
الموقع الجغرافي
تقع جمهورية إندونيسيا في جنوب شرق آسيا، وتضمُّ 17508جزيرة، ويبلغ عدد سكَّانها حوالي 276 مليون شخص، وهو ما يجعلها رابع أكبر دولةٍ من حيث عدد السُّكان، وأكبر بلدٍ ذي غالبيةٍ سكانيةٍ مُسلمة، وهي أكثر منطقةٍ في العالم عُرضةً للزلازل كونها تقع ضمن حِزام النَّار في المحيط الهادئ، وتُعد (جاوة) التي يعيش عليها أكثر من نصفِ سكان البلاد وتضم العاصمةَ (جاكرتا)؛ أكبر جزيرةٍ مأهولةٍ بالسُّكان في العالم.
تشترك إندونيسيا بحدودٍ بريَّةٍ مع: بابوا غينيا الجديدة، وتيمور الشرقية، وماليزيا، وتشمل الدُّول القريبة الأخرى سنغافورة، والفلبين، وأستراليا، والأراضي الهندية من جزر أندامان ونيكوبار، وهي أحدُ الأعضاء المؤسِّسين لرابطةِ دول جنوب شرق آسيا المعروفةِ باسم (آسيان)، وعضو في مجموعة (العشرين للاقتصادات الرئيسية)، ويعدُّ اقتصادها الثامن عشر عالميًّا من حيث الناتجِ المحلي الإجمالي الاسمي، والخامس عشر من حيث القوة الشِّرائية.
التسمية
أصبح الاسمُ الرسمي للبلادِ (إندونيسيا) وقت الاستقلال، وكانت تُعرف سابقًا باسم (جزر الهند الشَّرقية الهولنديَّة)، لكن يرجَّح أن الاسم استُخدم في القرنِ الثامن عشر، ويُعتقد أنَّه مشتقٌّ من الكلمةِ اليونانية (indos) التي تعني الهند، و(nesos) التي تعني الجزيرة.
استخدمت الأكاديمياتُ الهولندية مصطلحَي: أرخبيل الملايو (بالهولندية: Maleische Archipel)، والهند الشَّرقية الهولندية (بالهولندية: Nederlandsch Oost Indië) في منشوراتِ الهند الشرقية، عِوضًا عن استخدام كلمةِ إندونيسيا، وقد أصبح اسمُ إندونيسيا أكثر شهرةً في الأوساطِ الأكاديميَّة خارج هولندا مع بدايةِ القرن العشرين.
الاستقلال
نهاية القرن السَّادس عشر عرفت هولندا الجُزرَ الإندونيسيَّة، واستعمرتها عبر شركةِ الهند الشرقية الهولندية، التي أُسِّست بمرسومٍ صدر في 1602م من الحكومةِ الهولندية، والذي خُولت بمقتضاه حق احتكارِ التِّجارة، واتِّخاذ الإجراءات الكفيلةِ بردع أيِّ معاملةٍ سيئةٍ يتعرض لها الهولنديون، وكذلك حق عقد معاهداتٍ مع حكام الشَّرق باسم الحكومةِ الهولندية، وبناء القِلاع، وتعيين الحكَّام والقُضاة في المواقعِ التابعة، وتطبيق القانون وتوفير النِّظامِ في مثل تلك المناطق.
مارست الشَّركة التعذيبَ والقتل الجماعيّ، ونشرت تجارةَ العبيد في مُستعمراتها خلال القرنين الـ 17 و 18م، وخلال استيلاءِ هولندا على جزيرةِ (باندا) عام 1621م قتل القائدُ الهولندي جميعَ السُّكان تقريبًا، وللسيطرةِ على القُرنفل في (جزر مالوكو) أحرق الجنود القُرى والمحاصيل، وبعد ذلك بسنوات، وتحديدًا عام 1740م قُتل 10آلاف شخصٍ في جاكرتا، وبعد أن تفكَّكت الشركة، سيطرت الحكومةُ الهولنديَّة مباشرةً على الجزرِ الإندونيسية، وفي عام 1824م وقِّعت (معاهدة لندن) بين بريطانيا وهولندا بسبب الحربِ بين البلدين على الجزر، نصَّت المعاهدة على سيطرةِ هولندا على مُستعمراتِ أوروبا في إندونيسيا، وسيطرةِ بريطانيا على ماليزيا، وخلالَ تلك الفترة قامت العديدُ من الثَّورات ضدَّ المستعمِر الهولندي.
هزمت اليابان القوات الهولنديَّة في إندونيسيا خلال الحربِ العالميةِ الثانية، وسيطرت على البلادِ في ظلِّ حركةٍ قوميةٍ وإسلاميةٍ سعَت للاستقلال، وبعد يومين من استسلام اليابانِ في أغسطس/1945م، أعلن قادةُ التَّحرر الوطني الاستقلال، لكنَّ هولندا حاولت إعادةَ سيطرتها على البلاد، فجُوبِهَت بالثورةِ الوطنيةِ الإندونيسيَّة أو «حرب استقلال إندونيسيا»، وانتهت باعتراف هولندا باستقلالها في 1949م، وخلالها قتلت هولندا حوالي 150 ألف إندونيسيّ، واعتذرت لاحقًا عن بعضِ المجازر.
لم تتخذ البلادُ شكلها الحالي إلّا بعد أن اعترفت الأممُ المتَّحدة بالقسمِ الغربي لغينيا الجديدة كجزءٍ من إندونيسيا في عام 1969م، وتمَّ دمج الإقليم البُرتغالي السابق لتيمور الشَّرقية في عام 1976م، وبعد استفتاء نظَّمته الأممُ المتحدة في عام 1999م أعلنت تيمور الشَّرقية استقلالها، وأصبحت تتمتع بالسِّيادةِ الكاملةِ في عام 2002م.
السكان
تتكون إندونيسيا من مجموعاتٍ عرقيةٍ ولغويةٍ ودينيةٍ مختلفةٍ منتشرة ومتفرِّقة عبر العديد من الجزر، تضمُّ البلاد أكثر من 300 مجموعةٍ عرقيةٍ مختلفة، وترتبط الغالبيَّة العُظمى من الإندونيسيين بشعوبِ شرق آسيا، على الرغم من وجود اختلاطٍ كبير على مرِّ القرون مع العرب والهنود والأوروبيين، إلا أنَّ معظم الناس في الجزرِ الشرقية من أصلٍ ميلانيزي.
يبلغ عددُ سكان إندونيسيا حوالي 276 مليون نسَمة، يتركَّز نصفهم تقريبًا في جزيرةِ جاوة، رغم أنَّ مساحتها أقل من 7% من مساحةِ البلاد، ويُشير الشِّعار الوطني الإندونيسي (Bhinneka Tunggal Ika) الذي يعني (الوحدة في التنوع)، إلى التَّنوع الاستثنائيِّ للسُّكان.
وتوجد في إندونيسيا 721 لغةً، واللُّغة الوطنية الرسميَّة هي الإندونيسيَّة، وهي إحدى لغاتِ الملايو، وتدرَّس بشكلٍ واسعٍ في المدارس، ويعتنق 88٪ تقريبًا من الإندونيسيين الإسلام، فيما يعتنق الباقي المسيحيَّة، والهندوسيَّة، أو أقلياتٍ أخرى.
دخل الإسلامُ لأول مرة في إندونيسيا في شمال (سومطرة) في القرنِ الثَّالث عشر الميلادي من خلال تأثير التُّجار، وأصبح الدِّين السَّائد في البلاد في القرنِ السَّادس عشر، بينما وصلت الكاثوليكيَّة الرومانيَّة إلى إندونيسيا من قِبَل المستعمرين والمبشِّرين البرتغاليين الأوائل.
ورغم عدد سكَّانها الكبير والمناطق المكتظَّةِ بالسُّكان، فإنَّه توجد في إندونيسيا مساحاتٌ شاسعةٌ من الأراضي البريَّة تجعلها في المرتبةِ الثانيةِ من حيث مستوى التَّنوع الحيويِّ في العالم.
السياسة
يُعتبر النِّظام السِّياسي الإندونيسي نظامًا جمهوريًّا رئاسيًّا، وتعتبر الجمهوريةُ الإندونيسية دولةً اتحاديَّةً تتركز فيها السُّلطات بيد الحكومةِ المركزيَّة، خضعت المؤسَّسات السِّياسية والحكوميَّة لإصلاحاتٍ شاملةٍ، وحدثت أربعةُ تعديلاتٍ على دستور عام 1945م في إندونيسيا في الأعوام (1998 – 1999 / 2000-2001م)، وتم إعادة تنظيم السُّلطات التنفيذيةِ والقضائيةِ والتشريعيَّة، وواجهت الحكوماتُ الإندونيسية ضغوطًا من الأقاليم للحدِّ من مركزيةِ الحكومة، حيث منحت الأقاليم شكلًا من الحكم الذاتي كشكلٍ من أشكال لا مركزيَّة السلطة، وتحول النِّظامُ على إثرها إلى نظامٍ جمهوريٍّ ديمقراطيٍّ دستوريٍّ لا مركزي.
يُعتبر الرئيس رأسَ السُّلطةِ التنفيذيةِ في إندونيسيا، وتبعًا للدستور يُعتبر رأس الدولة، ورئيس الحكومة، والقائد العام للقواتِ المسلَّحة، والمسؤول عن الإداراتِ المحلية، ويتمُّ اختيار الرئيس ونائبه من خلال التَّصويتِ المباشرِ لمدَّة خمس سنواتٍ، ويجوز أن يحكمَ لمدة فترتَين مُتتاليتين، وقد كان قبل عام 2004م يُنتخب من خلال مجلس الشُّورى.
الرئيس الحالي لجمهوريةِ إندونيسيا هو (جوكو ويدودو)، وهو الرئيس السَّابع للبلاد، فاز بالانتخاباتِ الرئاسيَّة في يوليو 2014م، عن (الحزبِ الدِّيمقراطي الإندونيسي للنِّضال (PDI-P بنسبة 53-15%.
تمَّت كتابة الدُّستور الإندونيسي لأول مرة في يوليو/1945م، ثم تمَّ إيقاف العمل به بعد أن حلَّ محلَّه الدستورُ الاتحادي 1949م، والدُّستور المؤقت 1950م، ومن ثم تمَّ إعادة العمل بدستور 1949م في يوليو/1959م.
ويُعد مجمع برلمان جمهوريةِ إندونيسيا هو المجلسُ التَّشريعي الإندونيسي، ويضمُّ الجمعيةَ الاستشارية الشَّعبية، ومجلسَ تمثيل الشَّعب، ومجلسَ التَّمثيل الإقليمي.
تُعتبر المحكمة العُليا أعلى هيئةٍ قضائيَّة، يتم تعيين قُضاتها من قِبل رئيس الجمهورية، وتتكون السُّلطة القضائية من مجموعةٍ مختلفةٍ من المحاكم التي تتَمايزُ فيما بينها حسب الاختصاص.
الأحزاب
بلغ عددُ الأحزاب التي شاركت في انتخاباتِ 2004م حوالي 44 حزبًا، وخلال انتخاباتِ 2009م، لم ينجح سوى 9 أحزابٍ منها في الحصول على النِّصاب القانونيِّ الذي يسمح لها بالدُّخول إلى البرلمان والتي هي 2،5%.
أما في الانتخاباتِ التي جرت في عام 2014م، فقد بلغ عدد الأحزابِ المشارِكة 12 حزبًا، ويُعد الحزبُ الديمقراطي النِّضالي، وحزب الجولكار، وحزب حركة إندونيسيا العُظمى، والحزب الدِّيمقراطي، أكبرَ الأحزاب في البلاد.
الاقتصاد
تمتلك إندونيسيا اقتصادًا مختلطًا بين القطاع الخاص والحكومة، وهو أكبر اقتصادٍ في جنوبِ شرق آسيا، قُدِّر اقتصادها بـ 40 مليار دولارٍ في عام 2019م، ومن المتوقَّع أن يتخطى اقتصادُ الإنترنت لإندونيسيا حاجزَ 130 مليار دولارٍ بحلول عام 2025م، وما تزال تعتمد على السُّوق المحليةِ والإنفاق الحكوميِّ من الميزانيَّة وملكيتها للمؤسَّساتِ التي تملكها الدولة -تمتلك الحكومةُ المركزية 141 مؤسَّسة-.
اتَّخذت الحكومةُ في أعقاب الأزمةِ المالية والاقتصادية التي حلَّت على البلادِ في منتصف 1997م، إجراءاتٍ كانت تهدف إلى حمايةِ ورعاية جزءٍ كبيرٍ من القطاع الخاص، من خِلال شراء أصول القروضِ المصرفيَّة المتعثِّرة، وأصول الشَّركات، وإعادةِ هَيكلة الدُّيون، حيث حجزت الحكومة على جزءٍ كبيرٍ من ممتلكات القِطاع الخاص، وفي عام 2010م كان ما يقدَّر بنسبة 13،3٪ من السكان يعيشون تحت خطِّ الفقر، وكان معدَّل البطالةِ 7،1%.
وسجل اقتصادُ إندونيسيا نموًّا بنسبة 3،69%، بحسب الجهازِ المركزي للإحصاء، بعد أن شهدَ عام 2020م أولَ انكماشٍ منذ الأزمةِ الماليَّة الآسيويَّة عام 1998م، فيما سجَّلت الدولة فائضًا تجاريًّا قدره 35-34 مليار دولارٍ في عام 2021م، وهو الأعلى منذ 15 عامًا.
أول رئيسٍ لإندونيسيا
أحمد سوكارنو يعتبر أول رئيسٍ لإندونيسيا بعد استقلالها، نال شهرةً واسعةً بسبب نضاله لأجل الاستقلال، قاد بلادَه للحصولِ على الاستقلال من هولندا، فترأَّس الحركةَ الوطنيَّة أثناء الحُكم الاستعماريِّ الهولندي، حيث زُجَّ به في سجن الاستعمارِ الهولنديِّ أكثر من مرة.
شارك في حَشْد دعم السُّكان للحربِ اليابانية مقابل مساعدةِ اليابانيين في نشر أفكارِ الحركة الوطنيَّة، وعندما استسلمت اليابانُ في نهاية الحربِ العالمية الثانية، أعلن (سوكارنو) و(محمد حتا) استقلالَ إندونيسيا في 17/ أغسطس/ 1945م، ليصبح سوكارنو أولَ رئيسٍ لإندونيسيا بعد الاستقلال.
مرَّت الديمقراطية البرلمانية بفترةِ فوضى خلال حكمه؛ مما دفعه لتأسيس نظامٍ أوتوقراطيٍّ سُمي (بالديموقراطية الموجهة Guided Democracy) سنة 1959م، ما أدى إلى إنهاءِ حالة عدم الاستقرارِ والتَّمرد، وفي بدايةِ الستينيات بدأت إندونيسيا بقيادةِ سوكارنو تتبنى حركةَ اليسار بتوفيرها الدَّعم والحماية للحزب الشُّيوعي الإندونيسي على حسابِ الجيش والإسلاميِّين.