مقالات

منظمـة اتحـــاد الملايو الوطنية “أمنـو”

صهيب أحمد - باحث في شؤون جنوب شرق آسيا

أقدم‭ ‬المنظمات‭ ‬السياسية‭ ‬القائمة‭ ‬في‭ ‬ماليزيا‭ ‬تبلورت‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال‭, ‬وتحالفت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬عقد‭ ‬اجتماعي‭ ‬وسياسي‭. ‬أول‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬السياسية‭ ‬وأكبرها‭ ‬هو‭ ‬منظمة‭ ‬اتحاد‭ ‬الملايو‭ ‬الوطنية‭ (‬UMNO‭) ‬وهو‭ ‬الكيان‭ ‬الذي‭ ‬مثّل‭ ‬مصالح‭ ‬الأكثرية‭ ‬من‭ ‬عرقية‭ ‬المالايو‭ ‬وهويتها‭ ‬الثقافية‭ ‬وثانيها‭ ‬كان‭ ‬رابطة‭ ‬الصينيين‭ ‬الماليزيين‭ (‬MCA‭ ) ‬الذي‭ ‬ناب‭ ‬عن‭ ‬العرقية‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬ماليزيا‭ ‬وثالثها‭ ‬المؤتمر‭ ‬الهندي‭ ‬الماليزي‭( ‬MIC‭ )‬الذي‭ ‬عبر‭ ‬عن‭ ‬الاقلية‭ ‬من‭ ‬العرقية‭ ‬الهندية‭. ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬التحالف‭ ‬بقيادة‭ ‬منظمة‭ ‬الملايو‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬مسيرة‭ ‬الماليزيين‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬أغسطس‭ ‬1957،‭ ‬وهو‭ ‬التحالف‭ ‬الذي‭ ‬سيطر‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬المركزية‭ ‬والسلطات‭ ‬المحلية‭ ‬لأغلب‭ ‬الولايات‭ ‬طوال‭ ‬ستة‭ ‬عقود‭ ‬عبر‭ ‬انتخابات‭ ‬برلمانية‭ ‬كانت‭ ‬نزيهة‭ ‬غالب‭ ‬الأحيان‭ ‬وكان‭ ‬حزب‭ ‬الملايو‭ ‬هو‭ ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬التحالف‭ ‬طوال‭ ‬تلك‭ ‬السنين‭. ‬والتزمت‭ ‬حكومة‭ ‬التحالف‭ ‬طوال‭ ‬6‭ ‬عقود‭ ‬بالمبادئ‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬التعايش‭ ‬بين‭ ‬الأعراق‭ ‬وتحقيق‭ ‬سياسة‭ ‬التمييز‭ ‬الإيجابي‭ ‬للملايو‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬التحالف‭ ‬والحكومة‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬د‭. ‬مهاتير‭ ‬محمد‭ ‬‭ (‬بين‭ ‬1981‭ ‬ذ‭ ‬2003‭) ‬وحقق‭ ‬النهضة‭ ‬والتنمية‭ ‬الماليزية‭ ‬وعزز‭ ‬الاستقرار‭ ‬الاجتماعي‭, ‬وهو‭ ‬التحالف‭ ‬الذي‭ ‬قاده‭ ‬محمد‭ ‬نجيب‭ ‬عبدالرزاق‭ (‬2009‭ ‬ذ‭ ‬2018‭) ‬وخسر‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2018‭.‬

منذ‭ ‬إنشاء‭ ‬منظمة‭ (‬UMNO‭) ‬في‭ ‬1947‭ ‬حدثت‭ ‬عدة‭ ‬انشقاقات‭ ‬داخلها‭ ‬وتشكلت‭ ‬على‭ ‬أثرها‭ ‬أحزاب‭ ‬وتيارات‭ ‬سياسية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬أول‭ ‬هذه‭ ‬الانشقاقات‭ ‬كان‭ ‬انشقاق‭ ‬التيار‭ ‬المحافظ‭ ‬داخل‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬1951‭, ‬وتأسيس‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬اليوم‭ ‬بالحزب‭ ‬الإسلامي‭ ‬الماليزي‭ (‬PAS‭). ‬ثاني‭ ‬أقدم‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ ‬من‭ ‬عرقية‭ ‬المالاي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬وثاني‭ ‬أكبرها‭ ‬اليوم‭ ‬بعدد‭ ‬أعضائه‭ (‬يصل‭ ‬العدد‭ ‬إلى‭ ‬1‭ ‬مليون‭ ‬عضو‭) ‬بعد‭ ‬حزب‭ (‬UMNO‭) ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬عضو‭ (‬10%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬سكان‭ ‬ماليزيا‭ ‬في‭ ‬2018‭). ‬وقد‭ ‬شكل‭ ‬حزب‭ (‬PAS‭)‬‭ ‬دائماً‭ ‬معارضةً‭ ‬ليست‭ ‬بالبسيطة‭ ‬لسياسات‭ ‬التحالف‭ ‬الحاكم‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬هوية‭ ‬المالايو‭ ‬المسلمة‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الهوية‭ ‬من‭ ‬واجبات‭ ‬في‭ ‬زأسلمةس‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬الماليزي‭ ‬وتمكين‭ ‬الخطاب‭ ‬والقواعد‭ ‬والأحكام‭ ‬الإسلامية‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬السياسية‭. ‬ولتبنيه‭ ‬خطاباً‭ ‬دينياً‭, ‬لم‭ ‬يلق‭ ‬الحزب‭ ‬قبولاً‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬الماليزي‭ ‬ولدى‭ ‬الأقليات‭ (‬بناء‭ ‬على‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬والانتخابات‭ ‬الفيدرالية‭ ‬منذ‭ ‬الاستقلال‭) ‬أمام‭ ‬الخطاب‭ ‬الوطني‭ ‬الحديث‭ ‬للتحالف‭ ‬الحاكم‭. ‬بقيت‭ ‬قواعد‭ (‬PAS‭) ‬الشعبية‭ ‬محصورةً‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تكاد‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المالاي‭ ‬المسلمين‭, ‬وهي‭ ‬المناطق‭ ‬الأقل‭ ‬تقدماً‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ (‬شمال‭ ‬وشمال‭ ‬شرق‭ ‬ماليزيا‭ ‬الغربية‭). ‬وباستثناء‭ ‬فترة‭ ‬قصيرة‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬السبعينات‭, ‬بقي‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬المعارضة‭ ‬للحكومة‭ ‬الفيدرالية‭ ‬منذ‭ ‬الاستقلال‭ ‬ولم‭ ‬يدخلها‭ ‬حتى‭ ‬تشكلت‭ ‬الحكومة‭ ‬الماليزية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬2020‭.‬

الانشقاق‭ ‬الثاني‭ ‬الهام‭ ‬الذي‭ ‬طرأ‭ ‬على‭ (‬UMNO‭) ‬هو‭ ‬الانشقاق‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬به‭ ‬أنور‭ ‬إبراهيم‭ (‬الرجل‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬الحزب‭ ‬وقتئذٍ‭) ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الخلاف‭ ‬مع‭ ‬زعيم‭ ‬الحزب‭ ‬وصانع‭ ‬النهضة‭ ‬الماليزية‭ ‬د‭. ‬مهاتير‭ ‬محمد‭ ‬والذي‭ ‬يعزوه‭ ‬الكثيرون‭ ‬إلى‭ ‬الخلاف‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬بين‭ ‬الرمزين‭. ‬أدى‭ ‬ذلك‭ ‬الخلاف‭ ‬إلى‭ ‬اتهام‭ ‬أنور‭ ‬بتهم‭ ‬جنائية‭ ‬وأخلاقية‭ – ‬اعتبرها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المراقبين‭ ‬كتهمٍ‭ ‬مسيسةٍ‭ – ‬قادت‭ ‬إلى‭ ‬إيداعه‭ ‬السجن‭ ‬لمدة‭ ‬5‭ ‬أعوام‭ (‬1999‭ – ‬2004‭), ‬ومنعه‭ ‬من‭ ‬ممارسة‭ ‬العمل‭ ‬السياسي‭ ‬حتى‭ ‬2008‭ ‬وكذلك‭ ‬انشقاق‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬قادة‭ ‬وأعضاء‭ ‬حزب‭ (‬UMNO‭) ‬المقربين‭ ‬منه‭. ‬ورغم‭ ‬أن‭ ‬أغلب‭ ‬تلك‭ ‬القيادات‭ ‬التي‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬أنور‭ ‬وتصالحت‭ ‬مع‭ ‬الحزب‭ ‬وعادت‭ ‬إليه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬أنور‭ ‬إبراهيم‭ ‬شرع‭ ‬من‭ ‬السجن‭ ‬وبمعاونة‭ ‬زوجته‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬كحزبٍ‭ ‬سياسيٍ‭ ‬جديد‭ ‬يعارض‭ ‬التحالف‭ ‬الحاكم‭ ‬ويتبنى‭ ‬أجندات‭ ‬إصلاحية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والإداري‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬الحريات‭ ‬السياسية‭ ‬والعامة‭ ‬في‭ ‬ماليزيا‭. ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬2003‭, ‬اندمج‭ ‬حزب‭ ‬العدالة‭ ‬مع‭ ‬حزب‭ ‬الشعب‭ (‬حزب‭ ‬للأقليات‭ ‬الصينية‭ ‬والهندية‭) ‬وتبنى‭ ‬سياسات‭ ‬أكثر‭ ‬انفتاحاً‭ ‬أمام‭ ‬التنوع‭ ‬العرقي‭ ‬الماليزي‭. ‬أدت‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬إلى‭ ‬دخول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭ ‬العرقية‭ ‬إلى‭ ‬الحزب‭ ‬والصعود‭ ‬على‭ ‬سلم‭ ‬المراتب‭ ‬والمناصب‭ ‬فيه‭ ‬ليكون‭ ‬أول‭ ‬حزب‭ ‬ماليزي‭ ‬كبير‭ ‬يمثل‭ ‬بذاته‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والعرقي‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬الماليزية‭. ‬واستطاع‭ ‬الحزب‭ ‬منذ‭ ‬إنشائه‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬أن‭ ‬يؤسس‭ ‬قاعدةً‭ ‬شعبيةً‭ ‬حقيقيةً‭ ‬ليصبح‭ ‬بسرعة‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬الأحزاب‭ ‬السياسية‭ (‬يقترب‭ ‬عدد‭ ‬الأعضاء‭ ‬من‭ ‬1‭ ‬مليون‭ ‬عضو‭) ‬وينافس‭ ‬كلاً‭ ‬من‭ ‬الحزبين‭ ‬القديمين‭ (‬UMNO‭) ‬و‭ (‬PAS‭ ) ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الشعبية‭ ‬وقوة‭ ‬المؤسسة‭ ‬الحزبية‭ ‬وتنظيمها‭. ‬وبقي‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬المعارضة‭ ‬لتحالف‭ ‬UMNO‭ ‬الحاكم‭, ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬عبر‭ ‬انتخابات‭ ‬‭ ‬2018‭.‬

ثالث‭ ‬الانشقاقات‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬كانت‭ ‬انشقاق‭ ‬كامل‭ ‬الفرع‭ ‬الخاص‭ ‬بالحزب‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬صباح‭ (‬شرق‭ ‬ماليزيا‭), ‬وتأسيس‭ ‬المنشقين‭ ‬لحزب‭ ‬جديد‭ ‬ينافس‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المحلية‭ ‬وعلى‭ ‬تمثيل‭ ‬الولاية‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬البرلمان‭ ‬الفيدرالي‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إقامة‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬الخاصة‭ ‬بالولايات‭ ‬الشرقية‭ ‬جديداً‭ ‬فمنذ‭ ‬انضمام‭ ‬الولايتين‭ ‬إلى‭ ‬الاتحاد‭ ‬الماليزي‭ ‬وبسبب‭ ‬الخصوصية‭ ‬الثقافية‭ ‬والسياسية‭ ‬لهما‭ ‬أنشئت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأحزاب‭ ‬التي‭ ‬تشارك‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬المحلية‭ ‬للولايتين‭ ‬وانتخابات‭ ‬التمثيل‭ ‬المركزي‭. ‬لكن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الانشقاق‭ ‬الأول‭ ‬والوحيد‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬في‭ (‬UMNO‭) ‬كانشقاق‭ ‬لكامل‭ ‬قيادات‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الولايات‭ ‬الماليزية‭ ‬وتأسيس‭ ‬حزب‭ ‬جديد‭. ‬وانضم‭ ‬الحزب‭ ‬إلى‭ ‬تحالف‭ ‬المعارضة‭ ‬وفاز‭ ‬في‭ ‬انتخابات‭ ‬2018‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬ولايتها‭ ‬واستلم‭ ‬مسؤولية‭ ‬حكومتها‭.‬

الانشقاق‭ ‬الرابع‭ ‬الذي‭ ‬غيّر‭ ‬تاريخ‭ (‬UMNO‭) ‬هو‭ ‬الانشقاق‭ ‬الفردي‭ ‬لـ‭ ‬د‭. ‬مهاتير‭ ‬محمد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2016‭, ‬وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬الأسباب‭ ‬المختلف‭ ‬عليها‭ ‬لوقوعه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مشهد‭ ‬اليوم‭ ‬يقر‭ ‬بحقيقة‭ ‬الأثر‭ ‬الكبير‭ ‬لهذا‭ ‬الانشقاق،‭ ‬فبعد‭ ‬أن‭ ‬خرج‭ ‬د‭. ‬مهاتير‭ ‬من‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬قام‭ ‬بتشكيل‭ ‬بتشكيل‭ ‬حزبٍ‭ ‬سياسيٍ‭ ‬جديدٍ‭ ‬سمي‭ ‬بحزب‭ “‬أبناء‭ ‬الأرض‭ ‬المالاي‭ / ‬PPBM‭” ‬لينازع‭ (‬UMNO‭) ‬على‭ ‬التمثيل‭ ‬التاريخي‭ ‬لعرقية‭ ‬المالايو‭ ‬في‭ ‬ماليزيا‭ ‬ويضع‭ ‬الحزب‭ ‬نصب‭ ‬عينيه‭ ‬مهمة‭ ‬إسقاط‭ ‬التحالف‭ ‬الحاكم‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬اعتبار‭. ‬ورغم‭ ‬حداثة‭ ‬الحزب‭ ‬وقلة‭ ‬عدد‭ ‬الذين‭ ‬انضموا‭ ‬إليه‭ ‬قادمين‭ ‬من‭ (‬UMNO‭) ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرمزية‭ ‬التاريخية‭ ‬للدكتور‭ ‬مهاتير‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الترتيبات‭ ‬والتوافقات‭ ‬التي‭ ‬تبعت‭ ‬الانشقاق‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬خروج‭ ‬UMNO‭ ‬من‭ ‬السلطة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البلاد‭, ‬ووصول‭ ‬د‭. ‬مهاتير‭ ‬إلى‭ ‬مقعد‭ ‬رئاسة‭ ‬الوزراء‭ ‬للمرة‭ ‬الثانية‭ ‬بعد‭ ‬انتخابات‭ ‬2018‭.‬

فيما‭ ‬يخص‭ ‬الحزب‭ ‬الإسلامي‭ ‬الماليزي‭ (‬PAS‭)‬‭ ‬فلقد‭ ‬مر‭ ‬أيضاً‭ ‬بعدة‭ ‬انشقاقات‭ ‬طوال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬ولادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬حزب‭ ‬وجمعية‭ ‬إسلامية‭ ‬في‭ ‬ماليزيا‭. ‬لكن‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬الانشقاقات‭ ‬كانت‭ ‬صغيرة‭ ‬ولم‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬مسيرة‭(‬PAS‭)‬‭ ‬ولم‭ ‬تصنع‭ ‬فارقاً‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬الماليزي‭ ‬باستثناء‭ ‬الانشقاق‭ ‬الأخير‭. ‬ففي‭ ‬العام‭ ‬2016‭, ‬بعدما‭ ‬رفض‭ ‬الحزب‭ ‬الإسلامي‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬الأقليات‭ ‬للانتخابات‭ ‬القادمة‭, ‬وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬خروج‭ ‬د‭. ‬مهاتير‭ ‬من‭ (‬UMNO‭), ‬انشقت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬النخبة‭ ‬القيادية‭ ‬لـ‭ (‬PAS‭)‬‭  ‬ليشكلوا‭ ‬حزباً‭ ‬إسلامياً‭ ‬جديداً‭ ‬باسم‭ ‬زحزب‭ ‬الأمانة‭ ‬الوطني‭ / ‬Amanahس‭. ‬يصنف‭ ‬الحزب‭ ‬بأنه‭ ‬حزب‭ ‬إسلامي‭ ‬ليبرالي‭, ‬كانت‭ ‬النخبة‭ ‬القيادية‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬الأكثر‭ ‬انفتاحاً‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬والتحالف‭ ‬مع‭ ‬أحزاب‭ ‬الأقليات‭, ‬وتحالفت‭ ‬معهم‭ ‬ومع‭ ‬د‭. ‬مهاتير‭ ‬بعكس‭ ‬الحزب‭ ‬الإسلامي‭ ‬الذي‭ ‬رفض‭ ‬ذلك‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التحالفات‭. ‬وبانضمامه‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬التحالف‭ ‬أوصل‭ ‬الحزب‭ ‬رئيسه‭ ‬إلى‭ ‬مقعد‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬الماليزي‭ ‬بعد‭ ‬الفوز‭ ‬بانتخابات‭ ‬2018‭.‬

أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأحزاب‭ ‬التي‭ ‬تكونت‭ ‬بعيداً‭ ‬عن‭ ‬الانشقاقات‭ ‬فأهمها‭ ‬هو‭ ‬حزب‭ ‬العمل‭ ‬الديموقراطي‭ (‬DAP‭ ) ‬الذي‭ ‬ينحدر‭ ‬أغلبية‭ ‬قياداته‭ ‬من‭ ‬العرقية‭ ‬الصينية‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حضور‭ ‬قيادات‭ ‬وأعضاء‭ ‬من‭ ‬العرقية‭ ‬الهندية‭. ‬تشكل‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬أواسط‭ ‬الستينيات‭ ‬لمعارضة‭ ‬العقد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬القائم‭ ‬والتحالف‭ ‬الحاكم‭ ‬للبلاد‭ ‬وبالذات‭ ‬ضد‭ ‬سياسة‭ ‬التمييز‭ ‬الإيجابي‭ ‬لصالح‭ (‬الملايو‭)  ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬السياسية‭ ‬والإدارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬داعياً‭ ‬إلى‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬وترسيخ‭ ‬قاعدة‭ ‬المواطنة‭ ‬المتساوية‭ ‬للجميع‭ . ‬بقي‭ ‬الحزب‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه‭ ‬في‭ ‬المعارضة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬الفيدرالي‭ ‬حتى‭ ‬انتخابات‭ ‬2018‭ ‬حين‭ ‬وصل‭ ‬الحزب‭ ‬إلى‭ ‬الحكومة‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬وتم‭ ‬اختيار‭ ‬زعيم‭ ‬الحزب‭ ‬كأول‭ ‬وزير‭ ‬مالية‭ ‬ماليزي‭ ‬من‭ ‬الأقليات‭.‬

صهيب أحمد

باحث في شؤون جنوب شرق آسيا

Leave a Reply

Back to top button