أبرز المقومات للتقارب العربي الصيني “القضية الفلسطينية نموذجاً”
داود إبراهيم ذيب عبدالله /باحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة صون يات سان الصينية
أبرز المقومات للتقارب العربي الصيني “القضية الفلسطينية نموذجاً”
- داود إبراهيم ذيب عبدالله
باحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة صون يات سان الصينية
تعود جذور العلاقة بين الصين والدول العربية والإسلامية إلى قبل ألفي سنة، حيث كانت البداية عن طريق الرحالة والرسل وكانت في أسرة خان ثم استمرت في العهد الإسلامي، وكانت في أغلب العصور على شكل علاقة مستقرة وودية، وتفاوتت في قوتها وقربها، والمتتبع للتاريخ يجدها علاقة لا تشوبها شوائب ولم يكن فيها ثأر تاريخي أونزاعات وحروب، ويستخلص منها عدم وجود عداء تاريخي
على الصعيد الثقافي، استفاد العرب من الثقافة الصينية في مجال الفنون وصناعة الخزف والطب وصناعة البارود والورق، كما استفاد الصينيون من العرب في علم الفلك والرياضيات والتقويم الهجري، وتحتوي الثقافة الصينية الكثير من الأمور المشتركة مع الثقافة العربية كإحترام الكبير والأسرى والمعلم وعدم التفرقة، وهذه أمور أصيلة في الثقافة العربية والإسلامية
أما بعد انتهاء الحرب الباردة والهيمنة الأمريكية على كثير من الدول وخاصة الدول العربية، أصبحت واشنطن تتعامل مع الدول الأخرى بنظرة استعمارية فوقية، هذه النظرة جعلت الدول العربية والصينية تتقارب للدفاع عن مصالحها في وجه هذه الهيمنة والتلويح بالعقوبات الاقتصادية والسياسية أو غيرها من الأدوات غير الأخلاقية التي تستخدمها واشنطن ضد الدول الأخرى لفرض سياستها والتدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، ومن تلك الشؤون هي القضية الفلسطينية، التي تعد القضية المركزية للعرب والمسلمين في العالم، وحتى لو تنازلت بعض الحكومات عن موقفها منها أو تخاذلت او أختلف رأيها بفعل تلك الهيمنة والضغوطات، فستبقى مواقفها مختلفة ولا تعبر عن موقف الشعوب الثابت والواضح
كذلك الموقف الصيني موقف واضح وثابت من القضية الفلسطينية وداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وهو موقف من الممكن أن يشكل سببًا من أسباب التقارب مع الشعوب العربية والإسلامية خاصة أن بكين علاقاتها مع العالم العربي مبنية على الاحترام المتبادل وعدم الاعتداء أو التدخل في الشؤون الداخلية والمساواة والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي ورفض الاستعمار
التقارب الصيني العربي، يقف في طريقه بعض المعوقات، ففي الدرجة الأولى تأتي اللغة، فالمجتمع العربي يرى اللغة الصينية صعبة، فينفر من تعلمها مما يؤدي بالضرورة إلى جهل بالثقافة الصينية، ونفس الأمر ينطبق على الشعب الصيني الذي يرى أيضًا اللغة العربية لغة صعبة
العامل الثاني وهو مبني على الأول، وهو عدم معرفة الثقافة العربية بالشكل الصحيح لأن كثير من النخب الصينية وعامة الشعب أخذ نظرتها عن الثقافة العربية من الاعلام الغربي الذي يعمد إلى تشويه تلك الثقافة، لذلك غالبية النخب والشعب الصيني لا يعرف عن الثقافة العربية الا الحروب والفقر وهذا منافي للحقيقة.
ينبغي أن تعمل الدول العربية على دفع الصينين للتعرف على الثقافة العربية بشكل صحيح، والعمل على استثمار أشخاص يتقنون اللغة العربية في الجامعات ومراكز الأبحاث الصينية لتصحيح النظرة عن الثقافة العربية، وكذلك المجتمعات العربية لا تعرف الثقافة الصينية الا من خلال بعض الأفلام، والمطلوب التعاون بين العرب والصينين للعمل على إيصال الثقافة بالشكل الصحيح للأخر
نفس الأمر ينطبق على القضية الفلسطينية، فهناك فشل عربي في تسويق تلك القضية في الصين وغيرها من الدول للأسف، في الوقت الذي تحقق إسرائيل نجاحات في تسويق روايتها والخروج بمظهر المظلوم والضحية، وتحقيق تلك الرواية نجاحًا نسبيًا في الصين وغيريها من البلاد، لا تبدل الدول العربية أي مجهود حقيقي لمواجهة ذلك
ينبغي على العرب التحرك لتصحيح هذا الوضع، والعمل على مواجهة الرواية الإسرائيلية وتسويق القضية الفلسطينية بالشكل الصحيح، والعمل على توعية الشعب الصيني بحقيقة القضية الفلسطينية العادلة، وفي الفترة الأخيرة وخلال العدوان على الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة عام 2021، كان هناك تعاطف وموقف رسمي تشكر عليه الصين تجاه الأحداث
رغم الموقف الصيني الرسمي الداعم يحتاج العرب أن يوضحوا هذه القضية العادلة وشرحها بكل صحيح في الصين، ويجب أن تكون هناك منتديات وتعزيز التواصل مع بعض الجامعات وإنشاء مقررات دراسية خاصة بالثقافة العربية والقضية الفلسطينية وتشكيل منتديات مختصة بالقضية الفلسطينية في الصين