مقالات

أهداف الاستثمار الصيني في القارة الأفريقية

البروفيسور/ عبده مختار موسى أكاديمي وباحث، السودان

نسبة‭ ‬لصعودِ‭ ‬الصِّين‭ ‬غيرِ‭ ‬المَسبوقِ‭ ‬عَبر‭ ‬الأعوامِ‭ ‬الثلاثين‭ ‬الماضية،‭ ‬والذي‭ ‬جعل‭ ‬منها‭ ‬القوة‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬الثَّانية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ – ‬كما‭ ‬تتنبأ‭ ‬المؤسَّساتُ‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬العالميَّة‭ ‬بأنَّ‭ ‬الصينَ‭ ‬سوف‭ ‬تتجاوزُ‭ ‬الولاياتَ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كقوةٍ‭ ‬اقتصاديةٍ‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2027‭ – ‬كان‭ ‬من‭ ‬الطَّبيعي‭ ‬أن‭ ‬ينشغلَ‭ ‬الباحثون‭ ‬والخبراء‭ ‬بالبحثِ‭ ‬عن‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬أسهمت‭ ‬فيه‭. ‬يشيرُ‭ ‬الباحثون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصَّدد‭ ‬إلى‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والأيديولوجية‭ ‬التي‭ ‬أدخلها‭ ‬الزعيمُ‭ ‬الصيني‭ ‬التَّاريخي‭ ‬زدينغ‭ ‬تشاوبنجس،‭ ‬والتي‭ ‬حرَّرَ‭ ‬بها‭ ‬الطَّاقات‭ ‬الصينية‭ ‬وجعلها‭ ‬قِبلةَ‭ ‬الاستثماراتِ‭ ‬العالمية،‭ ‬مما‭ ‬رفع‭ ‬200‭ ‬مليون‭ ‬صيني‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬الفقر،‭ ‬وإلى‭ ‬القوة‭ ‬البشرية‭ ‬الصينية‭ ‬والسياسة‭ ‬الحكيمة‭ ‬التي‭ ‬اتَّبعها‭ ‬الحزبُ‭ ‬الشُّيوعي‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬تنفيذِ‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية،‭ ‬بشكلٍ‭ ‬ساهم‭ ‬في‭ ‬تفادي‭ ‬أخطاء‭ ‬تجربة‭ ‬الإصلاح‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬زجورباتشوفس‭ ‬في‭ ‬الاتِّحاد‭ ‬السوفيتي،‭ ‬والتي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انهياره‭. ‬كما‭ ‬كان‭ ‬لِأسلوب‭ ‬إدارةِ‭ ‬السِّياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الصينية،‭ ‬وتأكيد‭ ‬الطابع‭ ‬السِّلمي‭ ‬لصعود‭ ‬الصين‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬المواجهاتِ‭ ‬الإقليميَّة‭ ‬والدوليَّة،‭ ‬دورٌ‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬تدعيم‭ ‬هذا‭ ‬الصعود‭.‬

الذي‭ ‬يؤكدُ‭ ‬الاهتمامَ‭ ‬الكبير‭ ‬للصِّين‭ ‬بأفريقيا‭ ‬هو‭ ‬تنظيمُها‭ ‬واستضافتها‭ ‬لما‭ ‬يُعـرَف‭ ‬بـ‭ ‬امنتدى‭ ‬التَّعاون‭ ‬الصِّيني‭-‬الأفريقيّ‭ ‬أو‭ ‬اأوفاك‭: ‬OFACس‭ ‬خلال‭ ‬يومَيّ‭ ‬4‭ ‬و‭ ‬5‭ ‬نوفمبر‭ ‬2006،‭ ‬الذي‭ ‬دَشَّـن‭ ‬عصرًا‭ ‬جديدًا‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الصينية‭ ‬الأفريقية،‭ ‬وفي‭ ‬نوفمبر‭/‬تشرين‭ ‬الثاني2007‭ ‬م‭ ‬نظَّمت‭ ‬بكين‭  ‬الملتقى‭ ‬الصِّيني‭ ‬الثَّالث‭ ‬الذي‭ ‬شاركت‭ ‬فيه‭ (‬48‭) ‬دولةً‭ ‬أفريقيةً‭ ‬أعلنت‭ ‬أنَّها‭ ‬خِلال‭ ‬الخمسين‭ ‬عامًا‭ ‬الماضية،‭ ‬قد‭ ‬أعفت‭ (‬31‭) ‬دولةً‭ ‬أفريقية‭ ‬من‭ ‬ديونٍ‭ ‬مُجملِها‭ ‬مليار‭ ‬وثلاثمائة‭ ‬وستون‭ ‬ألف‭ ‬دولار،‭ ‬وأنَّ‭ ‬التِّجارةَ‭ ‬البَيْنِيَّةَ‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ (‬الصين‭ ‬وأفريقيا‭) ‬بلغت‭ ‬30‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وأنَّها‭ ‬قدَّمت‭ ‬مساعداتٍ‭ ‬لـ‭ (‬53‭) ‬دولةً‭ ‬أفريقية،‭ ‬ولديها‭ ‬استثمارات‭ ‬مع‭ ‬28‭ ‬دولةً‭ ‬أفريقية،‭ ‬حيث‭ ‬أنشأت‭ (‬900‭) ‬شركةٍ‭ ‬بالقارةِ‭ ‬السَّمراء،‭ ‬وبالتالي‭ ‬أصبحت‭ ‬منافِسًا‭ ‬قويًا‭ ‬للشركاتِ‭ ‬الأمريكيةِ‭ ‬والفرنسيةِ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬كسوقٍ‭ ‬كانت‭ ‬مغلقةً‭ ‬لهما‭ ‬فيما‭ ‬مضى‭.‬

وطِبقًا‭ ‬لمؤشِّرات‭ ‬التجارة‭ ‬الصينية‭ ‬الأفريقية‭ ‬فإنَّ‭ ‬إجمالي‭ ‬قيمة‭ ‬تجارةِ‭ ‬الصين‭ ‬مع‭ ‬أفريقيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1999‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2004‭ ‬إلى‭ ‬نحوِ‭ ‬29.6‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وارتفعت‭ ‬في‭ ‬نهايةِ‭ ‬عام‭ ‬2005‭ ‬إلى‭ ‬39.7‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

ولا‭ ‬شَكَّ‭ ‬أنَّ‭ ‬التَّغييرَ‭ ‬الحاصلَ‭ ‬في‭ ‬السياسةِ‭ ‬الخارجية‭ ‬الصِّينية‭ ‬تجاه‭ ‬أفريقيا‭ ‬وسعيها‭ ‬الدَّؤوب‭ ‬للحصولِ‭ ‬على‭ ‬النِّفطِ‭ ‬والموادِ‭ ‬الخام،‭ ‬وفتح‭ ‬أسواقٍ‭ ‬أفريقيةٍ‭ ‬جديدة‭ ‬يقلقُ‭ ‬كثيرًا‭ ‬الولاياتِ‭ ‬المتحدةَ‭ ‬والدولَ‭ ‬الغربية‭. ‬فالتقارير‭ ‬والدراسات‭ ‬التي‭ ‬أعدَّتها‭ ‬مراكزُ‭ ‬الأبحاثِ‭ ‬الغربية‭ ‬تعكسُ‭ ‬هذا‭ ‬القلق،‭ ‬لاسِيَّما‭ ‬وأنَّ‭ ‬التحركَ‭ ‬الصيني‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬أخذ‭ ‬يُنحي‭ ‬جانبًا‭ ‬عواملَ‭ ‬السياسة‭ ‬والأيديولوجيا،‭ ‬وذلكَ‭ ‬مقابل‭ ‬هيمنة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والمصالح‭ ‬النَّفعية‭ ‬البحتة،‭ ‬فالصين‭ ‬باتت‭ ‬تفكرُ‭ ‬بمنطقٍ‭ ‬براجماتيٍّ‭ ‬مَصلحيٍّ‭ ‬صَرف؛‭ ‬فهي‭ ‬تهتمُّ‭ ‬بقضايا‭ ‬التجارةِ‭ ‬والاستثمارِ‭ ‬والوصول‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬النفطِ‭ ‬والمواد‭ ‬الخام،‭ ‬أكثرَ‭ ‬من‭ ‬اهتمامها‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬بقضايا‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬الواحدة‭ ‬أو‭ ‬تضامُن‭ ‬العالمِ‭ ‬الثَّالث‭.‬

ويلاحِظُ‭ ‬المحلِّلون‭ ‬أنَّ‭ ‬تزايدَ‭ ‬الاهتمام‭ ‬الصيني‭ ‬بأفريقيا‭ ‬قد‭ ‬ارتبط‭ ‬بعمليَّة‭ ‬إعادةِ‭ ‬تقويمِ‭ ‬دور‭ ‬أفريقيا‭ ‬في‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬الكُبرى‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭/‬أيلول‭ ‬2001،‭ ‬فقد‭ ‬بدأت‭ ‬الولاياتُ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬تنظرُ‭ ‬إلى‭ ‬أفريقيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ثُنائِيَّة‭ ‬موقعها‭ ‬في‭ ‬استراتيجية‭ ‬الحرب‭ ‬ضِدَّ‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وثروتها‭ ‬النِّفطية‭ ‬والمعدنية‭ ‬التي‭ ‬تؤهلها‭ ‬لتكون‭ ‬بديلًا‭ ‬مريحًا‭ ‬لنفطِ‭ ‬الشَّرقِ‭ ‬الأوسط،‭ ‬وعليه‭ ‬فإنَّ‭ ‬الحديثَ‭ ‬عن‭ ‬وجود‭ ‬شراكةٍ‭ ‬استراتيجيةٍ‭ ‬سواء‭ ‬أكانت‭ ‬أمريكيةً‭ ‬أو‭ ‬أوروبيةً‭ ‬أو‭ ‬صينيةً‭ ‬مع‭ ‬أفريقيا؛‭ ‬إنَّما‭ ‬هو‭ ‬حديثٌ‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬أبعادٍ‭ ‬سياسيةٍ‭ ‬وأيديولوجية‭. ‬ولكنَّه‭ ‬بالتأكيد‭ ‬يرتكِزُ‭ ‬على‭ ‬دعائم‭ ‬مصلحيَّة‭ ‬واقتصادية‭ ‬تصبُّ‭ ‬لا‭ ‬محالةَ‭ ‬في‭ ‬قنوات‭ ‬الطَّرفِ‭ ‬القوي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭.‬

تسعى‭ ‬الصينُ‭ ‬لبلوغِ‭ ‬هدفها‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بخلقِ‭ ‬نظامٍ‭ ‬دوليٍ‭ ‬جديدٍ‭ ‬أحد‭ ‬مُرتكزاتِه‭ ‬أفريقيا‭ ‬وتكون‭ ‬الصين‭ ‬أحد‭ ‬أقطابِه،‭ ‬ولكنَّ‭ ‬هذا‭ ‬السَّعي‭ ‬يتمُّ‭ ‬بالطريقة‭ ‬الصينية‭  ‬التي‭ ‬تضمنُ‭ ‬لها‭ ‬تحقيق‭ ‬مصالِحها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخاصَّة‭ ‬لتكون‭ ‬مظلةً‭ ‬لتحقيقِ‭ ‬الهدف‭ ‬الاستراتيجيّ‭ ‬الأكبر،‭  ‬وللمحافظةِ‭ ‬على‭ ‬معدلِ‭ ‬النُّمو‭ ‬الثَّابت‭ ‬الذي‭ ‬يبلغ‭ ‬9%‭ ‬رأى‭ ‬الخبراءُ‭ ‬الصينيون‭ ‬أنَّه‭ ‬بالسيرِ‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المعدلِ‭ ‬الثابت؛‭ ‬فإنَّ‭ ‬مصادرَ‭ ‬الطاقةِ‭ ‬المحليةِ‭ ‬ستنخفضُ‭ ‬انخفاضًا‭ ‬شديدًا،‭ ‬وبحلولِ‭ ‬العام‭ ‬2045م‭ ‬سيكون‭ ‬اعتمادُ‭ ‬الصينِ‭ ‬على‭ ‬مصادرَ‭ ‬خارجيةٍ‭ ‬للطاقة‭ ‬يبلغ‭ ‬45%‭ ‬من‭ ‬احتياجاتها،‭ ‬وفي‭ ‬إطارِ‭ ‬سَعيها‭ ‬للطاقةِ‭ ‬دخلت‭ ‬الصين‭ ‬إفريقيا‭ ‬وبدأت‭ ‬تتغلغلُ‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬النُّفوذ‭ ‬الأمريكي‭ ‬مثل‭: ‬نيجيريا،‭ ‬وجنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬والدول‭ ‬الفرانكفونية،‭ ‬والأنجلوفونية،‭ ‬مكانَ‭ ‬النفوذ‭ ‬الفرنسيِّ‭ ‬والبريطانيِّ‭ ‬على‭ ‬التَّوالي‭.‬

التَّحدي‭ ‬الصِّيني‭ ‬للغرب‭ ‬في‭ ‬أفريقيا

في‭ ‬المجالِ‭ ‬الاقتصاديّ‭ ‬تحوّلَ‭ ‬تواجدُ‭ ‬وممارسات‭ ‬الشَّركات‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬بسرعةٍ‭ ‬إلى‭ ‬سِماتٍ‭ ‬دائمةٍ‭ ‬للمشهدِ‭ ‬الاقتصاديّ‭ ‬الأفريقيّ،‭ ‬ومما‭ ‬سبَّب‭ ‬الذعرَ‭ ‬لدى‭ ‬الجهاتِ‭ ‬الفاعلةِ‭ ‬واللاعبين‭ ‬التَّقليديين‭ ‬الغربيين؛‭ ‬أنَّهم‭ ‬اكتشفوا‭ ‬أنَّ‭ ‬نفوذَهم‭ ‬وهيمنتهم‭ ‬غير‭ ‬المُتنازَع‭ ‬عليهما‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬يتعرضان‭ ‬للتَّحدي‭ ‬من‭ ‬قبلِ‭ ‬شركاتٍ‭ ‬صينيةٍ‭ ‬مُتَعدِّدة‭ ‬الجنسيات‭ ‬عدوانية‭ ‬متواطِئة‭ ‬مع‭ ‬الدَّولةِ‭ ‬الصينية‭. ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬رئيسُ‭ ‬مجلسِ‭ ‬أفريقيا‭ ‬للشراكات‭ ‬اCorporate Council on Africaب‭ ‬وهي‭ ‬جماعةُ‭ ‬ضغطٍ‭ ‬أمريكيةٍ‭ ‬متمركزة‭ ‬في‭ ‬واشنطن‭ ‬العاصمة،‭ ‬مُعرِبًا‭ ‬عن‭ ‬قلقه‭: ‬زنتيجةً‭ ‬لعدم‭ ‬اتِّخاذ‭ ‬الشركاتِ‭ ‬الأمريكيةِ‭ ‬مزيدًا‭ ‬من‭ ‬المبادراتِ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬فإنَّنا‭ ‬سوف‭ ‬نفقدُ‭ ‬حصةً‭ ‬مهمةً‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬لصالحِ‭ ‬الصينيينس‭.‬

كما‭ ‬خسرت‭ ‬الشركاتُ‭ ‬الغربية‭ ‬أيضًا‭ ‬عقودًا‭ ‬في‭ ‬البنيةِ‭ ‬التَّحتية‭ ‬لصالح‭ ‬عروض‭ ‬صينية،‭ ‬وبشكلٍ‭ ‬أعمّ،‭ ‬فإنَّ‭ ‬المنتجاتِ‭ ‬الصينية‭ ‬منخفضةَ‭ ‬التكلفةِ‭ ‬قد‭ ‬أجبرت‭ ‬المنتجين‭ ‬الغربيين‭ ‬على‭ ‬إخلاءِ‭ ‬السَّاحةِ‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬كلِّ‭ ‬الميادين،‭ ‬عدا‭ ‬في‭ ‬المجالِ‭ ‬الصَّغير‭ ‬لسوقِ‭ ‬منتجاتِ‭ ‬التِّقنية‭ ‬العالية‭ ‬أو‭ ‬منتجاتِ‭ ‬التَّرفِ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬المشكلةِ‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬الشركاتِ‭ ‬الغربيةَ‭ ‬هو‭ ‬أجندة‭ ‬االحكم‭ ‬الرَّشيدب‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬حكوماتُها‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذِها،‭ ‬والمُتضمَّنة‭ ‬في‭ ‬مبادراتٍ‭ ‬أفريقيةٍ‭ ‬مثل‭ ‬الشراكة‭ ‬الجديدة‭ ‬لتنميةِ‭ ‬أفريقيا‭ (‬نيباد‭:‬NEPAD‭: ‬New Partnership for African Development‭)‬،‭ ‬أو‭ ‬الاتِّحاد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬والتي‭ ‬بات‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬بشكلٍ‭ ‬متزايدٍ‭ ‬كمسؤوليةٍ‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المؤسَّسات‭ ‬الأفريقية‭ ‬والغربية‭ ‬على‭ ‬حدٍّ‭ ‬سواء‭. ‬وكما‭ ‬أوضح‭ ‬رئيسُ‭ ‬لجنة‭ ‬النُّهوضِ‭ ‬بالاستثمارِ‭ ‬في‭ ‬نيجيريا‭: ‬زالولايات‭ ‬المتَّحدة‭ ‬سوف‭ ‬تحدثكم‭ ‬عن‭ ‬الحكم،‭ ‬والكفاءة،‭ ‬والأمن‭ ‬وعن‭ ‬البيئة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنَّ‭ ‬الصينيين‭ ‬يسألونك‭ ‬فقط‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬يمكننا‭ ‬شراء‭ ‬هذا‭ ‬التَّرخيص؟س‭.‬

كذلك‭ ‬ما‭ ‬يُثير‭ ‬قلقَ‭ ‬الولاياتِ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬بصفتها‭ ‬قوة‭ ‬عُظمى‭ ‬وأكبر‭ ‬مستثمرٍ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬هو‭ ‬دورُ‭ ‬الصِّين‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬القارة،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬فإنَّ‭ ‬أهدافَ‭ ‬الصين‭ ‬لا‭ ‬تُرى‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬زاويةٍ‭ ‬واحدةٍ‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬تحركات‭ ‬الدَّولةِ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خِلال‭ ‬منظورٍ‭ ‬أوسع‭ ‬متمثل‭ ‬في‭ ‬السياساتِ‭ ‬الاستراتيجيةِ‭ ‬العالمية،‭ ‬وكما‭ ‬أعلنَ‭ ‬مسؤولٌ‭ ‬في‭ ‬وزارةِ‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬جلسةٍ‭ ‬علنيَّةٍ‭ ‬عُقدت‭ ‬من‭ ‬قِبل‭ ‬الكونجرس‭ ‬الأمريكي‭ ‬قائلًا‭:‬

اتلعب‭ ‬الصين‭ ‬دورًا‭ ‬متزايدَ‭ ‬التأثيرِ‭ ‬على‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬وهناك‭ ‬قلقٌ‭ ‬من‭ ‬أنَّ‭ ‬الصينَ‭ ‬تعتزمُ‭ ‬مساعدةَ‭ ‬وتحريضَ‭ ‬الحكام‭ ‬الأفارقةِ‭ ‬المُستبدِّين،‭ ‬ووضع‭ ‬يدها‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعيةِ‭ ‬الثمينةِ‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬وأن‭ ‬تتسببَ‭ ‬في‭ ‬تراجعِ‭ ‬الكثيرِ‭ ‬من‭ ‬التَّقدم‭ ‬الذي‭ ‬تمَّ‭ ‬إحرازُه‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الديمقراطيةِ‭ ‬والحُكم‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس‭ ‬عشرة‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬الدُّولِ‭ ‬الأفريقية‭.‬ب‭ ‬

وقد‭ ‬شكَّلت‭ ‬زيارةُ‭ ‬الرئيسِ‭ ‬الصيني‭ ‬اهو‭ ‬جين‭ ‬تاوب‭ ‬لأفريقيا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2009‭ ‬نقطةَ‭ ‬تحولٍ‭ ‬كبيرةٍ‭ ‬في‭ ‬إطارِ‭ ‬سياسةِ‭ ‬الصين‭ ‬الجديدة‭ ‬تجاه‭ ‬القارة،‭ ‬وقال‭ ‬دبلوماسيٌّ‭ ‬صينيٌّ‭ ‬معلقًا‭ ‬على‭ ‬الزيارة‭ ‬بأنَّها‭ ‬تعكسُ‭ ‬حقيقةَ‭ ‬أنَّ‭ ‬التزام‭ ‬بكين‭ ‬بالقارة‭ ‬يتجاوزُ‭ ‬النفطَ‭ ‬والمناجمَ‭ ‬والصفقات،‭ ‬وقد‭ ‬زار‭ ‬اهـو‭ ‬جين‭ ‬تاوب‭ ‬مالي،‭ ‬والسِّنغال،‭ ‬وتنزانيا،‭ ‬وموريشيوس‭ ‬في‭ ‬الفترةِ‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬10‭ ‬و‭ ‬17‭ ‬فبراير‭ ‬2009،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬السِّياق‭ ‬قدمت‭ ‬الصين‭ ‬قروضًا‭ ‬لأفريقيا‭ ‬بقيمة‭ ‬10‭ ‬بليون‭ ‬دولار‭ ‬على‭ ‬مَدى‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مؤتمرِ‭ ‬شرم‭ ‬الشيخ‭ ‬الذي‭ ‬انعقد‭ ‬في‭ ‬9/11/2009‭. ‬

لقد‭ ‬حرَّك‭ ‬التواجدُ‭ ‬العلني‭ ‬للصينِ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬خيالَ‭ ‬العالم،‭ ‬فالتغلغل‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬بكين‭ ‬ذ‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬سابقًا‭ ‬مشاركًا‭ ‬متحمِّسًا‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬ذ‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬لم‭ ‬يتميز‭ ‬باعتباراتٍ‭ ‬أيديولوجية‭ ‬ولكن‭ ‬بتركيزٍ‭ ‬على‭ ‬الاستحواذِ‭ ‬على‭ ‬الثرواتِ‭ ‬الطبيعية‭ ‬والانتهازيَّة‭ ‬التجارية،‭ ‬فالتجارةُ‭ ‬البَينيَّة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تقفُ‭ ‬على‭ ‬عتبةِ‭ ‬مليار‭ ‬دولارٍ‭ ‬أمريكي‭ ‬عام‭ ‬2000م،‭ ‬شهدت‭ ‬طفرةً‭ ‬بلغت‭ ‬50‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬عام‭ ‬2006م،‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الصين‭ ‬ثالثَ‭ ‬أكبر‭ ‬شريكٍ‭ ‬تجاريٍّ‭ ‬للقارةِ‭ ‬بعد‭ ‬الولاياتِ‭ ‬المتحدةِ‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وفي‭ ‬الفترةِ‭ ‬نفسها‭ ‬قفزت‭ ‬حصَّةُ‭ ‬الصين‭ ‬من‭ ‬صادراتِ‭ ‬أفريقيا‭ ‬من‭ ‬2.6‭ ‬إلى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬9.3‭ ‬بالمِائة،‭ ‬وقد‭ ‬أصبحت‭ ‬الشريكَ‭ ‬التجاريَّ‭ ‬الأولَ‭ ‬للعديدِ‭ ‬من‭ ‬الوفورات‭ ‬التي‭ ‬تعتمدُ‭ ‬على‭ ‬السِّلع‭ ‬في‭ ‬القارة‭.‬

تشكِّلُ‭ ‬مبادرةُ‭ ‬اطريق‭ ‬الحريرب‭ ‬الصينيّ‭ ‬مكسبًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬لأفريقيا،‭ ‬وهي‭ ‬مبادرةٌ‭ ‬أطلقتها‭ ‬الصينُ‭ ‬في‭ ‬عامِ‭ ‬2013م،‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬احزام‭ ‬واحد‭- ‬طريق‭ ‬واحدب‭ ‬الذي‭ ‬يُراد‭ ‬به‭ ‬ربط‭ ‬سككي‭ ‬بينَ‭ ‬الصينِ‭ ‬وآسيا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬من‭ ‬أجلِ‭ ‬تسهيل‭ ‬المبادلات‭ ‬التِّجارية‭ ‬بينهم،‭ ‬حيث‭ ‬شَمِل‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬طرقَ‭ ‬التجارةِ‭ ‬البريَّة‭ ‬والبحريَّة‭ ‬التي‭ ‬ضمَّت‭ ‬أفريقيا‭ ‬وبلدانَ‭ ‬المغربِ‭ ‬العربيَّ‭.‬

لم‭ ‬يَعُدْ‭ ‬مشروعُ‭ ‬احزام‭ ‬طريق‭ ‬الحرير‭ ‬الاقتصاديب‭ ‬الصيني‭ ‬مجرَّدَ‭ ‬خطة،‭ ‬إذْ‭ ‬تعملُ‭ ‬بكين‭ ‬على‭ ‬جبهاتٍ‭ ‬تَطالُ‭ ‬كلًا‭ ‬من‭ ‬آسيا‭ ‬وأوروبا‭ ‬وأفريقيا‭ ‬لتنفيذِ‭ ‬استراتيجيةٍ‭ ‬تجاريةٍ‭ ‬تعتبرُ‭ ‬الأضخمَ‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬من‭ ‬حيثُ‭ ‬الرَّبط‭ ‬التِّجاري‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وحجم‭ ‬الاستثماراتِ‭ ‬الصينيةِ‭ ‬التي‭ ‬تضخُّها‭ ‬في‭ ‬الاقتصاداتِ‭ ‬المُستهدفةِ‭ ‬بالمشروعِ‭ ‬من‭ ‬جهةٍ‭ ‬أخرى‭.‬

وخلال‭ ‬السنواتِ‭ ‬الثَّلاث‭ (‬2015‭ ‬ذ‭ ‬2018‭) ‬بلغ‭ ‬متوسطُ‭ ‬الاستثمارِ‭ ‬السَّنوي‭ ‬للصينِ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬دولار،‭ ‬وشَهِدَت‭ ‬البنيةُ‭ ‬التَّحتيةُ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬تحسنًا‭ ‬بفضلِ‭ ‬خطَطِ‭ ‬التَّعاون،‭ ‬التي‭ ‬يُتَوقعُ‭ ‬أن‭ ‬تحقِّقَ‭ ‬للقارةِ‭ ‬طرقًا‭ ‬سريعةً‭ ‬بطول‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬كم،‭ ‬وطاقةَ‭ ‬موانئٍ‭ ‬تبلغ‭ ‬85‭ ‬مليون‭ ‬طُنٍ‭ ‬كلَّ‭ ‬عام،‭ ‬وخلق‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬900‭ ‬ألف‭ ‬وظيفة‭.‬

إنَّ‭ ‬صندوقَ‭ ‬التنميةِ‭ ‬الصيني‭ ‬سيعملُ‭ ‬خلال‭ ‬المرحلةِ‭ ‬المُقبِلةِ‭ ‬على‭ ‬توسيعِ‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬السمراء‭ ‬على‭ ‬نحوٍ‭ ‬أقوى،‭ ‬وصندوق‭ ‬التَّنمية‭ ‬الصينية‭ ‬هو‭ ‬صندوق‭ ‬استثمارٍ‭ ‬في‭ ‬الأسهمِ‭ ‬يديره‭ ‬بنكُ‭ ‬التنميةِ‭ ‬الصينيّ‭ ‬وتبلغُ‭ ‬قيمة‭ ‬محفظته‭ ‬نحو‭ ‬10‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭.‬

وتُعَــد‭ ‬أفريقيا‭ ‬حلقةَ‭ ‬وصلٍ‭ ‬مهمَّةٍ‭ ‬بالنسبةِ‭ ‬للصين‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬مدِّ‭ ‬نفوذها‭ ‬التجاري‭ ‬بشكلٍ‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬عبرَ‭ ‬طريق‭ ‬الحرير،‭ ‬الذي‭ ‬تنوي‭ ‬أن‭ ‬تضخَّ‭ ‬فيه‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬خلال‭ ‬ثلاثين‭ ‬عامًا‭ ‬من‭ ‬أجلِ‭ ‬بناء‭ ‬الطرقِ‭ ‬والموانئِ‭ ‬وخطوط‭ ‬السككِ‭ ‬الحديديَّةِ‭ ‬والمناطق‭ ‬الصناعيَّة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يمرُّ‭ ‬بها‭ ‬الطريق،‭ ‬بما‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تيسير‭ ‬التجارة‭ ‬وفتح‭ ‬طرقٍ‭ ‬جديدةٍ‭ ‬أمامَ‭ ‬ثاني‭ ‬أكبر‭ ‬قوةٍ‭ ‬اقتصاديةٍ‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬وترى‭ ‬مؤسَّساتٌ‭ ‬دوليةٌ‭ ‬مثل‭ ‬البنك‭ ‬الدَّولي‭ ‬في‭ ‬طريقِ‭ ‬الحرير‭ ‬بين‭ ‬القارةِ‭ ‬الأفريقية‭ ‬والصين‭ ‬والهند،‭ ‬حدودًا‭ ‬اقتصاديةً‭ ‬جديدة‭.‬

لقد‭ ‬سعى‭ ‬الرَّئيسُ‭ ‬الصيني‭ ‬اشي‭ ‬جين‭ ‬بينغب‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبةٍ‭ ‬إلى‭ ‬التأكيدِ‭ ‬على‭ ‬أنَّ‭ ‬طريقَ‭ ‬الحريرِ‭ ‬لا‭ ‬يستهدفُ‭ ‬تحالفًا‭ ‬جيوسياسيًّا‭ ‬أو‭ ‬عسكريًا،‭ ‬وعرضَ‭ ‬الرئيسُ‭ ‬الصيني‭ ‬بينغ‭ ‬في‭ ‬مَطلع‭ ‬سبتمبر‭ ‬2018‭ ‬تمويلًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لأفريقيا‭ ‬بقيمة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬60‭ ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬وشَطْبِ‭ ‬جزءٍ‭ ‬من‭ ‬ديونِ‭ ‬الدولِ‭ ‬الأكثر‭ ‬فقرًا‭ ‬في‭ ‬القارة‭. ‬وعلى‭ ‬عكسِ‭ ‬اتِّهامات‭ ‬الغرب‭ ‬للصين‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬بأنّها‭ ‬تنهبُ‭ ‬ثرواتِ‭ ‬القارةِ،‭ ‬وأنَّها‭ ‬مفترِسٌ‭ ‬اقتصادي‭ ‬في‭ ‬أفريقيا،‭ ‬إلّا‭ ‬أنَّ‭ ‬دراسةً‭ ‬ميدانيةً‭ ‬ذ‭ ‬أجرتها‭ ‬شركةُ‭ ‬ماكينزي‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬ذ‭ ‬بيَّنت‭ ‬أنَّه‭ ‬ضمن‭ ‬حوالي‭ ‬1000‭ ‬شركةٍ‭ ‬صينيةٍ‭ ‬تعملُ‭ ‬في‭ ‬ثماني‭ ‬دولٍ‭ ‬أفريقيَّة،‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬89%‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬من‭ ‬العمالةِ‭ ‬المحلية،‭ ‬وأظهرت‭ ‬البياناتُ‭ ‬الصادرةُ‭ ‬عن‭ ‬مبادرةٍ‭ ‬بحثيةٍ‭ ‬حول‭ ‬الصين‭ ‬وأفريقيا‭ ‬بجامعة‭ ‬اجونز‭ ‬هوبكنزب‭ ‬أنَّ‭ ‬الصين‭ ‬قدمت‭ ‬قُرابةَ‭ ‬114‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬كقروضٍ‭ ‬لأفريقيا‭ ‬في‭ ‬الفترةِ‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2000‭ ‬إلى‭ ‬عام‭ ‬2016،‭ ‬وفي‭ ‬النِّصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2018‭ ‬تجاوز‭ ‬إجمالي‭ ‬الاستثماراتِ‭ ‬الصينيةِ‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬100‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

إذاً،‭ ‬بصورةٍ‭ ‬عامة‭ ‬تتمحورُ‭ ‬أهدافُ‭ ‬الاستثمارِ‭ ‬الصيني‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬في‭ ‬العوامل‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬المختلفة‭ ‬مثل‭: ‬زيادة‭ ‬الاستثمار،‭ ‬التَّبادل‭ ‬التِّجاري،‭ ‬تعظيم‭ ‬الأرباح‭ …‬إلخ،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬الأيديولوجيا‭ ‬أو‭ ‬العلاقاتُ‭ ‬السياسيةُ‭ ‬ذاتَ‭ ‬أولويةٍ‭ ‬في‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬دولِ‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية،‭ ‬والدليلُ‭ ‬على‭ ‬ذلكَ‭ ‬أنَّها‭ ‬تتعاملُ‭ ‬مع‭ ‬كلّ‭ ‬الأنظمةِ‭ ‬السياسيةِ‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬بمختلفِ‭ ‬أشكالها‭ ‬وتوجهاتها‭: ‬الدكتاتورية،‭ ‬العسكرية،‭ ‬والشمولية،‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬وحتى‭ ‬الإسلامية‭ (‬مثل‭ ‬السودان‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬البشير‭)‬،‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬سعيِها‭ ‬لتشكيلِ‭ ‬نظامٍ‭ ‬دوليٍ‭ ‬جديد‭ ‬تزيلُ‭ ‬منه‭ ‬السيطرةَ‭ ‬الأمريكية‭ ‬الأحادية،‭ ‬إنَّما‭ ‬غايةُ‭ ‬ذلك‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافٍ‭ ‬استراتيجيةٍ‭ ‬اقتصادية،‭ ‬والمحافظة‭ ‬على‭ ‬معدلِ‭ ‬نموِّها‭ ‬السنوي‭ ‬في‭ (‬9%‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬أنَّها‭ ‬لا‭ ‬تتدخلُ‭ ‬سياسيًا‭ ‬في‭ ‬الشؤونِ‭ ‬الداخليةِ‭ ‬للدول‭ ‬التي‭ ‬تستثمرُ‭ ‬فيها،‭ ‬وتتبع‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أسلوبَ‭ ‬الدُّبلوماسيَّةِ‭ ‬النَّاعِمة‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى