِي مُخْتَلَفِ مَراحِلِ التّاريخِ الاُّنسانيّ،ِ هَذَا الشرق اَلَّذِي يَتَمَتيَعُ اغَّلَبَهُ بَحِسِّ الاُّنسانِ الطَّبيعيِّ الرافض للاستعمار والعبودية، والمنطلق نحو التعاون والانفتاح والنشاط.
لَقَدْ حَافَظَتْ جُمْهوريَّةُ الصّينِ مُنْذُ مَا قَبْلَ اسْتِعادَتِها لِمَقْعَدِها فِي الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ عَلَى مَواقِفَ مُؤَيِّدَةٍ لِلْقَضِيَّةِ الفِلَسْطينيَّةِ وَلِنِضالِ الشَّعْبِ الفِلَسْطينيِّ لِنَيْلِ حُقوقِهِ فِي التَّحْرِيرِ والِاسْتِقْلالِ، وَقَطَعَتْ عَلَى نَفْسِها عَهْدًا فِي مُؤْتَمَرِ بانْدونِغْ عَامَ 1955، بِدَعْمِ نِضالِ الشَّعْبِ الفِلَسْطينيِّ حَتَّى نَيْلِ كامِلِ حُقوقِهِ.
الْيَوْمَ فِي الوَقْتِ اَلَّتِي تَتَقَدَّمُ فِيه الصّينُ نَحْوَ العالَمِ بِمَشْروعِها الِاقْتِصاديِّ الاُّنسانيِّ الضَّخْمِ الحِزامِ والطَّريقِ، فَإِنَّهُ لَا يَغيبُ عَنْ الذِّهْنِ إِطْلَاقًا أَنَّ هَذَا المَشْروعَ يَحْتَاجُ بيئَةً صِحّيَّةً سَليمَةً خاليَةً مِنْ اَلْعُدْوانِ والِاحْتِلالِ لِيُحَقِّقَ مُرادَهُ وَأَهْدافَهُ لِجَمِيعِ اَلشُّعوبِ عَلَى امْتِدادِهِ وَخارِجَ مَدَاه، فَهَذَا المَشْروعُ يَتَضَمَّنُ تَجْسيدَ حَقِّ الشُّعوبِ بِاخْتِيَارِ طَريقِها واحْتِرامِ تِلْكَ الْخِيَارَاتِ وَتَحْقيقِ رُؤَاهَا بَعِيدًا عَنْ كُلِّ أَشْكالِ الِانْتِهاكِ، وَاَلْعَداونَ وَفِي ظِلِّ تَفاعُلٍ حَضاريٍّ إِنْسانيٍّ بَعيدٍ عَنْ العُنْصُريَّةِ والِاسْتِغْلالِ بِكُلِّ أَشْكَالِهِ وَأَسوءُ صوَرٍ هوَ الِاحْتِلالُ .
إِنَّ اسْتِمْرارَ الِاحْتِلالِ الإِسْرائيليِّ لِوَطَنِ الشَّعْبِ الفِلَسْطينيِّ وَأَرْضَ أَجْدَادِه، هوَ الِاحْتِلالُ الوَحيدُ المُسْتَمِرُّ إِلَى هَذَا القَرْنِ، وهْوَ أَشَدُّ الأَخْطارِ عَلَى السِّلْمِ والْأَمْنِ فِي المِنْطَقَةِ والْعالَمِ، وَلَهْوَ أَكْبَرُ عَقَبَةٍ أَمَامَ مِنْطَقَةٍ آمِنَةٍ تُشَكِّلُ بيئَةً سَليمَةً لِتَحْقِيقِ مَشْروعِ الحِزامِ والطَّريقِ لِأَهْدَافِهِ فِي خِدْمَةِ شُعوبِ المِنْطَقَةِ والْعالَمِ.
نحن مطالبون بتَقْديمِ تَصَوُّراتٍ وَأَفْكارٍ لِخِدْمَةِ القَضيَّةِ الفِلَسْطينيَّةِ وَتُجَسِّدُ جُمْهوريَّةِ الصّينِ ذَاتِ الثِّقَلِ الِاقْتِصاديِّ والسّياسيِّ فِي إِحْقاقِ الحَقِّ، وَلَجْمِ العُدْوانِ وَكَبْحِ التَّطَرُّفِ اَلَّذِي بَاتَ سِمَةً واضِحَةً لِلْحُكُومَاتِ الإِسْرائيليَّةِ، وَالَّتِي تَتَحَرَّكُ بِغِطاءٍ وَدَعْمٍ لَا مَحْدودٍ مِنْ الإِداراتِ الأَمْريكيَّةِ المُتَعاقِبَةِ مُقابِلَ صَمْتٍ دَوْليٍّ يُغْرِي هَذِهِ الحُكوماتِ، بِمَزِيدٍ مِنْ التَّطَرُّفِ والْعُدْوانِ وَالإِجْرَاءَاتِ العُنْصُريَّةِ، وَالَّتِي تَجَسَّدَتْ بِأَبْشَعِ صوَرِها فِي عَهْدِ الإِدارَةِ الأَمْريكيَّةِ السّابِقَة.
اَلَّتِي وَفَّرَتْ الدَّعْمَ لِما يُسَمَّى قَانُونَ يَهوديَّةِ الدَّوْلَةِ اَلْعُنْصُريِّ، واعْتَرَفَتْ بِالْقُدْسِ المُحْتَلَّةِ عاصِمَةً لِلِاحْتِلَالِ ضارِبَةً عُرْضَ الحائِطِ بِكُلِّ القَوانينِ والْأَعْرافِ الدّوَليَّةِ والْإِنْسانيَّةِ، فَضْلًا عَنْ اعْتِرافِها بِالسِّيَادَةِ الإِسْرائيليَّةِ عَلَى المُسْتَوْطَنَاتِ المُقامَةِ عَلَى الأَرَاضِي الفِلَسْطينيَّةِ، وغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الإِجْراءاتِ بِحَقِّ الأَرْضِ وَالمُقَدَّسَاتِ والْإِنْسانِ، ورغم تَغَيُّرِ الإِدارَةُ إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الإِجْراءاتِ اسْتَمَرَّتْ كَمَا هِيَ.
وعلى صعيد العمل البرلماني، وبصفة رئيس رابطة برلمانيون لأجل القدس، نَتَطَلَّعُ إِلَى تَعاوُنٍ مُباشِرٍ مَعَ مَجْلِسِ الشَّعْبِ الصّينيِّ، وَهِيَ مَعْنيَّةٌ جِدًّا بِعَقْدِ لِقاءاتٍ مَعَ قيادَةِ وَمُمَثِّلِي المَجْلِسِ، وَاسْتِقْبالِهِمْ فِي مَقَرِّ الرّابِطَةِ بِاسْطَنْبولْ، أَوْ زيارَةِ العاصِمَةِ الصّينيَّةِ بِكّينْ، لِتَبَادُلِ الْآرَاءِ وَبِناءِ تَصَوُّراتٍ مُشْتَرَكَةٍ لِدَعْمِ الشَّعْبِ الفِلَسْطينيِّ وَالدِّفَاعِ عَنْ نُوَّابِهِ المُنْتَخَبينَ، وَحِمايَةِ حَضارَتِهِ وَقيَمِهِ وَمُقَدَّسَاتِهِ وَتَناوَلِ مُخْتَلِفِ القَضَايَا اَلَّتِي تَهُمُّ المِنْطَقَةَ وَتُسْهِمُ فِي عَيْشِ شُعوبِها بِأَمْنٍ وَأَمانٍ كامِليْنِ.