تقارير

تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على قطاع الطاقة الياباني

ربحي خلف

تأثير الحرب الروسية في أوكرانيا على قطاع الطاقة الياباني

ربحي خلف

بعد أكثر من ستة أشهر على بداية الحرب الروسية على أوكرانيا تتوالى الأزمات الدولية جراء تداعياتها، على عدة مجالات منها أزمة الطاقة التي بدأت تشكل تحدياً كبيراً وسلاحاً مهماً في المعركة بين روسيا من جهة والغرب وحلفائه من جهة أخرى، وكذلك أزمة تصدير الحبوب وما نتج عنها من تهديد بالمجاعة في مناطق عدة من العالم.

اليابان التي تقع على الطرف الشرقي لحدود روسيا، إحدى تلك الدول التي تأثرت بالحرب خاصة في مجال الطاقة، واتخذت موقفاً مسانداً لأوكرانيا، وشاركت في فرض عقوبات على روسيا في عدة مجالات ولكنها في الوقت نفسه – كما حال أغلب الدول – اتخذت مواقف براغماتية في المجال الاقتصادي مع موسكو.

فهي لم تنسحب من مشروع “سخالين 1&2″، كما لم يلغِ رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا منصب وزير التعاون الاقتصادي مع روسيا في تعديله الوزاري في شهر أغسطس 2022 وهي الدولة الوحيدة التي خصصت لها وزارة للتعاون الاقتصادي منذ عام 2016.

ومع تصاعد أزمة الطاقة العالمية نتيجة الحرب فإن خريطة مصادر الطاقة اليابانية قد ازدادت تعقيداً وحساسية، فاليابان جزيرة لا تستطيع شراء الكهرباء، وزادت التوترات الجيوسياسية في أوروبا من الطلب العالمي على النفط والغاز الشرق أوسطي، مما دفع رئيس الوزراء الياباني للقيام بجولة خليجية في شهر أغسطس 2022 لتعزيز شراكات بلاده مع دول المنطقة وضمان حصصها في مصادر الطاقة التقليدية إلى حين توفر البدائل الكافية.

وفيما يلي توضيح لخريطة مصادر الطاقة في اليابان:

  • تعتمد اليابان في توليد الطاقة الكهربائية على النفط والغاز والفحم بنسبة 85% تقريباً، والذي تستورد نحو 90% منه من دول الخليج العربي.
  • قبل عام 2010 كانت تولد 30% من الطاقة الكهربائية باستخدام المفاعلات النووية، لكنها أغلقت المفاعلات الـ 36 تدريجياً بعد حادثة التسرب النووي في مفاعل فوكوشيما عام 2011 نتيجة مخاوف السلامة النووية وضغط الرأي العام الياباني.
  • رغم التقدم الملحوظ في مجال مصادر الطاقة البديلة (الطاقة الشمسية، الرياح، التوربينات البحرية) إلا أنها لا زالت تشكل نحو 18% فقط من إجمالي مصادر الطاقة في البلاد بحسب بيانات وكالة الموارد الطبيعية والطاقة عام 2019.
  • لدى اليابان خطةً طموحةً لتصل نسبة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة إلى 40% عام 2040 كجزء من خطتها نحو تصفير الانبعاث الكربوني عام 2050.

 

اتجاهات معالجة أزمة الطاقة في مرحلة الحرب الروسية وما بعدها

إحدى البدائل السريعة لخفض فاتورة الطاقة على الاقتصاد الياباني هي إعادة تشغيل المفاعلات النووية في ظل تصاعد أزمة الطاقة عالمياً، وتهديدات روسيا السابقة تجاه حصص الشركات اليابانية في مشروعي سخالين والذي يشكل نحو 10% من اعتمادها على الطاقة.

هذه التحديات دفعت اليابان لتشغيل 7 محطات نووية هذا الصيف مدفوعة بدعم شعبي هو الأعلى منذ كارثة فوكوشيما، بلغ نحو 60% بحسب المدير التنفيذي السابق لوكالة الطاقة الدولية “نوبو تاناكا” معللاً ذلك باحتمال حدوث أزمات خطيرة بحلول نهاية العام في حال عدم وجود طاقة نووية في بلاده تسد العجز المتوقع.

يضاف إلى تحديات توفير الطاقة، تحدٍ مهم بتوفيرها بأسعار معقولة في ظل الارتفاع الكبير لأسعار النفط والغاز عالمياً، مما يشكل عبئاً إضافياً على الاقتصاد الياباني الذي يسعى للتعافي من آثار جائحة كورونا، ويعمل مسؤولوه على استعادة مستويات النمو فيما قبل العام 2020، حيث عانى من جفاف لعامين عجاف نتيجة الجائحة، وبدأ– كما معظم اقتصادات العالم – التعافي من آثار الجائحة الاقتصادية.

وعلى الرغم من ارتفاع عدد حالات الإصابة بكوفيد-19 في البلاد، إلا أن الحكومة اليابانية رفعت القيود المفروضة وحالة الطوارئ الجزئية أواخر مارس من العام الجاري، مما انعكس انتعاشاً قوياً في استهلاك الخدمات والإنفاق الخاص، إضافةً إلى نمو الاستثمارات الرأسمالية بحسب بيانات مصرف “بي إن بي باريبا”.

ختاماً، لا شك بأن تداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا وما تبعها من أزمة في الطاقة عالمياً ألقى ظلالاً من الخوف على العالم بأجمع، واليابان كثالث أكبر اقتصاد فيه.

ومع اقتراب فصل الشتاء لابد لليابان أن تمضي في اشتقاق معادلة جديدة لضمان تدفق مصادر توليد الطاقة لديها، معادلة تتضمن متغيرات متعددة سواءً كانت قديمة أم جديدة وبنسب مختلفة.

فالطاقة البديلة والنووية وحصص اليابان في مشروعي سخالين ستضمن في المدى القريب تقليل آثار الاعتماد على نفط وغاز الشرق الأوسط ذي الأسعار المرتفعة نتيجة الأزمة العالمية، الأمر الذي قد يدفع طوكيو لبحث بدائل أيضاً للنفط والغاز من مصادر أخرى ولو على المديين المتوسط والبعيد.

 

 

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button