تقارير

العلاقات الثنائية بين ماليزيا والصين والولايات المتحدة

م. أفندي صالح أستاذ العلاقات الدولية جامعة السلطان زين العابدين ماليزيا

يمنح‭ ‬الموقع‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬لماليزيا‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬شرق‭ ‬آسيا‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬ذي‭ ‬الغالبية‭ ‬المسلمة‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًا‭ ‬في‭ ‬ديناميكيات‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬لاسيما‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬سعي‭ ‬القوتين‭ ‬لتعزيز‭ ‬نفوذهما‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬تبنّت‭ ‬ماليزيا‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬براغماتية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬اقتصادية‭ ‬ودبلوماسية،‭ ‬عبر‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬ودّية‭ ‬ومتوازنة‭ ‬مع‭ ‬الجانبين‭. ‬وتعكس‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬مزيجًا‭ ‬من‭ ‬الانخراط‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيادة،‭ ‬والموازنة‭ ‬بين‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬والفرص‭ ‬الاقتصادية‭.‬

وتستعرض‭ ‬هذه‭ ‬المقالة‭ ‬العلاقات‭ ‬الماليزية‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬من‭ ‬زاويتين‭ ‬تاريخية‭ ‬ومعاصرة،‭ ‬واستراتيجية‭ ‬كوالالمبور‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التحديات‭ ‬والفرص‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬التنافس‭ ‬الجيوسياسي‭.‬

العلاقات‭ ‬الماليزية‭ ‬مع‭ ‬الصين

ترتكز‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬ماليزيا‭ ‬والصين‭ ‬على‭ ‬جذور‭ ‬تاريخية‭ ‬تعود‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬التجارة‭ ‬القديمة‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬سلطنة‭ ‬ملقا‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الرابع‭ ‬عشر،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث،‭ ‬فقد‭ ‬تأثرت‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬بالخلافات‭ ‬الأيديولوجية‭ ‬وبالاعتبارات‭ ‬الأمنية‭ ‬الإقليمية‭. ‬وكانت‭ ‬ماليزيا‭ ‬أول‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬رابطة‭ ‬آسيان‭ ‬تُقيم‭ ‬علاقات‭ ‬دبلوماسية‭ ‬رسمية‭ ‬مع‭ ‬جمهورية‭ ‬الصين‭ ‬الشعبية،‭ ‬في‭ ‬31‭ ‬مايو‭ ‬1974‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬تون‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق،‭ ‬حيث‭ ‬اعتبرت‭ ‬خطوة‭ ‬استراتيجية‭ ‬جريئة‭ ‬خلال‭ ‬ذروة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة،‭ ‬هدفت‭ ‬إلى‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬وتعزيز‭ ‬أمن‭ ‬المنطقة‭. ‬

ومثّل‭ ‬إضفاء‭ ‬الطابع‭ ‬الرسمي‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬انطلاقةً‭ ‬لعهد‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬البراغماتي،‭ ‬حيث‭ ‬انسجمت‭ ‬سياسة‭ ‬الصين‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬التدخل‭ ‬مع‭ ‬رغبة‭ ‬ماليزيا‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السيادة‭ ‬والاستقرار‭ ‬الإقليمي‭. ‬

وعلى‭ ‬مدى‭ ‬العقود‭ ‬اللاحقة،‭ ‬عمّق‭ ‬القادة‭ ‬الماليزيون‭ ‬من‭ ‬مهاتير‭ ‬محمد‭ ‬إلى‭ ‬أنور‭ ‬إبراهيم‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة،‭ ‬مع‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التجارة،‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬الإقليمية،‭ ‬والتعليم،‭ ‬والتبادل‭ ‬الثقافي،‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭.‬

ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬باتت‭ ‬الصين‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الأكبر‭ ‬لماليزيا‭ ‬للعام‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬حجم‭ ‬التبادل‭ ‬التجاري‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬رقمًا‭ ‬قياسيًا‭ ‬بلغ‭ ‬212‭.‬04‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي،‭ ‬وتسجّل‭ ‬اليوم‭ ‬الاستثمارات‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬ماليزيا‭ ‬نموًا‭ ‬متسارعًا،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬مبادرة‭ ‬الحزام‭ ‬والطريق،‭ ‬التي‭ ‬وفّرت‭ ‬فرصًا‭ ‬اقتصادية‭ ‬كبيرة‭ ‬للطرفين‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬التأكيد‭ ‬الصيني‭ ‬المتكرر‭ ‬على‭ ‬مطالبها‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يشكّل‭ ‬تحديًا‭ ‬لاستقرار‭ ‬ماليزيا‭ ‬وسيادتها‭ ‬البحرية‭.‬

فقد‭ ‬وثقت‭ ‬القوات‭ ‬البحرية‭ ‬وخفر‭ ‬السواحل‭ ‬الماليزي‭ ‬حالات‭ ‬متكررة‭ ‬لتوغّل‭ ‬السفن‭ ‬الصينية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الخالصة‭ ‬للبلاد،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تفضيل‭ ‬ماليزيا‭ ‬النهج‭ ‬الدبلوماسي،‭ ‬برزت‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬أصوات‭ ‬داخلية‭ ‬تطالب‭ ‬بموقف‭ ‬أكثر‭ ‬حزمًا‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬السيادة‭ ‬الوطنية‭. ‬

وفي‭ ‬عهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الحالي‭ ‬أنور‭ ‬إبراهيم،‭ ‬أصبحت‭ ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬أكثر‭ ‬ديناميكية‭ ‬واستمرارًا‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت،‭ ‬حيث‭ ‬تبنّى‭ ‬أنور‭ ‬سياسة‭ ‬خارجية‭ ‬واقعية‭ ‬ممزوجة‭ ‬بأجندته‭ ‬الإصلاحية،‭ ‬مركّزًا‭ ‬على‭ ‬الحوكمة‭ ‬الرشيدة،‭ ‬والالتزام‭ ‬بالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتوسيع‭ ‬قاعدة‭ ‬الشركاء‭. ‬

وفي‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬نجح‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬تعهدات‭ ‬استثمارية‭ ‬صينية‭ ‬تجاوزت‭ ‬170‭ ‬مليار‭ ‬رينجت‭ ‬ماليزي،‭ ‬وأعاد‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬ماليزيا‭ ‬لـ»مدونة‭ ‬السلوك‮»‬‭ ‬بين‭ ‬آسيان‭ ‬والصين‭ ‬بشأن‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬حماية‭ ‬المصالح‭ ‬الماليزية‭ ‬دون‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬صدامات‭ ‬غير‭ ‬ضرورية‭.‬

العلاقات‭ ‬الماليزية‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة

تقوم‭ ‬العلاقات‭ ‬الماليزية‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬راسخة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬التجاري‭ ‬والدفاعي‭ ‬والتعليمي‭. ‬فمنذ‭ ‬الاستقلال،‭ ‬حافظت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬مكانتها‭ ‬كشريك‭ ‬تجاري‭ ‬ومستثمر‭ ‬استراتيجي‭ ‬رئيسي‭ ‬لماليزيا،‭ ‬وقد‭ ‬تعمق‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬ليشمل‭ ‬ملفات‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب‭.‬

ورغم‭ ‬حدوث‭ ‬توترات‭ ‬عرضية،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬مهاتير‭ ‬محمد‭ ‬الذي‭ ‬اتّسم‭ ‬خطابه‭ ‬بانتقادات‭ ‬واضحة‭ ‬للسياسات‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فإن‭ ‬العلاقات‭ ‬بقيت‭ ‬متماسكة‭. ‬وقد‭ ‬شاركت‭ ‬ماليزيا‭ ‬في‭ ‬مبادرات‭ ‬أمريكية‭ ‬مثل‭ ‬الشراكة‭ ‬عبر‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ‭ (‬TPP‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬احتفاظها‭ ‬بموقف‭ ‬نقدي‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬السياسات‭ ‬التدخلية،‭ ‬خاصة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالصراع‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سعت‭ ‬واشنطن‭ ‬وكوالالمبور‭ ‬إلى‭ ‬تجديد‭ ‬التعاون،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إطار‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لمنطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ (‬IPEF‭)‬،‭ ‬وزيادة‭ ‬التبادلات‭ ‬العسكرية‭ ‬والبرامج‭ ‬التعليمية‭. ‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬الصين‭ ‬الشريك‭ ‬التجاري‭ ‬الأكبر،‭ ‬فإن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬حليفًا‭ ‬اقتصاديًا‭ ‬أساسيًا،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬قطاعات‭ ‬الإلكترونيات‭ ‬وأشباه‭ ‬الموصلات‭. ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬وسّعت‭ ‬شركة‭ ‬إنتل‭ ‬الأمريكية‭ ‬استثماراتها‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬بينانغ،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬ثقة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الصناعية‭ ‬الماليزية‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تلعب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التعليم‭ ‬العالي،‭ ‬والابتكار،‭ ‬والتعاون‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الرقمي‭. ‬وترى‭ ‬حكومة‭ ‬أنور‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬شريك‭ ‬ضروري‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التحديث‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمرونة‭ ‬التكنولوجية‭.‬

أما‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأمنية،‭ ‬فهناك‭ ‬تعاون‭ ‬وثيق‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬مناورات‭ ‬عسكرية‭ ‬مشتركة،‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية،‭ ‬ومكافحة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وبناء‭ ‬القدرات‭ ‬الدفاعية،‭ ‬وتُقدّر‭ ‬واشنطن‭ ‬مساعي‭ ‬أنور‭ ‬إبراهيم‭ ‬الإصلاحية،‭ ‬وترى‭ ‬في‭ ‬نهجه‭ ‬الديمقراطي‭ ‬فرصة‭ ‬لتوسيع‭ ‬الشفافية‭ ‬وتعزيز‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

التوازن‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬الشيوعية‭ ‬وأمريكا‭ ‬الديمقراطية

تُعد‭ ‬قدرة‭ ‬ماليزيا‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬متوازنة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نموذجًا‭ ‬على‭ ‬نضج‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية،‭ ‬ويمكن‭ ‬وصف‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬بـ»الانحياز‭ ‬المرن‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬الحياد‭ ‬التام،‭ ‬بل‭ ‬اتباع‭ ‬براغماتية‭ ‬متكيّفة‭ ‬مع‭ ‬الظروف،‭ ‬تراعي‭ ‬المصالح‭ ‬الوطنية‭ ‬دون‭ ‬الارتهان‭ ‬لأي‭ ‬طرف‭.‬

كما‭ ‬تواصل‭ ‬ماليزيا‭ ‬دعمها‭ ‬الثابت‭ ‬لمنظمة‭ ‬آسيان‭ ‬وحركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز،‭ ‬باعتبارهما‭ ‬مرجعيتين‭ ‬تتيحان‭ ‬لها‭ ‬التحرك‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬إقليمي‭ ‬مستقل،‭ ‬مع‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سيادتها‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬تعمق‭ ‬ماليزيا‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬متوسطة‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬اليابان،‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية،‭ ‬والهند،‭ ‬والاتحاد‭ ‬الأوروبي‭. ‬وتُسهم‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬طرف‭ ‬واحد‭ ‬وتعزيز‭ ‬قدرة‭ ‬ماليزيا‭ ‬التفاوضية‭ ‬والدبلوماسية‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬يؤكد‭ ‬مبدأ‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬لأنور‭ ‬إبراهيم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ماليزيا‭ ‬ستقرر‭ ‬مسارها‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬الوطنية،‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬الضغوط‭ ‬الخارجية‭. ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬دعم‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬النزاعات‭ ‬البحرية،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬رغم‭ ‬حساسية‭ ‬الغرب،‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الحياد‭ ‬في‭ ‬النزاع‭ ‬الروسي‭ ‬الأوكراني‭.‬

تُجسّد‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الماليزية،‭ ‬كما‭ ‬رسمها‭ ‬أنور‭ ‬إبراهيم،‭ ‬نموذجًا‭ ‬متميزًا‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬التنافس‭ ‬العالمي‭ ‬المتصاعد‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬اتباع‭ ‬نهج‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬المبادئ‭ ‬والبراغماتية،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬دون‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬السيادة،‭ ‬أثبتت‭ ‬ماليزيا‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬المتوسطة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مؤثرًا‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬المعاصر،‭ ‬وشق‭ ‬مسارات‭ ‬مستقلة‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬التنافس‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬العظمى،‭ ‬وسواءً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬منظمة‭ ‬آسيان‭ ‬الإقليمية،‭ ‬أو‭ ‬تعميق‭ ‬الشراكات‭ ‬متعددة‭ ‬الأقطاب،‭ ‬أو‭ ‬تأكيد‭ ‬السيادة‭ ‬في‭ ‬بحر‭ ‬الصين‭ ‬الجنوبي‭.‬

إن‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬في‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الصين‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬شراكاتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬والمتعددة‭ ‬الأطراف،‭ ‬تمثل‭ ‬نموذجًا‭ ‬ملهمًا‭ ‬لدول‭ ‬أخرى‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقلال‭ ‬قرارها‭ ‬الخارجي‭ ‬بشكل‭ ‬ودي‭ ‬وسط‭ ‬تصاعد‭ ‬الاستقطاب‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭.‬

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button