مقالات

أفكار غاندي حول الصراع الصهيوني الفلسطيني

د. نور عائشة حنيفة محاضر أوَّل في قسمِ العلومِ الاستراتيجيَّة بكليةِ الدراسات الدِّفاعيةِ والإدارةِ بجامعةِ الدِّفاع الوطني الماليزيَّة

أفكار‭ ‬غاندي‭ ‬حول‭ ‬الصراع‭ ‬الصهيوني‭ ‬الفلسطيني

اعاملٌ‭ ‬أساسيٌ‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬الهندية ‬تجاه‭ ‬إسرائيل‭ ‬وفلسطين

أثَّرت‭ ‬أفكارُ‭ ‬المهاتما‭ ‬غاندي‭ ‬وفلسفاتُه‭ ‬على‭ ‬سياسةِ‭ ‬الهند‭ ‬الخارجيَّة‭ ‬تجاه‭ ‬اإسرائيلب‭ ‬وفلسطين‭ ‬لعقودٍ‭ ‬عديدة،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬أوَّلَ‭ ‬زعيمٍ‭ ‬هنديِّ‭ ‬يعترفُ‭ ‬بنضالِ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ضِدَّ‭ ‬اإسرائيلب‭  ‬ويعارض‭ ‬صراحةً‭ ‬إنشاءَ‭ ‬اإسرائيلب‭ ‬في‭ ‬الشَّرقِ‭ ‬الأوسَط‭ ‬من‭ ‬خلالِ‭ ‬سحقِ‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ونتيجةً‭ ‬لذلك‭ ‬فقد‭ ‬استغرقت‭ ‬الهندُ‭ ‬45‭ ‬عامًا‭ ‬لإقامةِ‭ ‬علاقاتٍ‭ ‬دُبلوماسيَّةٍ‭ ‬مع‭ ‬اإسرائيلب،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬قيام‭ ‬اإسرائيلب‭ ‬بفتحِ‭ ‬سفارتها‭ ‬في‭ ‬نيودلهي‭ ‬عام‭ ‬1992،‭ ‬حيث‭ ‬كان‭ ‬تضامنُ‭ ‬الهندِ‭ ‬مع‭ ‬القضيةِ‭ ‬الفلسطينيَّة‭ ‬ضدَّ‭ ‬المستوطناتِ‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬القَسريَّة‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينيةِ‭ ‬المحتلة‭ ‬سببًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬بذلك،‭ ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬موقفِ‭ ‬غاندي‭ ‬الصَّريحِ‭ ‬ضد‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لديه‭ ‬أيُّ‭ ‬تحيزٍ‭ ‬أو‭ ‬تَعَدٍ‭ ‬على‭ ‬جُموع‭ ‬الشعبِ‭ ‬اليهودي‭.‬

دافع‭ ‬غاندي‭ ‬دائمًا‭ ‬عن‭ ‬حريةِ‭ ‬واستقلالِ‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬حولَ‭ ‬العالمِ‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬وأَلْهَمَ‭ ‬حركات‭ ‬الاستقلالِ‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬وآسيا،‭ ‬فكانت‭ ‬فلسفتُه‭ ‬حول‭ ‬اسواراجب‭ (‬تقرير‭ ‬المصير‭) ‬أحدَ‭ ‬المبادئِ‭ ‬الأساسيةِ‭ ‬لحركتِه،‭ ‬والتي‭ ‬أثَّرت‭ ‬في‭ ‬ذاتِ‭ ‬الوقتِ‭ ‬على‭ ‬السِّياسةِ‭ ‬الخارجيةِ‭ ‬للهند‭ ‬حتى‭ ‬اغتيل‭ ‬غاندي‭ ‬على‭ ‬يدِ‭ ‬متطرفٍ‭ ‬هندوسي،‭ ‬انخرط‭ ‬غاندي‭ ‬في‭ ‬الصِّراعِ‭ ‬العربيّ‭ ‬الصهيونيّ‭ ‬عندما‭ ‬كتب‭ ‬مقالًا‭ ‬عن‭ ‬معاناةِ‭ ‬اليهود‭ ‬قبلَ‭ ‬الحربِ‭ ‬العالميةِ‭ ‬الثانية‭ ‬بعنوان‭ ‬االيهودب‭ ‬نُشر‭ ‬في‭ ‬اهاريجانب‭ ‬في‭ ‬26‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ / ‬نوفمبر‭ ‬1938،‭ ‬وقد‭ ‬كانت‭ ‬تلكَ‭ ‬الفترة‭ ‬الزمنية‭ ‬حاسمةً‭ ‬للغايةِ‭ ‬في‭ ‬التَّاريخ؛‭ ‬لأنَّ‭ ‬اليهودَ‭ ‬كانوا‭ ‬يمرُّون‭ ‬بمأساةِ‭ ‬االمحرقةب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬ألمانيا‭ ‬النازيَّة‭.‬

لقد‭ ‬تمكَّنَ‭ ‬من‭ ‬فهمِ‭ ‬معاناةِ‭ ‬اليهود‭ ‬تحتَ‭ ‬أيدي‭ ‬النَّازيين‭ ‬وأبدى‭ ‬تعاطفًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬معهم،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬غاندي‭ ‬ضد‭ ‬كلِّ‭ ‬أشكالِ‭ ‬الاضطهادِ‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانيةِ‭ ‬في‭ ‬أيِّ‭ ‬جزءٍ‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬رسم‭ ‬خطًا‭ ‬لتعاطفِه‭ ‬حيثُ‭ ‬يقول‭ ‬غاندي‭: ‬اإنَّ‭ ‬تعاطفَه‭ ‬مع‭ ‬اليهودِ‭ ‬لا‭ ‬يمكنُ‭ ‬أنْ‭ ‬يعميه‭ ‬عن‭ ‬متطلّباتِ‭ ‬وشروط‭ ‬العدالةب،‭ ‬وفي‭ ‬الأعمالِ‭ ‬المجمعة‭ ‬للمهاتما‭ ‬غاندي‭ ‬عام‭ ‬1938،‭ ‬أعلن‭ ‬غاندي‭ ‬أنَّ‭ ‬افكرة‭ ‬المناداةِ‭ ‬من‭ ‬أجلِ‭ ‬الوطن‭ ‬القومي‭ ‬لليهود‭ ‬لا‭ ‬تعجبني‭ ‬البتَّة‭ … ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬عليهم‭ ‬ومثل‭ ‬غيرهم‭ ‬من‭ ‬شعوبِ‭ ‬الأرض‭ ‬أن‭ ‬يجعلوا‭ ‬ذلك‭ ‬البلد‭ ‬وطنهم‭ ‬حيث‭ ‬ولدوا‭ ‬وحيث‭ ‬يكسبون‭ ‬رزقَهمب‭ (‬الصفحة‭ ‬239‭).‬

يواصلُ‭ ‬غاندي‭ ‬دعمَه‭ ‬للفلسطينيين‭ ‬بقوله‭: ‬افلسطين‭ ‬ملكٌ‭ ‬للعرب‭ ‬بنفسِ‭ ‬مُنطلق‭ ‬أنَّ‭ ‬إنجلترا‭ ‬تعود‭ ‬للإنجليز‭ ‬أو‭ ‬فرنسا‭ ‬إلى‭ ‬الفرنسيين،‭ ‬فإنَّه‭ ‬من‭ ‬الخطأِ‭ ‬وغير‭ ‬الإنساني‭ ‬فرض‭ ‬اليهود‭ ‬على‭ ‬العرب،‭ ‬وما‭ ‬يحدثُ‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬اليوم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تبريره‭ ‬بأيِّ‭ ‬شكلٍ‭ ‬أخلاقيّ‭ ‬ة‭ ‬بالتأكيد‭ ‬سيكون‭ ‬اختزالُ‭ ‬وتحجيمُ‭ ‬العربِ‭ ‬الفخورين‭ ‬جريمةً‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬ممثلةً،‭ ‬سواء‭ ‬بإعادةِ‭ ‬فلسطين‭ ‬لليهودِ‭ ‬جزئيًّا‭ ‬أو‭ ‬كليًّا‭ ‬كوطنٍ‭ ‬قوميٍّ‭ ‬لهم‭ … ‬بالتأكيد‭ ‬سيُعتبر‭ ‬انقاص‭ ‬كبرياءِ‭ ‬العرب‭ ‬عن‭ ‬طريقِ‭ ‬مَنح‭ ‬فلسطين‭ ‬لليهود‭ ‬جزئيًا‭ ‬أو‭ ‬كليًا‭ ‬كوطنٍ‭ ‬قوميٍّ‭ ‬لهم‭ ‬جريمة‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانيةب‭ (‬الصفحة‭ ‬239‭).‬

أبدى‭ ‬غاندي‭ ‬رأيَه‭ ‬بشأنِ‭ ‬الاستيطانِ‭ ‬اليهودي‭ ‬قبلَ‭ ‬عَقدٍ‭ ‬من‭ ‬تأسيسِ‭ ‬زإسرائيل‭ ‬كدولةٍس‭ ‬يهوديةٍ‭ ‬في‭ ‬الشَّرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬حيث‭ ‬أصّلت‭ ‬كلَّ‭ ‬وجهاتِ‭ ‬نظرِه‭ ‬بشكلٍ‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬إلى‭ ‬الخطوطِ‭ ‬العريضةِ‭ ‬للسِّياسةِ‭ ‬الخارجيَّة‭ ‬الهندية‭ ‬تجاهَ‭ ‬فلسطين،‭ ‬فلقد‭ ‬درسَ‭ ‬غاندي‭ ‬الهدفَ‭ ‬الدينيَّ‭ ‬اليهوديَّ‭ ‬وراءَ‭ ‬تكوينِ‭ ‬زإسرائيلس،‭ ‬ودرس‭ ‬في‭ ‬حياتِه‭ ‬معظمَ‭ ‬الكتب‭ ‬السَّماوية‭ ‬بجانب‭ ‬النصوصِ‭ ‬المقدسةِ‭ ‬الهندوسية،‭ ‬كما‭ ‬وقد‭ ‬قرأَ‭ ‬عن‭ ‬الكتابِ‭ ‬المقدس‭ ‬وتعرَّضَ‭ ‬بشكلٍ‭ ‬غير‭ ‬مباشرٍ‭ ‬للتوراة‭ (‬العهد‭ ‬القديم‭)‬،‭ ‬مما‭ ‬مكَّنه‭ ‬من‭ ‬إدراكِ‭ ‬مفهوم‭ ‬زإسرائيل‭ ‬الكبرىس‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬المقدَّس،‭ ‬الذي‭ ‬انتشر‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بواسطةِ‭ ‬الصهيونية،‭ ‬ولكن‭ ‬غاندي‭ ‬استمرَّ‭ ‬على‭ ‬موقفِه‭ ‬الرافضِ‭ ‬للموافقةِ‭ ‬على‭ ‬خطَّة‭ ‬الصهاينة‭ ‬لإنشاءِ‭ ‬زإسرائيلس‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭.‬

يقول‭: ‬زليس‭ ‬لدي‭ ‬أدنى‭ ‬شك‭ ‬في‭ ‬أنَّهم‭ ‬يسيرون‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬بطريقةٍ‭ ‬خاطئة،‭ ‬إنَّ‭ ‬فلسطين‭ ‬استنادًا‭ ‬للمفهومِ‭ ‬التوراتيِّ‭ ‬ليست‭ ‬منطقةً‭ ‬جغرافيةً‭ ‬فقط،‭ ‬إنَّها‭ ‬تكمنُ‭ ‬في‭ ‬قلوبِهم،‭ ‬ولكن‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬ينظروا‭ ‬إلى‭ ‬فلسطين‭ ‬من‭ ‬جغرافيَّةِ‭ ‬وطنِهم‭ ‬القومي،‭ ‬فمن‭ ‬الخطأِ‭ ‬دخولها‭ ‬تحت‭ ‬ظلِّ‭ ‬البُندقيةِ‭ ‬البريطانية،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬القيام‭ ‬بعملٍ‭ ‬دينيٍّ‭ ‬بمساعدةِ‭ ‬الحربةِ‭ ‬أو‭ ‬القُنبلة،‭ ‬لا‭ ‬يمكنهم‭ ‬الاستقرارَ‭ ‬في‭ ‬فلسطين‭ ‬إلا‭ ‬بحسن‭ ‬نيَّةٍ‭ ‬تجاه‭ ‬العرب،‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬يسعوا‭ ‬إلى‭ ‬استمالةِ‭ ‬القلب‭ ‬العربيس‭(‬الصفحة‭ ‬242‭).‬

في‭ ‬الصِّراع‭ ‬العربي‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬شدَّدَ‭ ‬غاندي‭ ‬على‭ ‬عدمِ‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬إنشاءِ‭ ‬زإسرائيلس‭ ‬على‭ ‬أرضِ‭ ‬فلسطين،‭ ‬وقد‭ ‬وضع‭ ‬شرطًا‭ ‬بأنَّه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إقامة‭ ‬زإسرائيلس‭ ‬إلّا‭ ‬بموافقةِ‭ ‬العرب،‭ ‬كما‭ ‬أكدَ‭ ‬غاندي‭ ‬بوضوحٍ‭ ‬على‭ ‬أنَّه‭ ‬لن‭ ‬تتمَّ‭ ‬خطةُ‭ ‬الصهاينةِ‭ ‬لإنشاء‭ ‬زإسرائيلس‭ ‬إلا‭ ‬بموافقةِ‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬ويختمُ‭ ‬بالقول‭: ‬زدعوا‭ ‬اليهودَ‭ ‬الذين‭ ‬يدَّعون‭ ‬أنَّهم‭ ‬العرقُ‭ ‬المختار‭ ‬يثبتوا‭ ‬لقبَهم‭ ‬بطريقةِ‭ ‬اللَّاعُنف‭ ‬لتبريرِ‭ ‬موقفهم‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬كل‭ ‬بلدٍ‭ ‬وطنهم‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬فلسطين‭ ‬ولكن‭ ‬ليسَ‭ ‬بالعدوان،‭ ‬بل‭ ‬بالخدمةِ‭ ‬والمحبةس‭(‬الصفحة‭ ‬242‭). ‬

من‭ ‬الواضحِ‭ ‬جدًا‭ ‬سعي‭ ‬غاندي‭ ‬لمزامنةِ‭ ‬اللَّقب‭ ‬اليهودي‭ ‬على‭ ‬أنَّه‭ ‬زالشعب‭ ‬المختارس‭ ‬مع‭ ‬ممارسةِ‭ ‬اللَّاعنف،‭ ‬وحثّ‭ ‬الصهاينة‭ ‬على‭ ‬تبنِّي‭ ‬اللاعنف‭ ‬كاستراتيجيةٍ‭ ‬في‭ ‬سبيلِ‭ ‬تحقيقِ‭ ‬طموحهم‭.‬ ‭ ‬

عندما‭ ‬أقرَّت‭ ‬الأممُ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬خطةَ‭ ‬تقسيمِ‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ / ‬نوفمبر‭ ‬لعام‭ ‬1947،‭ ‬عارضَ‭ ‬غاندي‭ ‬خطةَ‭ ‬التَّقسيمِ‭ ‬لإنشاءِ‭ ‬دَولتين‭ ‬يهوديَّة‭ ‬وعربيَّة‭ ‬المُسمَّى‭ ‬زبحلِّ‭ ‬الدولتَينس‭ ‬الذي‭ ‬أعلنه‭ ‬قرارُ‭ ‬الأممِ‭ ‬المتَّحدة‭ ‬رقم‭ ‬181،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬نضالُ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بشكلٍ‭ ‬وثيقٍ‭ ‬بفلسفتِه‭ ‬وعقيدته‭ ‬زأهيمساس‭ ‬و‭ ‬زسواراجس،‭ ‬فإنَّه‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يمكنُ‭ ‬إنكاره‭ ‬أنَّ‭ ‬غاندي‭ ‬كانَ‭ ‬يدعمُ‭ ‬قضيةَ‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬قبلَ‭ ‬خطةِ‭ ‬التَّقسيم،‭ ‬حتى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتمَّ‭ ‬مجردُ‭ ‬التفكير‭ ‬بها،‭ ‬فلقد‭ ‬اختلفَ‭ ‬غاندي‭ ‬معَ‭ ‬القرارِ‭ ‬البريطاني‭ ‬بتقسيمِ‭ ‬أرض‭ ‬فلسطين‭ ‬كَحلٍّ‭ ‬للصِّراع،‭ ‬ورأى‭ ‬أنَّ‭ ‬تقسيمَ‭ ‬فلسطين‭ ‬لن‭ ‬يحلَّ‭ ‬المشاكل‭ ‬بين‭ ‬اليهود‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬باتجاه‭ ‬إحلال‭ ‬السَّلامِ‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬اعتبرَ‭ ‬غاندي‭ ‬تقسيمَ‭ ‬فلسطين‭ ‬إجراءً‭ ‬مؤقتًا‭ ‬وليس‭ ‬تدبيرًا‭ ‬دائمًا،‭ ‬كانت‭ ‬أفكارُ‭ ‬غاندي‭ ‬دقيقةً‭ ‬لأنَّ‭ ‬خطةَ‭ ‬تقسيم‭ ‬فلسطين‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬إنشاءِ‭ ‬دولتَين‭ ‬متجاورتين‭ ‬مسالمتَين‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬بل‭ ‬صعَّدت‭ ‬الصِّراعَ‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الكُلي‭ ‬بين‭ ‬زإسرائيلس‭ ‬والفلسطينيين‭.‬

أثَّرت‭ ‬فلسفةُ‭ ‬غاندي‭ ‬على‭ ‬سياسةِ‭ ‬الهندِ‭ ‬الخارجيَّة‭ ‬لعقودٍ‭ ‬عديدة،‭ ‬وجدد‭ ‬رئيسُ‭ ‬الوزراء‭ ‬زناريندرا‭ ‬موديس‭ ‬التأكيدَ‭ ‬على‭ ‬دعمِ‭ ‬الهند‭ ‬القويِّ‭ ‬للقضيةِ‭ ‬الفلسطينية‭ ‬في‭ ‬زيارتِه‭ ‬لفلسطين‭ ‬في‭ ‬29‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ / ‬نوفمبر‭ ‬2019،‭ ‬كما‭ ‬أعربَ‭ ‬عن‭ ‬تضامنِ‭ ‬الهند‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬في‭ ‬جهودِه‭ ‬لإقامةِ‭ ‬دولةٍ‭ ‬ذات‭ ‬سيادةٍ‭ ‬مستقلةٍ‭ ‬وقادرةٍ‭ ‬على‭ ‬البقاء،‭ ‬والدَّفع‭ ‬لتعايشِ‭ ‬دولة‭ ‬فلسطين‭ ‬المتَّحدة‭ ‬بسلامٍ‭ ‬مع‭ ‬زإسرائيلس،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬مودي‭ ‬بذلك‭ ‬هو‭ ‬أوَّلُ‭ ‬زعيمٍ‭ ‬هنديٍّ‭ ‬يزور‭ ‬فلسطين،‭ ‬وخلال‭ ‬الزيارة‭ ‬وقعت‭ ‬الهند‭ ‬ودولةُ‭ ‬فلسطين‭ ‬اتفاقياتٍ‭ ‬بقيمة‭ ‬حوالي‭ ‬50‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬أمريكي‭ ‬تضمنت‭ ‬إنشاءَ‭ ‬مستشفىً‭ ‬تخصصيٍ‭ ‬حديث،‭ ‬كما‭ ‬أعلنت‭ ‬الهند‭ ‬عن‭ ‬المساهمةِ‭ ‬بمبلغ‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬دولار‭ ‬للأونروا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2020،‭ ‬وتأملُ‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تمضيَ‭ ‬فلسطين‭ ‬وسإسرائيلس‭ ‬قُدمًا‭ ‬لإيجاد‭ ‬حلٍ‭ ‬شاملٍ‭ ‬للصِّراع‭ ‬المُستمر‭.‬

د. نور عائشة حنيفة

محاضر أوَّل في قسمِ العلومِ الاستراتيجيَّة بكليةِ الدراسات الدِّفاعيةِ والإدارةِ بجامعةِ الدِّفاع الوطني الماليزيَّة More »

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button