مقالات

الصين والعرب بعد المؤتمر العشرين خُطى جادة نحو عالم أكثر توازنًا

د. شريف أمين أبو شمالة - رئيس مؤسسة القدس ماليزيا

شهدت‭ ‬الصين‭ ‬خِلال‭ ‬شهر‭ ‬أكتوبر‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022م،‭ ‬أهمَّ‭ ‬وأكبر‭ ‬حدثٍ‭ ‬سياسيٍّ‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدَّولة‭ ‬الصينية‭ ‬والحزب‭ ‬الشُّيوعي‭ ‬الصيني،‭ ‬تمثَّل‭ ‬بانعقاد‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬العشرين‭ ‬للحزبِ‭ ‬الشيوعي‭ ‬الصِّيني،‭ ‬الذي‭ ‬تُعدُّ‭ ‬نتائجه‭ ‬محلَّ‭ ‬اهتمامٍ‭ ‬وترقُّبٍ‭ ‬لصانعي‭ ‬السِّياسات‭ ‬في‭ ‬مُعظم‭ ‬دولِ‭ ‬العالم،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬الولايات‭ ‬المتَّحدة‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬الصينَ‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬خُصومها،‭ ‬حسب‭ ‬استراتيجيَّة‭ ‬الأمن‭ ‬القوميِّ‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإدارة‭ (‬بايدن‭) ‬التي‭ ‬أعلنها‭ ‬البيتُ‭ ‬الأبيض،‭ ‬والتي‭ ‬تتَّخذ‭ ‬من‭ ‬الصُّعود‭ ‬الصيني‭ ‬المُتنامي‭ ‬على‭ ‬الساحةِ‭ ‬الدولية‭ ‬تهديدًا‭ ‬لها،‭ ‬وتسعى‭ ‬بكلِّ‭ ‬قوتها‭ ‬لمُحاصرة‭ ‬نفوذها،‭ ‬وتحجيم‭ ‬قوتها،‭ ‬وفرض‭ ‬العقوباتِ‭ ‬عليها،‭ ‬بالتَّزامن‭ ‬مع‭ ‬شنِّ‭ ‬حملاتٍ‭ ‬إعلاميةٍ‭ ‬دائمةٍ‭ ‬ضدها‭. 

جرت‭ ‬خلال‭ ‬ذلك‭ ‬المؤتمر‭ ‬الذي‭ ‬يُحدد‭ ‬ملامح‭ ‬سياساتِ‭ ‬الصين‭ ‬لخمس‭ ‬سنواتٍ‭ ‬مُقبلة،‭ ‬نِقاشاتٌ‭ ‬وقراراتٌ‭ ‬تناولت‭ ‬الشَّأنَ‭ ‬الداخلي‭ ‬الصيني‭ ‬بصورةٍ‭ ‬رئيسةٍ،‭ ‬والأوضاعَ‭ ‬الدولية‭ ‬المُختلفة،‭ ‬تركزت‭ ‬في‭ ‬كلمةٍ‭ ‬مُطولةٍ‭ ‬للرئيس‭ ‬الصيني‭ (‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭) ‬بعنوان‭ ‬‮«‬رفع‭ ‬الراية‭ ‬العظيمةِ‭ ‬للاشتراكيَّة‭ ‬ذات‭ ‬الخصائص‭ ‬الصينيَّة‭ ‬عاليًا،‭ ‬والتضامن‭ ‬والكفاح‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬بناء‭ ‬دولةٍ‭ ‬اشتراكيةٍ‭ ‬حديثةٍ‭ ‬على‭ ‬نحوٍ‭ ‬شامل‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬استهلَّ‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬كلمتَه‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬التقدُّم‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬الجمهوريةُ‭ ‬فترة‭ ‬حكمهِ‭ ‬الذي‭ ‬ابتدأ‭ ‬عام‭ ‬2013م،‭ ‬على‭ ‬مُختلف‭ ‬الصُّعد،‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬منها‭ ‬والتِّقنية‭ ‬والتَّعليم‭ ‬والصِّحة‭ ‬والرِّعاية‭ ‬الاجتماعيةِ‭ ‬وغيرها،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬بفخرٍ‭ ‬إلى‭ ‬نمو‭ ‬النَّاتج‭ ‬المَحلي‭ ‬الإجماليِّ‭ ‬للصين‭ ‬الذي‭ ‬بلغ‭ ‬18‭.‬5‭% ‬من‭ ‬الاقتصادِ‭ ‬العالمي،‭ ‬بزيادةٍ‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬7.2‭ ‬نقطة‭ ‬مِئوية‭ ‬خلال‭ ‬السَّنوات‭ ‬العشرِ‭ ‬الماضية،‭ ‬أي‭ ‬أنَّه‭ ‬يقترب‭ ‬ليُشكِّل‭ ‬خُمس‭ ‬الناتج‭ ‬المحلي‭ ‬للاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬ويَحلُّ‭ ‬في‭ ‬المرتبةِ‭ ‬الثَّانيةِ‭ ‬بعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتَّحدة‭.‬


‭ ‬واستعرض‭ ‬شي‭ ‬الخُطةَ‭ ‬الخمسية‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬دولةٍ‭ ‬اشتراكيةٍ‭ ‬حديثةٍ،‭ ‬والدفع‭ ‬باتِّجاه‭ ‬ديمقراطيةٍ‭ ‬شعبيةٍ‭ ‬كاملةٍ،‭ ‬وممارسة‭ ‬الحَوكَمةِ‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬بصورةٍ‭ ‬مُتكاملةٍ،‭ ‬وتناول‭ ‬في‭ ‬خطابه‭ ‬الأهدافَ‭ ‬التنمويَّة‭ ‬العامة‭ ‬للصِّين‭ ‬حتى‭ ‬2035م،‭ ‬والتي‭ ‬شملت‭ ‬أبعادًا‭ ‬داخليةً‭ ‬وخارجيةً‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تعزيز‭ ‬القوةِ‭ ‬الناعمةِ‭ ‬الوطنيَّة،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قُدرات‭ ‬الأمنِ‭ ‬الوطني،‭ ‬ومُعارضة‭ ‬أشكال‭ ‬الأُحادية،‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬الهيمنةِ‭ ‬والتوسُّع‭ ‬الخارجي‭.‬

كانت‭ ‬مُخرجات‭ ‬المؤتمر‭ ‬واضحةَ‭ ‬الدلالةِ‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬تجذُّرِ‭ ‬وتمدد‭ ‬نفوذ‭ ‬الرئيس‭ ‬شي‭ ‬جين‭ ‬بينغ‭ ‬في‭ ‬الحزب،‭ ‬وفي‭ ‬عُمق‭ ‬السياسةِ‭ ‬الصينية‭ ‬ومستقبلها،‭ ‬فانتُخِب‭ ‬أمينًا‭ ‬عامًّا‭ ‬للحزب‭ ‬لدورةٍ‭ ‬ثالثة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬اختياره‭ ‬رئيسًا‭ ‬لِلَّجنةِ‭ ‬العسكريَّة‭ ‬المركزية،‭ ‬وبذلك‭ ‬ضمان‭ ‬بقائه‭ ‬رئيسًا‭ ‬للصين‭ ‬بحُكم‭ ‬نظامِ‭ ‬الحزب‭ ‬الواحد‭ ‬المطبق،‭ ‬وتأهيله‭ ‬لدورةٍ‭ ‬رئاسيةٍ‭ ‬ثالثة؛‭ ‬نتيجة‭ ‬تعديل‭ ‬الدستور‭ ‬عام‭ ‬2018م‭ ‬الذي‭ ‬ألغى‭ ‬حدودَ‭ ‬الدورتين‭ ‬للرئيس‭ ‬الصيني،‭ ‬كما‭ ‬وافق‭ ‬الحزبُ‭ ‬الشُّيوعي‭ ‬الصينى‭ ‬على‭ ‬إجراء‭ ‬تعديلاتٍ‭ ‬على‭ ‬ميثاقه،‭ ‬تهدفُ‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬المكانة‭ ‬الجَوهرية‭ ‬للرئيس‭ ‬شي،‭ ‬وللدَّور‭ ‬الإرشادي‭ ‬لفكره‭ ‬السِّياسي،‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬بكلِّ‭ ‬الأحوال‭ ‬نفوذًا‭ ‬أوسع‭ ‬للزعيمِ‭ ‬الصيني‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬لمكانةٍ‭ ‬أكبر‭ ‬لدولته‭. ‬
على‭ ‬صعيدِ‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجيَّة‭ ‬للصين،‭ ‬كان‭ ‬المؤتمر‭ ‬قد‭ ‬حدد‭ ‬بشكلٍ‭ ‬واضحٍ‭ ‬المبادئَ‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بها‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية،‭ ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬التَّقرير‭ ‬الذي‭ ‬قدَّمه‭ ‬الأمينُ‭ ‬العام‭ ‬للحزبِ‭ ‬الشيوعي‭ ‬شي‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تظلَّ‭ ‬الصين‭ ‬ملتزمةً‭ ‬بهدف‭ ‬سياستها‭ ‬الخارجية‭ ‬المُتمثِّل‭ ‬في‭ ‬صَون‭ ‬السَّلامِ‭ ‬العالمي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬التنمية‭ ‬المُشترَكة،‭ ‬والسَّعي‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬مجتمعٍ‭ ‬ذي‭ ‬مصيرٍ‭ ‬مُشتركٍ‭ ‬للبشرية،‭ ‬وأنَّها‭ ‬تحترم‭ ‬سيادةَ‭ ‬جميع‭ ‬البُلدان‭ ‬وسلامةِ‭ ‬أراضيها،‭ ‬وتلتزم‭ ‬بكون‭ ‬كلِّ‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬قدرِ‭ ‬المساواة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬كبيرةً‭ ‬أو‭ ‬صغيرةً،‭ ‬قويةً‭ ‬أو‭ ‬ضعيفةً،‭ ‬فقيرةً‭ ‬أو‭ ‬غنيَّةً،‭ ‬ولن‭ ‬تسعى‭ ‬الصِّين‭ ‬وراءَ‭ ‬الهيمنةِ‭ ‬أبدًا،‭ ‬ولن‭ ‬تنخرطَ‭ ‬في‭ ‬التَّوسعِ‭ ‬الخارجي،‭ ‬وفي‭ ‬كلمةٍ‭ ‬ألقاها‭ ‬أمام‭ ‬الصحافةِ‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬الشَّعب‭ ‬عقب‭ ‬المؤتمر،‭ ‬صرَّح‭ ‬شي‭ ‬بكثيرٍ‭ ‬من‭ ‬الثقةِ‭ ‬بالنَّفس‭ ‬وبقدراتِ‭ ‬دولته‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يُمكن‭ ‬للصين‭ ‬أن‭ ‬تتطورَ‭ ‬بدون‭ ‬العالم،‭ ‬والعالم‭ ‬أيضًا‭ ‬بحاجةٍ‭ ‬إلى‭ ‬الصين‮»‬‭. ‬
ه

الصين‭ ‬والعالم‭ ‬العربي‭ ‬بعد‭ ‬المؤتمر

تدرك‭ ‬الصين‭ ‬جيدًا‭ ‬حجمَ‭ ‬التحدياتِ‭ ‬التي‭ ‬تواجهها‭ ‬على‭ ‬الصَّعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬وقدرةَ‭ ‬الولايات‭ ‬المتَّحدةِ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬الكبيرة‭ ‬على‭ ‬استفزازها‭ ‬وخلق‭ ‬المُشكلات‭ ‬لها،‭ ‬ودَعم‭ ‬خصومها،‭ ‬ومحاولةِ‭ ‬عزلها،‭ ‬والضَّغط‭ ‬عليها‭ ‬بكلِّ‭ ‬وسيلة،‭ ‬ونقل‭ ‬المعاركِ‭ ‬إلى‭ ‬حدودها،‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬قُبيل‭ ‬المؤتمر‭ ‬الوطني‭ ‬العشرين،‭ ‬وتحديدًا‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭/ ‬2022م،‭ ‬عبر‭ ‬الزيارةِ‭ ‬الاستفزازية‭ ‬لرئيسةِ‭ ‬مجلس‭ ‬النُّواب‭ ‬الأمريكي‭ (‬نانسي‭ ‬بيلوسي‭) ‬لجزيرةِ‭ ‬تايوان،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬أطلقته‭ ‬الصِّين‭ ‬من‭ ‬تحذيراتٍ‭ ‬شديدة‭ ‬اللَّهجة،‭ ‬وتصعيدٍ‭ ‬إعلاميٍّ‭ ‬سبق‭ ‬الزيارة،‭ ‬مضى‭ ‬دون‭ ‬كبيرِ‭ ‬جَدوى‭ ‬ملموسة،‭ ‬لكنَّ‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬فوَّتت‭ ‬تلك‭ ‬الجولة‭ ‬في‭ ‬إطارِ‭ ‬تركيزها‭ ‬على‭ ‬إنجاح‭ ‬مؤتمر‭ ‬الحِزب‭ ‬العشرين،‭ ‬والتَّمديد‭ ‬للرئيس‭ ‬شي؛‭ ‬تعي‭ ‬أيضًا‭ ‬أنَّه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬هناك‭ ‬الكثيرُ‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬لكسرِ‭ ‬هيمنة‭ ‬القُطب‭ ‬الواحد،‭ ‬ولتصنعَ‭ ‬لنفسها‭ ‬دورًا‭ ‬ومكانةً‭ ‬دوليةً‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬قوتها‭ ‬وإمكاناتها‭ ‬واقتصادها،‭ ‬في‭ ‬عالمٍ‭ ‬يتَّجه‭ ‬منذ‭ ‬سنواتٍ‭ ‬بخُطىً‭ ‬جادةٍ‭ ‬نحو‭ ‬نظامٍ‭ ‬دوليٍّ‭ ‬متعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬ممَّا‭ ‬يعني‭ ‬تطورات‭ ‬قادِمة‭ ‬في‭ ‬مُبادرة‭ ‬‮«‬الحزام‭ ‬والطَّريق‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬‮«‬مجموعة‭ ‬البريكس‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬شنغهاي‮»‬‭. 

في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬كانت‭ ‬أبرز‭ ‬تحركاتِ‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬عقب‭ ‬فوزه‭ ‬التَّاريخي‭ ‬بولايةٍ‭ ‬ثالثة،‭ ‬توجُّهه‭ ‬إلى‭ ‬الرياض‭ -‬في‮ ‬أول‭ ‬زيارةٍ‭ ‬لدولةٍ‭ ‬بعد‭ ‬نجاح‭ ‬المؤتمر‭- ‬لعقد‭ ‬ثلاث‭ ‬قمم،‭ ‬هي‭: ‬السعودية‭-‬الصينية،‭ ‬والخليجية‭-‬الصينية،‭ ‬والعربية‭-‬الصينية‭. ‬

ومما‭ ‬يجدر‭ ‬استدعاؤه‭ ‬هنا،‭ ‬أنَّ‭ ‬المملكةَ‭ ‬العربيَّة‭ ‬السعوديَّة‭ ‬كانت‭ ‬آخر‭ ‬الدولِ‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬إقامتها‭ ‬لعلاقاتٍ‭ ‬دبلوماسيةٍ‭ ‬رسميةٍ‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬وذلك‭ ‬عام‭ ‬1990م،‭ ‬وتُعرف‭ ‬تقليديًّا‭ ‬بأنَّها‭ ‬الحليفُ‭ ‬الأبرز‭ ‬للولاياتِ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬الأمريكيةِ‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنَّ‭ ‬طبيعة‭ ‬الزيارةِ‭ ‬ومستواها،‭ ‬وتعدُّد‭ ‬القِمَم‭ ‬على‭ ‬أرضِ‭ ‬الرياض،‭ ‬يُعد‭ ‬تحديًا‭ ‬لواشنطن‭ ‬وللرئيسِ‭ ‬الأمريكي‭ ‬بايدن،‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يُخفي‭ ‬غضبه‭ ‬من‭ ‬نفوذ‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقد‭ ‬صرَّح‭ ‬سابقًا‭ ‬خلال‭ ‬زيارته‭ ‬للسعوديةِ‭ ‬في‭ ‬يوليو‭/ ‬2022م‭ ‬قائلًا‭: ‬‮«‬لن‭ ‬نغادرَ‭ ‬ونترك‭ ‬فراغًا‭ ‬تملؤه‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬روسيا‭ ‬أو‭ ‬إيران‮»‬‭.‬
عُقدت‭ ‬القمَّةُ‭ ‬العربيَّة‭ ‬الصينيَّة‭ ‬بمشاركةٍ‭ ‬واسعةٍ‭ ‬من‭ ‬القادة‭ ‬العرب،‭ ‬مما‭ ‬عكس‭ ‬رغبةً‭ ‬وسعيًا‭ ‬مُشتركًا‭ ‬من‭ ‬الطرفين‭ ‬العربي‭ ‬والصيني‭ ‬نحوَ‭ ‬تنويع‭ ‬الشَّراكاتِ‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬والحدِّ‭ ‬من‭ ‬الهيمنةِ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬والأحاديَّة‭ ‬القُطبية،‭ ‬خاصةً‭ ‬في‭ ‬ظلِّ‭ ‬ما‭ ‬يشهده‭ ‬العالمُ‭ ‬من‭ ‬أزمات‭.‬
ه‭ ‬

الصين‭ ‬والقضية‭ ‬الفلسطينية

كما‭ ‬كان‭ ‬متوقعًا،‭ ‬لم‭ ‬تغِب‭ ‬القضيةُ‭ ‬الفلسطينية‭ ‬عن‭ ‬القِمَّة‭ ‬العربية‭-‬الصينية،‭ ‬التي‭ ‬شارك‭ ‬فيها‭ ‬رئيس‭ ‬السُّلطةِ‭ ‬الفلسطينية‭ (‬محمود‭ ‬عباس‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬تدركُ‭ ‬الصين‭ ‬أهميةَ‭ ‬القضيةِ‭ ‬الفلسطينيَّةِ‭ ‬للمنطقة،‭ ‬وهي‭ ‬فرصةٌ‭ ‬لتجدد‭ ‬التذكير‭ ‬بـ‮»‬الرؤية‭ ‬الصينية‭ ‬ذات‭ ‬النِّقاط‭ ‬الأربع‮»‬‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني؛‭ ‬لحلِّ‭ ‬القضيَّة‭ ‬الفلسطينيَّة،‭ ‬كما‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬البيانِ‭ ‬الخِتامي‭ ‬للقمةِ،‭ ‬والذي‭ ‬أكد‭ ‬على‭ ‬مركزيةِ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬الشَّرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وأنَّها‭ ‬تتطلَّبُ‭ ‬إيجاد‭ ‬حلٍّ‭ ‬عادلٍ‭ ‬ودائمٍ‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬حلِّ‭ ‬الدولتين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنهاءِ‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيليّ‭ ‬للأراضي‭ ‬الفلسطينيَّة،‭ ‬وإقامةِ‭ ‬الدَّولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المُستقلَّة‭ ‬على‭ ‬حدودِ‭ ‬عام‭ ‬1967م،‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشَّرقية،‭ ‬وذلك‭ ‬وفقًا‭ ‬لقراراتِ‭ ‬الأمم‭ ‬المتَّحدة‭ ‬ذات‭ ‬الصِّلة،‭ ‬والتَّشديد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطارِ‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬شرعيَّةِ‭ ‬المستوطناتِ‭ ‬الإسرائيليةِ‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والأراضي‭ ‬العربيَّة‭ ‬المُحتلة،‭ ‬وبُطلان‭ ‬ممارسات‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬‭ ‬الأحادية‭ ‬الرَّاميةِ‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬الوضعِ‭ ‬القائمِ‭ ‬في‭ ‬القدس،‭ ‬والتَّشديد‭ ‬على‭ ‬ضرورةِ‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬المكانةِ‭ ‬التاريخيةِ‭ ‬والقانونيةِ‭ ‬للقدس‭ ‬الشرقيَّة‭ ‬المحتلَّة،‭ ‬وقد‭ ‬ثمَّن‭ ‬بيانُ‭ ‬القمةِ‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬رؤيةِ‭ ‬الرئيس‭ ‬الصيني‭ ‬لحلِّ‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية؛‭ ‬سِلسلة‭ ‬من‭ ‬المبادراتِ‭ ‬والرؤى‭ ‬التي‭ ‬طرحها‭ ‬الجانبُ‭ ‬الصينيُّ‭ ‬حول‭ ‬القضيةِ‭ ‬الفلسطينية،‭ ‬وتثمين‭ ‬وقوف‭ ‬الصين‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحقِّ‭ ‬والعدالةِ‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭. ‬
بذلك‭ ‬نرى‭ ‬أنَّ‭ ‬الموقف‭ ‬الصيني‭ ‬ظلَّ‭ ‬محافظًا‭ ‬على‭ ‬خطِّه‭ ‬في‭ ‬تأييد‭ ‬القضيةِ‭ ‬الفلسطينية‭ ‬بالحدِّ‭ ‬المُتداول‭ ‬دوليًّا،‭ ‬ومتَّفق‭ ‬عليه‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬النِّظام‭ ‬العربيِّ‭ ‬الرسمي،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أنَّه‭ ‬لا‭ ‬يتطور‭ ‬بطريقةٍ‭ ‬تُناسب‭ ‬مكانةَ‭ ‬الصين‭ ‬أو‭ ‬رغبتها‭ ‬في‭ ‬تعزيزِ‭ ‬حضورها‭ ‬الدولي‭.‬ه

 

إعلام المنتدى

العلاقات العامة والإعلام منتدى آسيا والشرق الأوسط More »

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button