تقارير

تحالف Aukus بعد عام من التأسيس

إعداد: تقوى نضال أبو كميل - باحثة دكتوراه في العلوم السياسية

في‭ ‬منتصفِ‭ ‬سبتمبر‭/ ‬2021م،‭ ‬أعلنت‭ ‬كلٌّ‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبريطانيا،‭ ‬وأستراليا‭ ‬اتِّفاقيةً‭ ‬أمنيةً‭ ‬تاريخيةً‭ ‬لتعزيز‭ ‬القدراتِ‭ ‬العسكريَّةِ‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الهادئ؛‭ ‬ممَّا‭ ‬يسمح‭ ‬لهم‭ ‬بمشاركة‭ ‬تقنيَّات‭ ‬الدِّفاعِ‭ ‬المُتقدمة،‭ ‬وتزويد‭ ‬القواتِ‭ ‬الأستراليَّة‭ ‬بالمَعرفة‭ ‬اللَّازمة‭ ‬لبناء‭ ‬غواصاتٍ‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقةِ‭ ‬النَّووية‭. ‬ومنذ‭ ‬إعلان‭ ‬اتِّفاقية‭ ‬‭”‬Aukus‭”‬‭ ‬التي‭ ‬تربط‭ ‬الولايات‭ ‬المتَّحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬بطموحِ‭ ‬أستراليا‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الخبرةِ‭ ‬النوويَّة‭ ‬الأمريكيَّة،‭ ‬انقسم‭ ‬الرأي‭ ‬حولها،‭ ‬وأثارت‭ ‬الصَّفقة‭ ‬عداءَ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البُلدان،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حُلفاء‭ ‬الولاياتِ‭ ‬المتَّحدة‭.‬

يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬شراكةِ‭ ‬Aukus ‭-‬وهي‭ ‬عبارةٌ‭ ‬عن‭ ‬دمج‭ ‬أسماء‭ ‬الدُّول‭ ‬الأعضاء‭ ‬الثَّلاثة‭- ‬على‭ ‬أنَّها‭ ‬تستهدف‭ ‬الصين،‭ ‬ولكنَّها‭ ‬أثارت‭ ‬غضبَ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأُخرى‭ ‬أيضًا،‭ ‬فعندما‭ ‬علِمَ‭ ‬المسؤولون‭ ‬الفرنسيون‭ ‬بأمر‭ ‬Aukus،‭ ‬أعلنوا‭ ‬أنَّهم‭ ‬تعرضوا‭ ‬للخيانةِ‭ ‬والطَّعن‭ ‬في‭ ‬الظهر،‭ ‬فلم‭ ‬تكن‭ ‬فرنسا‭ ‬قد‭ ‬بنت‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬أستراليا‭ ‬على‭ ‬الثِّقة‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬علاقتها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مجرَّد‭ ‬اتفاقٍ‭ ‬حول‭ ‬الغواصات‭ ‬وإنَّما‭ ‬ليكون‭ ‬مركزًا‭ ‬لاستراتيجيةِ‭ ‬المشاركة‭ ‬الفرنسيَّة‭ ‬لمدة‭ ‬50‭ ‬عامًا‭ ‬في‭ ‬منطقةِ‭ ‬المحيطَين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬تمَّ‭ ‬استبعاد‭ ‬فرنسا‭ ‬من‭ ‬المُحادثات،‭ ‬وتعرضت‭ ‬للخيانةِ‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دولةٍ‭ ‬تعتبرها‭ ‬حليفًا‭ ‬وثيقًا،‭ ‬وردَّت‭ ‬فرنسا‭ ‬باستدعاءِ‭ ‬سفيريها‭ ‬في‭ ‬أستراليا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وذكرت‭ ‬أنَّها‭ ‬ستعيد‭ ‬تعريفَ‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬أستراليا،‭ ‬وقد‭ ‬سارعت‭ ‬الولاياتُ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬لإصلاح‭ ‬العلاقاتِ‭ ‬مع‭ ‬أقدم‭ ‬حليفٍ‭ ‬لها‭ -‬فرنسا‭-‬،‭ ‬حيث‭ ‬التقى‭ ‬وزيرُ‭ ‬الخارجيَّة‭ ‬الأمريكي‭ (‬أنتوني‭ ‬بلينكين‭) ‬بالرئيس‭ ‬الفرنسي‭ (‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‭).‬

بدورها‭ ‬أعربت‭ ‬الصِّين‭ ‬وكوريا‭ ‬الشَّمالية‭ ‬عن‭ ‬اعتراضهما‭ ‬الشَّديدِ‭ ‬على‭ ‬الصَّفقة،‭ ‬فانتقدت‭ ‬الصين‭ ‬Aukus‭ ‬ووصفتها‭ ‬بأنَّها‭ ‬‮«‬غير‭ ‬مسؤولةٍ‭ ‬إلى‭ ‬حدٍّ‭ ‬كبير‮»‬،‭ ‬وقالت‭ ‬إنَّها‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬سِباق‭ ‬تسلُّحٍ‭ ‬نوويٍّ،‭ ‬وهو‭ ‬قلقٌ‭ ‬أعربت‭ ‬عنه‭ ‬كوريا‭ ‬الشمالية‭ ‬أيضًا،‭ ‬فيما‭ ‬صوَّر‭ ‬النُّقاد‭ ‬الاتفاقيةَ‭ ‬على‭ ‬أنَّها‭ ‬تحالفٌ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يزعزعَ‭ ‬استقرارَ‭ ‬البُنية‭ ‬الأمنية‭ ‬لمنطقةِ‭ ‬المحيطَين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬وأنَّ‭ ‬فكرة‭ ‬انتشار‭ ‬الغواصاتِ‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بالطَّاقة‭ ‬النووية‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يدعو‭ ‬فعلًا‭ ‬إلى‭ ‬سباق‭ ‬تسلُّحٍ‭ ‬إقليميٍّ،‭ ‬ويترك‭ ‬الباب‭ ‬مفتوحًا‭ ‬أمام‭ ‬التَّسلح‭ ‬النِّهائي‭ ‬للغواصاتِ‭ ‬الأستراليَّة‭ ‬المستقبليَّة‭ ‬بأسلحةٍ‭ ‬نوويةٍ‭. ‬وفي‭ ‬المقابل،‭ ‬اكتسبت‭ ‬هذه‭ ‬الاستراتيجيَّة‭ ‬زخمًا‭ ‬بدعمٍ‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭ ‬والمحيطِ‭ ‬الهادئ،‭ ‬مثل‭ ‬فيتنام‭ ‬وماليزيا،‭ ‬اللتَين‭ ‬تشعران‭ ‬بالقلقِ‭ ‬من‭ ‬عُدوان‭ (‬بكين‭) ‬المُتزايد‭ ‬بشأن‭ ‬قضايا‭ ‬مثل‭ ‬بحر‭ ‬الصِّين‭ ‬الجنوبي‭ ‬المتنازَع‭ ‬عليه‭.‬

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنَّ‭ ‬الأطرافَ‭ ‬لم‭ ‬تقل‭ ‬ذلك،‭ ‬إلا‭ ‬أنَّ‭ ‬المُحلِّلين‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاقية‭ ‬إلى‭ ‬حدٍّ‭ ‬كبيرٍ‭ ‬على‭ ‬أنَّها‭ ‬محاولةٌ‭ ‬بقيادةِ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لمواجهةِ‭ ‬النُّفوذ‭ ‬المُتزايد‭ ‬للصِّين‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬الرئيسُ‭ ‬الأمريكيُّ‭ (‬جو‭ ‬بايدن‭) ‬العلاقات‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬الصِّينية‭ ‬بأنَّها‭ ‬‮«‬معركةُ‭ ‬القرن‮»‬،‭ ‬مُصوِّرًا‭ ‬إيَّاها‭ ‬بأنَّها‭ ‬اختبارٌ‭ ‬حاسمٌ‭ ‬لمزايا‭ ‬الديمقراطيةِ‭ ‬مُقابل‭ ‬الاستبداد،‭ ‬وفي‭ ‬ضوءِ‭ ‬تلك‭ ‬المنافسة‭ ‬المُتصاعدة‭ ‬بين‭ ‬الولاياتِ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬والصِّين،‭ ‬وصفت‭ (‬واشنطن‭) ‬قيادةَ‭ ‬المحيطَين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭ ‬بأنَّها‭ ‬‮«‬المنطقةُ‭ ‬الوحيدة‭ ‬الأكثر‭ ‬أهميَّة‭ ‬لمستقبل‭ ‬أمريكا‮»‬‭ ‬وشددت‭ ‬على‭ ‬ضرورةِ‭ ‬احتواء‭ ‬نفوذ‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬المنطقةِ‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬وجودها‭ ‬العسكري،‭ ‬وتقويةِ‭ ‬التَّحالفات‭. ‬وفي‭ ‬أول‭ ‬اجتماعٍ‭ ‬لجو‭ ‬بايدن‭ ‬كرئيسٍ‭ ‬للولايات‭ ‬المتَّحدة‭ ‬مع‭ ‬قادةٍ‭ ‬من‭: ‬اليابان،‭ ‬والهند،‭ ‬وأستراليا‭ -‬الدول‭ ‬الثَّلاث‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬تحالفٍ‭ ‬يُعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الرباعي‮»‬‭- ‬ناقش‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬العدوان‮»‬‭ ‬و‭ ‬‮«‬الإكراه‮»‬‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬الصِّين‭ ‬ضدّ‭ ‬أعضاءِ‭ ‬المجموعة‭.‬

بموجبِ‭ ‬مُعاهدة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمنع‭ ‬انتشار‭ ‬الأسلحةِ‭ ‬النَّووية،‭ ‬يُحظَر‭ ‬على‭ ‬أستراليا‭ ‬تصنيع‭ ‬أو‭ ‬حِيازة‭ ‬أسلحةٍ‭ ‬نوويةٍ،‭ ‬لكنَّ‭ ‬المُفاعلات‭ ‬البحرية‭ ‬مُعفاةٌ‭ ‬من‭ ‬الضَّماناتِ‭ ‬النووية،‭ ‬ويُشتبه‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬دولٍ‭ ‬أخرى‭ ‬باستغلال‭ ‬هذه‭ ‬الثَّغرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استخدام‭ ‬الوقود‭ ‬المُستخدَم‭ ‬لتشغيل‭ ‬المُفاعلاتِ‭ ‬الفرعية‭ ‬لتَطوير‭ ‬أسلحةٍ‭ ‬نوويةٍ‭ ‬أيضًا؛‭ ‬ولكن‭ ‬بموجبِ‭ ‬اتفاقية‭ ‬Aukus،‭ ‬ستساعدُ‭ ‬الولاياتُ‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكةُ‭ ‬المتحدة‭ ‬أستراليا‭ ‬في‭ ‬بناءِ‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقلُّ‭ ‬عن‭ ‬ثماني‭ ‬غواصاتٍ‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقةِ‭ ‬النَّووية،‭ ‬وهي‭ ‬المرةُ‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تشارِك‭ ‬فيها‭ ‬واشنطن‭ ‬ولندن‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الغواصاتِ‭ ‬النووية‭ ‬الحسَّاسة‭ ‬مع‭ (‬كانبيرا‭)‬،‭ ‬ولبدءِ‭ ‬هذه‭ ‬الشَّراكة،‭ ‬سيعمل‭ ‬المسؤولون‭ ‬البحريون‭ ‬والمتخصِّصون‭ ‬الفنِّيون‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الثلاثة‭ ‬معًا‭ ‬وعلى‭ ‬مدارِ‭ ‬الـ‭ ‬18‭ ‬شهرًا‭ ‬القادمة؛‭ ‬لتزويد‭ ‬أستراليا‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬اللَّازمةِ‭ ‬لنشر‭ ‬غواصاتٍ‭ ‬تعمل‭ ‬بالطَّاقةِ‭ ‬النووية،‭ ‬ولكن‭ ‬نظرًا‭ ‬لتعقيد‭ ‬التُّكنولوجيا،‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعمل‭ ‬أسطولُ‭ ‬الغواصات‭ ‬النوويةِ‭ ‬الأستراليَّة‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2040م‭ ‬تقريبًا‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الصَّدد،‭ ‬فإنَّ‭ ‬أحد‭ ‬أكثر‭ ‬الافتراضات‭ ‬لفتًا‭ ‬للانتباه‭ ‬حول‭ ‬Aukus‭ ‬هو‭ ‬الإيمانُ‭ ‬بالتكنولوجيا‭ ‬كمفتاحٍ‭ ‬لإطلاق‭ ‬الإمكاناتِ‭ ‬الكاملة‭ ‬للقدراتِ‭ ‬التقليديَّة‭ ‬تحت‭ ‬سطح‭ ‬البحر،‭ ‬من‭ ‬خِلال‭ ‬تحسين‭ ‬الإنذار‭ ‬المُبكر،‭ ‬وإذا‭ ‬لزم‭ ‬الأمر،‭ ‬دقة‭ ‬استهدافٍ‭ ‬لا‭ ‬مثيلَ‭ ‬لها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬أكبر‭ ‬فائدةٍ‭ ‬للغواصات‭ ‬التي‭ ‬تعملُ‭ ‬بالطَّاقةِ‭ ‬النوويَّة‭ ‬هي‭ ‬كونها‭ ‬قادرةً‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬مغمورةً‭ ‬لفترةٍ‭ ‬أطول‭ ‬تحت‭ ‬الماء،‭ ‬مع‭ ‬وقود‭ ‬كافٍ‭ ‬لتشغيلها‭ ‬نظريًّا‭ ‬لسنوات،‭ ‬وهي‭ ‬ميزةٌ‭ ‬في‭ ‬هجمات‭ ‬التخفِّي،‭ ‬بينما‭ ‬يتعيَّن‭ ‬على‭ ‬الغواصات‭ ‬التقليديَّةِ‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬محركاتٍ‭ ‬كهربائيةً‭ ‬تعمل‭ ‬بالدِّيزل‭ ‬أن‭ ‬تطفوَ‭ ‬على‭ ‬السطح‭ ‬بانتظامٍ؛‭ ‬حتى‭ ‬تتمكنَ‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬شحنِ‭ ‬بطارياتها،‭ ‬مما‭ ‬يسمح‭ ‬برصدها‭ ‬بسهولةٍ‭ ‬أكبر‭.‬

وتجدر‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬الحديثَ‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬الغوَّاصات‭ ‬تعمل‭ ‬بالطاقةِ‭ ‬النوويَّة،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورةِ‭ ‬أنها‭ ‬تحمل‭ ‬رؤوسًا‭ ‬حربيةً‭ ‬نوويةً،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنَّ‭ ‬هذه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬حسَّاسة؛‭ ‬لأنَّ‭ ‬مُفاعلات‭ ‬الغواصاتِ‭ ‬الأمريكيةِ‭ ‬والبريطانيةِ‭ ‬تستخدم‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المُخصَّب‭ ‬بنسبة‭ (‬93-97‭) ‬في‭ ‬المائة،‭ ‬وأي‭ ‬شيءٍ‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬يُعتبر‭ ‬يورانيوم‭ ‬‮«‬بدرجة‭ ‬تصنيع‭ ‬الأسلحة‮»‬‭ ‬مع‭ ‬تداعياتٍ‭ ‬خطيرةٍ‭ ‬مُحتملة‭.‬

وفي‭ ‬خِضم‭ ‬الموضوع،‭ ‬كشفت‭ ‬الجامعةُ‭ ‬الأمريكيَّة‭ ‬في‭ ‬كوسوفو‭ ‬كيف‭ ‬ينظر‭ ‬القادةُ‭ ‬في‭ ‬العواصمِ‭ ‬الوطنية‭ ‬الثَّلاث‭ ‬إلى‭ ‬المجالِ‭ ‬البحري‭ ‬باعتباره‭ ‬ركيزةً‭ ‬أساسيةً‭ ‬لاستقرار‭ ‬منطقةِ‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬والنِّظام‭ ‬الدولي‭ ‬الأوسع،‭ ‬وهذا‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬فهم‭ ‬سبب‭ ‬وماهيَّة‭ ‬Aukus‭ ‬وكيف‭ ‬حول‭ ‬الأمور‭ ‬بشكلٍ‭ ‬استراتيجي،‭ ‬فهو‭ ‬مهمٌّ‭ ‬لأنه‭ ‬يُلقي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬نظرةٍ‭ ‬عالميةٍ‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬البحر‭ ‬أمرًا‭ ‬حيويًّا‭ ‬للشُّؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬ونتيجةً‭ ‬لذلك؛‭ ‬فإنَّ‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بالعمل‭ ‬بشكلٍ‭ ‬أفضل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬لها‭ ‬قيمةٌ‭ ‬لا‭ ‬تقدَّر‭ ‬بثمن،‭ ‬وجهةُ‭ ‬نظر‭ ‬الجامعةِ‭ ‬الأمريكيةِ‭ ‬هذه‭ ‬تنبع‭ ‬من‭ ‬الاعتراف‭ ‬بأنَّ‭ ‬الأُسسَ‭ ‬البحريَّة‭ ‬للنِّظام‭ ‬الدولي‭ ‬معرضةٌ‭ ‬للخطر،‭ ‬وقد‭ ‬اعتبرت‭ ‬ممرات‭ ‬الشَّحن‭ ‬الآمنة‭ ‬والكابلات‭ ‬البحريَّة‭ ‬السَّليمة‭ ‬من‭ ‬المُحرِّكات‭ ‬التي‭ ‬تغذي‭ ‬الرخاءَ‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاستقرارَ‭ ‬السِّياسي،‭ ‬وهو‭ ‬أمرٌ‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬المحيطَين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكانٍ‭ ‬آخر‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يُذكِّر‭ ‬الحصارُ‭ ‬الروسي‭ ‬الأخير‭ ‬لمَنفذِ‭ ‬أوكرانيا‭ ‬إلى‭ ‬البحر‭ ‬الأسود،‭ ‬والمناوراتُ‭ ‬العسكريَّة‭ ‬الصينيَّة‭ ‬عبر‭ (‬مضيق‭ ‬تايوان‭)‬؛‭ ‬بمخاطر‭ ‬تعطيلِ‭ ‬الازدهار‭ ‬العالميِّ‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬الدول‭ ‬المُستعدة‭ ‬لاستغلال‭ ‬النِّظام‭ ‬البحري؛‭ ‬لمُمارسةِ‭ ‬الضغط‭ ‬السِّياسي‭.‬

وبطبيعةِ‭ ‬الحال،‭ ‬مثل‭ ‬أيِّ‭ ‬استثمارٍ‭ ‬في‭ ‬القُدرات‭ ‬المستقبليَّة،‭ ‬من‭ ‬المرجَّح‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬Aukus‭ ‬بمرورِ‭ ‬الوقت،‭ ‬بسبب‭ ‬الطَّبيعة‭ ‬الحسَّاسة‭ ‬للقدراتِ‭ ‬المُتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تمَّ‭ ‬استكشافها،‭ ‬من‭ ‬الغواصات،‭ ‬إلى‭ ‬الصَّواريخ‭ ‬التي‭ ‬تفوق‭ ‬سرعتها‭ ‬سرعةَ‭ ‬الصَّوت،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬ستدعو‭ ‬إلى‭ ‬تقاربٍ‭ ‬استراتيجيٍّ‭ ‬أكبر‭ ‬بين‭ ‬الشُّركاء،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أشارت‭ ‬إليه‭ ‬الأنباءُ‭ ‬الأخيرة‭ ‬التي‭ ‬أفادت‭ ‬بأنَّ‭ ‬الغواصين‭ ‬الأستراليين‭ ‬سيتدربون‭ ‬على‭ ‬قوارب‭ ‬بريطانيَّة،‭ ‬وهذا‭ ‬يجعل‭ ‬Aukus‭ ‬مهمةً‭ ‬من‭ ‬النَّاحيةِ‭ ‬الاستراتيجيَّة،‭ ‬وفي‭ ‬سياقٍ‭ ‬تكون‭ ‬فيه‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المتقدمة‭ ‬ذات‭ ‬أهميةٍ‭ ‬متزايدةٍ‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬التفوق‭ ‬العسكري،‭ ‬لن‭ ‬يتمكنَ‭ ‬سوى‭ ‬الشُّركاء‭ ‬الموثوق‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬أقصى‭ ‬استفادةٍ‭ ‬من‭ ‬التَّعاون‭ ‬الدِّفاعي‭.‬

هذا‭ ‬التَّقارب‭ ‬والتَّعاون‭ ‬المُشترك،‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬بالضرورة‭ ‬أنَّ Aukus لن‭ ‬تواجه‭ ‬تحدياتٍ‭ ‬على‭ ‬طولِ‭ ‬الطَّريق‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تنشرَ‭ ‬أستراليا‭ ‬غواصاتٍ‭ ‬تعمل‭ ‬بالطَّاقة‭ ‬النوويةِ‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2040م،‭ ‬فتنفيذ‭ ‬الاتِّفاقية‭ ‬سيضع‭ ‬القدرةَ‭ ‬الصناعيَّة‭ ‬الوطنيَّة‭ ‬تحت‭ ‬الضَّغط،‭ ‬وهناك‭ ‬بعض‭ ‬التَّعليقات‭ ‬الأخيرة‭ ‬من‭ ‬كِبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬الأمريكيين‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬فكرةَ‭ ‬بناء‭ ‬الغواصاتِ‭ ‬الأوليَّة‭ ‬لأستراليا‭ ‬في‭ ‬الولاياتِ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مشكلةً‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬ناحيةٍ‭ ‬أُخرى،‭ ‬فإلى‭ ‬أن‭ ‬يتمَّ‭ ‬اختيارُ‭ ‬نِظام‭ ‬الدَّفع‭ ‬سيظلُّ‭ ‬تصميمُ‭ ‬وبناء‭ ‬القوارب‭ ‬سؤالًا‭ ‬مفتوحًا،‭ ‬وأيضًا‭ ‬عند‭ ‬النظرِ‭ ‬إلى‭ ‬تأثيرِ‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬على‭ ‬التغييرات‭ ‬المُستقبليَّة‭ ‬في‭ ‬الأنظمةِ‭ ‬وأجهزةِ‭ ‬الاستشعار،‭ ‬فمن‭ ‬المرجَّح‭ ‬أن‭ ‬يظلَّ‭ ‬تقسيمُ‭ ‬العمل‭ ‬مُتغيرًا‭ ‬رئيسيًّا،‭ ‬لكنَّ‭ ‬الثابت‭ ‬والمؤكَّد‭ ‬هو‭ ‬أنَّه‭ ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬عام،‭ ‬بدأت‭ ‬Aukus‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬مسارٍ‭ ‬واضحٍ‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬عليه،‭ ‬ولماذا‭ ‬هو‭ ‬مُهم،‭ ‬وتمَّ‭ ‬وضع‭ ‬Aukus‭ ‬على‭ ‬مسارٍ‭ ‬حول‭ ‬رؤيةٍ‭ ‬عالميةٍ‭ ‬مُستنيرةٍ‭ ‬بالبحرية،‭ ‬حيث‭ ‬قد‭ ‬يؤدِّي‭ ‬تسريعُ‭ ‬التَّعاون‭ ‬التكنولوجيّ‭ ‬المتقدم‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬فرقٍ‭ ‬كبيرٍ‭ ‬في‭ ‬كيفيةِ‭ ‬تأمين‭ ‬المزايا‭ ‬الاستراتيجيةِ،‭ ‬والحفاظِ‭ ‬على‭ ‬الاستقرار‭ ‬البحريّ‭. ‬

إعلام المنتدى

العلاقات العامة والإعلام منتدى آسيا والشرق الأوسط More »

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button