مقالات

التطور التاريخي للسياسية الصينية تجاه القضية الفلسطينية

Prof. Ding Long أكاديمي في معهد دراسات الشرق الأوسط، جامعة شنغهاي للدراسات الدولية

التطور التاريخي للسياسية الصينية تجاه القضية الفلسطينية

Prof. Ding Long

أكاديمي في معهد دراسات الشرق الأوسط، جامعة شنغهاي للدراسات الدولية

تعود بداية تاريخ العلاقات الصينية الفلسطينية إلي نهاية الخمسينات وبداية الستينات حيث كانت حمهورية الصين الشعبية تقف مع دول و شعوب العالم الثالث في نيل حقوقها الوطنية ضد الاستعمار والامبريالية، حيث كانت فلسطين جزء مهم من حركات التحرر الوطني على مستوى الشرق الأوسط وعلى الصعيد العالمي.

موقف الصين في ذلك الوقت كان ثابت وواضح، ولم يؤثر عليه اعتراف إسرائيل بجمهورية الصين الشعبية الوليدة، ورغم أنها كانت أولى الدول التي اعترفت بها إلى أن بكين أغلقت باب التقارب معها، واعتبرتها دولة وليدة عميلة للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة

وكان الاعتقاد الصيني أن فلسطين هي الجبهة الأمامية للتصدي للهيمنة الغربية، وفي هذا الإطار قدنت بكين مساعدات اقتصادية وعسكرية للنضال الفلسطيني، شمل الدعم العسكري تدريبًا للفدائيين في المعاهد العسكرية الصينية في الستينات والسبعينات.

في نهاية السبعينات بعد اتخاذ سياسة الإصلاح والانفتاح اتجهت الصين الي الانخراط بالعالم الغربي وعملت على تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة ودعمت عملية أوسلو ومؤتمر مدريد وخيار حل الدولتين وعملية التسوية السياسية في الشرق الأوسط، وجشعت كل الجهود الهادفة الى إيجاد سلام وتدريجيًا بدأت تتواصل مع الجانب الإسرائيلي وفي بداية التسعينات أقامت علاقات رسمية مع الاحتلال، وانطلق التعاون بين البلدين في مجالات كثيرة مثل التكنولوجيا والزراعة وأيضًا في المجال العسكري

تلك العلاقات بين الصين والاحتلال، تتم على حساب دعم بكين للقضية الفلسطينية ولم يتأثر موقفها اتجاه القضية الفلسطينية ولم يتغير ولا تزال تدعم الشعب الفلسطيني في استرجاع جميع حقوقه المشروعة وفقاً للمتغيرات الدولية، لكن موقفها أصبح يتسم بالمرونة و البرغماتية مع الحفاظ على الدعوة إلى العدالة وإنصاف القضية الفلسطينية

بعد اندلاع موجات الربيع العربي نجد أن القضية الفلسطينية تم تهميشها ولم تكن الأولوية الأولى للدول العربية والإسلامية، وخلال السنوات الماضية أقامت بعض الدول العربية علاقات رسمية مع إسرائيل وتم بشكل واضح تهميش القضية الفلسطينية، لكن الموقف الصيني لم يتغير، وظلت تحاول أن تقدم إسهامات أكثر وتلعب دورا أكبر في إيجاد حل سلمي وفقاً لخيار حل الدولتين

وخلال رئاستها لمجلس الأمن، لعبت الصين دورا مهما في إدانة التصرفات الإسرائيلية في بناء المستوطنات والحرب على قطاع غزة، وطرحت مبادرات عديدة لحل القضية الفلسطينية سلميًا وفقاً لمبدأ الأرض مقابل السلام، واسترجاع جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بشكل كامل، وأيضاً وجهت دعوة رسمية للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني للقيام بمفاوضات مباشرة في بكين

سيكون هناك حوار ثلاثي صيني فلسطيني إسرائيلي في الأراضي الصينية، وكذلك هناك آليات غير رسمية فمثلاً قبل سنتين كان هناك جلسة حوار لمؤيدي ومحبي السلام من إسرائيل وفلسطين، وكذلك ندوات أكاديمية كثيرة يشارك فيها أطراف النزاع في الصين، وهذا دليل على أن بكين جاهزة ومستعدة للعب دور أكبر وبذل جهود أعظم في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، في الوقت الذي عملت الولايات المتحدة خصوصًا خلال إدارة ترامب على اتخاذ مواقف منحازة لإسرائيل مما جعلت القضية الفلسطينية أمام تحديات جسيمة

Prof. Ding Long

أكاديمي في معهد دراسات الشرق الأوسط، جامعة شنغهاي للدراسات الدولية

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button