تقارير

حركة مقاطعة «إسرائيـــل» والتطورات الحالية في الشرق الأوسط

البروفيسور محمد نزاري بن اسماعيل

البروفيسور محمد نزاري بن اسماعيل 

رئيس BDS ماليزيا

والمدير السَّابق لوحدةِ التَّخطيطِ الاستراتيجيِّ

بجامعةِ مالايا -كوالالمبور

1- إنهاء احتلالِها واستعمارِها لكافةِ الأراضي العربيَّة وتفكيك جدار الفصلِ العنصريّ، ويستندُ هذا المطلب على القوانين الدَّولية التَّالية:

(أ) تَعتبر كلًا من محكمة العدل الدولية والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة “إسرائيل” قوةً مُحتلَّة.

(ب) تحظر اتِّفاقية جنيف الرابعة على “سلطةِ الاحتلال” نقلَ مواطنيها إلى الأراضي المحتلة.

(ج) ينصُّ قرارُ مجلس الأمن الدولي رقم 2334 الصادر في كانون الأول / ديسمبر 2016 على أنَّ النشاط الاستيطاني الإسرائيلي يُشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وليس له أيّ شرعية قانونية.

(د) نصَّت محكمة العدل الدولية في 9 يوليو 2004، على أنَّ جدارَ الفصل في الضفة الغربية يُعَدُّ انتهاكًا للقانون الدولي، ويجب إزالته، وتعويض السكان العرب عن أي ضرر يلحق بهم، وأَنْ تتخذَ الدول الأخرى إجراءاتٍ لإلزام “إسرائيل” بالامتثال لاتِّفاقية جنيف الرابعة.

2- الاعتراف بالحقوق الأساسيَّة للمواطنين العرب الفلسطينيين في “إسرائيل” في المساواةِ الكاملة، ويستندُ هذا المَطلَب على القوانين الدَّولية التَّالية:

(أ) يَنصُّ نظامُ روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنَّ “جريمة الفصل العنصري” تعني الأفعال اللاإنسانيَّة المرتكبة في سِياقِ نظامِ مُؤسَسي للقمعِ والسَّيطرة المنهجيَّيْن من قِبَل مجموعة عِرقيَّة واحدة على أيِّ مجموعةٍ أو مجموعاتٍ عرقيةٍ أُخرى، والتي تُرتكَب مع نِية الحفاظِ على هذا النِّظام، وبموجب هذا التعريف، يُمثِّل الفصلُ العنصري الآن نوعًا من الجرائم ضد الإنسانية.

(ب) أثبت تقريرٌ نشرته لجنةُ الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربِ آسيا (UNESCWA) في عام 2017، الذي استندَ على أساسِ التَّحقيق العلميّ والأدلةِ القاطعة أنَّ “إسرائيل” مذنبةٌ بارتكابِ جريمةِ الفصلِ العنصري، كما وأوصت اللَّجنة الحكومات الوطنية والجهات الفاعِلَة في القطاع الخاص والمجتمع المدني بدعمِ أنشطةِ المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات BDS والاستجابة بشكلٍ إيجابيٍ للدعوات لمثل هذه المبادرات.

 3- احترام وحماية وتعزيز حقوقِ اللَّاجئين الفلسطينيين في العودةِ إلى ديارِهم وممتلكاتِهم على النَّحو المَنصوصِ عليه في قَرار الجمعية العامة للأُمَم المتحدة رقم 194، ويستند هذا المطلب على القوانين الدولية التالية:

(أ) تنصُّ المادة 11 من قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لعام 1949، على أنَّه ينبغي السَّماح للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارِهم والعيش في سلامٍ مع جيرانهم بالقيام بذلك الأمر في أقرب وقتٍ مُمكن، كما وينبغي دَفْع تعويضاتٍ عن خسارةِ أو تلفِ ممتلكاتِ أولئكَ الذين يختارون عدم العودة، الأمر الذي وبموجب مبادئ القانون الدولي يجب أن تقومَ به الحكومات أو السلطات المسؤولة.\

(ب) تُؤكِّد الجمعيةُ العامة للأُممِ المتحدةِ الاستمرار على القرار 194 كل عام منذ العام 1949.

كما يتَّضحُ مما سبق، فإنَّ المطالبَ الثلاثة تتوافقُ تمامًا مع القانون الدولي، وإنَّ رفض «إسرائيل» الامتثال للقانون الدولي فيما يتعلَّقُ بمعاملتِها للشعبِ والأراضي الفلسطينيَّة يشكلُ ظلمًا وانتهاكًا صارخًا، ولأنَّ أولئك الذين في السُّلطة يرفضون التحركَ لوقفِ هذا الظُّلم، فقد دعا المجتمعُ المدني الفلسطيني إلى استجابة المواطنين حول العالم للتضامنِ مع النِّضال الفلسطيني من أجلِ الحريَّةِ والعدالةِ والمساواة.

وبناءً عليه، تمَّ تأسيس حركة المقاطعة BDS وهي حركة حقوق إنسان شاملة مناهضة للعنصرية، تعارِضُ من حيث المبدأ جميع أشكال التمييز، بما في ذلك معاداة السامية وكراهية الإسلام.

تتلقَّى حركة المقاطعة BDS الدَّعم من قِبَل النقاباتِ والكنائس والمنظَّماتِ غير الحكوميَّةِ والحركات التي تُمثِّل الملايين في كل القارات، وهناك حملاتٌ نشطةٌ للمقاطعةِ في المجتمعاتِ في جميعِ أنحاءِ العالم، كما وتلعب الجماعات اليهودية التقدمية دورًا مهمًا في هذه الحركة.

على مدارِ الخمسة عشر عامًا الماضية ومنذ إنشائها، حقَّقت BDS من خِلال حملاتها الشعبية تقدمًا هائلاً في كسبِ قلوب وعقول المواطنين في أرجاء العالم كافة، لاحتضان القضية الفلسطينية، يرجى زيارة الموقع الرسمي لحركة BDS للحصول على مزيد من التفاصيل حول هذه الأنشطة المتنوعة في جميع أنحاء العالم.

تنشطُ فروع BDS في كلِّ القارَّات، وتتواصلُ دائمًا حملات مناهضة “لإسرائيل” تشملُ المقاطعات الأكاديميَّة والثَّقافية والاقتصاديَّة التي تنطوي على مبادراتٍ من قبل الطلاب والنقابيين والحكوماتِ المحليَّة.

تُحدِثُ حركة المقاطعة تأثيرًا حقيقيًا وتنتشرُ في المناطق التي اعتقد الصهاينة سابقًا أنها “مناطق آمنة”، واليوم تستشعرُ “إسرائيل” ضغطًا حقيقيًا تُسببُه هذه الحركة، وهو ما يتَّضِحُ من تكليف “وزارة الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلية” بمهمة المكافحة والتَّصدي لحركة المقاطعة، حيث يتم حشد آليَّاتهم الدِّعائية الضَّخمة والمُمَولة بشكلٍ سخي في الغرب للتَّعاملِ مع حركة المقاطعة، فبالنِّسبةِ لدولةِ الفصل العنصري التي تعتمدُ بشكلٍ كبيرٍ على تبييض وسائل الإعلام والتَّأثير على الرأي العام من أجلِ التَّنصل من جرائمها ضد الفلسطينيين، تُصنِّف الوزارةُ المذكورة حركة BDS تهديدًا وجوديًا.

في الولاياتِ المتحدة وفي أماكنَ أخرى حول العالم، أصبح الأمر بمثابةِ صراعٍ لم يبقَ فيه للفلسطينيين ما يخسرونه على نقيض الصهاينة فَهُم من يخسرون كلَّ شيء، فلطالما تجدُ “اللوبي الإسرائيلي” في الولايات المتحدة مشغولًا بمحاولةِ تجريم الحركة العالمية BDS التي تتبنى منهجيةِ اللَّاعُنف ومناهضة العُنصرية والتَّمييز والعمل القانوني المباشر في جميعِ حملاتِها.

حقَّقَ اللوبي نجاحاتٍ في جَعْلِ الولاياتِ الأمريكية تُمررُ قوانينَ مناهِضةً لحركة المقاطعة، ولكن يبدو الأمر جليًا بأنَّ ذلك كله لا يعدُّ انتصارًا حقيقيًا إذا وضعنا في الحسبانِ مدى التزام وارتباط السياسيين الأمريكيين باللوبي الصهيوني لأسبابٍ تتعلقُ بالتمويل والإعلام.

ولكن على مستوى القاعدةِ الشَّعبية في الجامعاتِ والمجتمعِ المدني، لا تزالُ المعركة محتدمةً وطويلةَ الأمد، فلقد ازداد عددُ الأمريكيين الذين أصبحوا على درايةٍ بالظلمِ الواقعِ على الفلسطينيين، ومدى استعداد اللُّوبي الصهيوني والمتعاطفين معهم في دفاعهم اليائسِ عن الجرائمِ الإسرائيلية وإدامتها لإفسادِ المُثُل والمعتقداتِ الأساسيَّة للمجتمع الأمريكي، بصرف النَّظرِ عن السَّيطرةِ على المسؤولين الأمريكيين.

وفي ذاتِ السِّياق، يتناول مقالٌ نشرته مجلةُ هارفرد للقانون في شباط / فبراير 2020 أنَّه إذا أُخضِعت القوانين المناهِضةِ للمقاطعةِ التي أقرتها مختلفُ الهيئاتِ التَّشريعية للولايات الأمريكية للتَّدقيقِ من قِبَل المحكمةِ العُليا الأمريكية، فستجدُ أنَّ هذه القوانين غيرُ دستوريةٍ ومتناقضةٍ مع التعديلِ الأوَّلِ للدستور الأمريكي الذي يضمنُ حُريَّة التَّعبير، وسوف تلغي تلكَ القوانين.

التَّطورات الأخيرة في الشَّرق الأوسط

وقَّعت الإمارات والبحرين في شهرِ سبتمبر للعام الجاري اتفاقياتٍ لتطبيعِ العلاقات مع «إسرائيل»، الأمر الذي مثَّل نكسةً برأي حملات المقاطعة ومناهضةِ التطبيع BDS, وهي نكسة أكثر وضوحًا من كونِها حقيقيَّة. وليس صدفةً أنَّ جميعَ الدُّول العربية التي تتوددُ إليها “إسرائيل” هي دولٌ غيرُ ديمقراطيةٍ لا تمنحُ حقَّ الاقتراعِ العام لمواطنيها، مما يعني أنَّ الزُّمرَ الحاكمة في تلكَ الدول قادرةٌ على اتخاذ قراراتٍ دونَ التشاورِ أو الاعتبار الواجب لمشاعرِ شُعوبها، الأمر الذي مكَّن “إسرائيل” ومن خِلال التَّلاعبِ بالمخاوِفِ وانعدام الأمن لدى تلك الزُّمر الحاكمة التي لم تصلْ إلى السُّلطةِ عن طريقِ صناديق الاقتراع، والتي أصبحت شرعيتُها مفتوحةً وعرضةً دائمًا للتحدي، من خِداعهم للاعتقاد بأنَّ أمنَهم سيتعززُ وأنظمتَهم ستترسَّخ، إذا أقاموا علاقاتٍ دبلوماسيةً مع “إسرائيل”.

عملت آليةُ الدِّعاية المتحالفةِ والمدعومة من الصهيونية جاهِدةً على بناءِ شبحِ إيران بعنايةٍ ومهارةٍ فائقة وتصويره كتهديدٍ لدوام واستقرار هؤلاء الحكام، وبذلك اتَّخذت تلكَ الأنظمةُ الخليجية القرار الغريب ظنًا منها بأنَّ احتضان “إسرائيل” -التي هاجمت عسكريًا العديد من جيرانِها وحلفائِها العرب- سيُحبِطُ التهديد الإيراني الذي لم يسبق لهُ أنْ اعتدى عسكريًا على أيٍ من جيرانها.

إذا كان منطلقُ التفكيرِ والإقدامِ على تلكَ الخطوةِ هو أنَّ التعاونَ مع الدولةِ الصُّهيونيةِ سيُمكِّنُ الحُكَّام من التعاملِ بشكلٍ أفضل مع التخريبيين والمتمرِّدين من الداخلِ المتأثِّرين بإيران، فإنَّ تطبيع العلاقات مع “إسرائيل” قد يضرُّ بشكلٍ أكبر بأيِّ شرعيةٍ تُمثلها الزُمرُ الحاكمةُ في عيونِ شعوبها، وبدليل أنَّه قد تم اتخاذ قرارِ التَّطبيع دون التشاورِ مع المواطنين، علاوةً على أنً “إسرائيل” لم تتوقفْ عن معاملتِها الوحشيةِ للفلسطينيين، فلقد تُرِك شعب الإمارات والبحرين في حيرةٍ يتساءلُ عن سببِ التَّسرع في احتضانِ “إسرائيل” التي أثبتت عدمَ ندمِها لقتلِ وإصابةِ إخوانهم الفلسطينيين.

لقد تجنَّبت التقاريرُ الغربيَّة عن صفقاتِ التَّطبيع بين الإمارات والبحرين مع “إسرائيل” بعنايةٍ أيَّ ذكرٍ للمشاعرِ العامةِ في تلكَ الدُّول تجاه الصفقات، وهو مؤشرٌ محتمل على مدى عدمِ شعبيَّةِ هذه الخطوةِ لدى الجماهير، وكان سفير الإمارات لدى ماليزيا قد كتبَ لصحيفةٍ ماليزيةٍ في محاولةٍ لتبريرِ قرار بلاده إقامة علاقاتٍ مع “إسرائيل” قائلًا “أحد الأسباب هو أنَّها ستساعدُ في إِحلالِ السَّلام ومنع الإسرائيليين من ضمِّ المزيد من أراضي الضِّفة الغربيِّة”، من جانبها ردَّت حركةُ المقاطعةِ في ماليزيا وأربعة عشرة منظمة غير حكوميَّة أخرى مقرها ماليزيا برفضِ الادِّعاءات السخيفةِ التي أدلى بها.

إنَّ حركةَ المقاطعةBDS ، هي حركة عالمية لا تسيطرُ على جيش، ولا دبابات ولا صواريخ ولا قنابل ولا بنادق على الإطلاق، يمكن اعتبارها تهديدًا وجوديًا من قبل “إسرائيل” وما هو إلَّا شهادةٌ صارخةٌ على أنَّ الصهاينةَ خسروا تمامًا الحوارَ الفكري والأخلاقي، وحينما تصلُ فيك الدرجةُ لفقدانِ هذا الجانب، فتأكَّد أنَّك في الأساس تعيشُ في الوقت الضَّائع.

سيستمر النِّضالُ من أجل فلسطين حرة، بغضِّ النَّظر عن عددِ الأنظمة الاستبدادية الخليجية التي تُريد احتضان دولةَ الفصل العنصري الصهيونية. إنَّه صراعٌ نبيل، مدعومٌ ومسنودٌ بالكاملِ بجميع المُثل الأخلاقيَّة وجميعِ القوانين الدَّولية المعروفة، والأهم من ذلك أنَّه في الجانب الصحيح من التاريخ. لن تتراجعَ حركةُ المقاطعة BDS أبدًا عن كونها جزءًا مهمًا من هذا النِّضال.

إعلام المنتدى

العلاقات العامة والإعلام منتدى آسيا والشرق الأوسط More »

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button