مقالات

تجربة شخصية في بدايات الثورة الفلسطينية والصينية

د. ربحي حلّـــوم أمين العلاقات الدولية للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج

تجربة شخصية في بدايات الثورة الفلسطينية والصينية

“الصين عضدٌ داعمٌ لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال منذ البدايات”

                د. ربحي حلّـــوم

أمين العلاقات الدولية للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج

تتقاسم التربعَ على هرم السيطرة في العالم خمسُ دول عظمى فرضها انتصارها في  الحرب العالمية الثانية بمنحها العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي الذي أُنشئ في يناير عام 1946م  في أعقاب تلك الحرب كي يتولى المسؤولية الرئيسية عن صون السـلم والأمن الدوليين، واتخاذ زمام المبادرة في تحديد وجود أي تهديد أو عمل عدواني يهددهما -طبقاً للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة- باعتباره أحد أهم الأجهزة المؤسسية الرئيسية الستة التابعة لها ، وصاحب السلطة القانونية على حكومات الدول الأعضاء – بموجب المادة الرابعة من الميثاق- كون قراراته تُعتبر ملزمة لتلك الدول.

يعود تاريخ جمهوريــة الصين الشعبيــة المدون منذ بداية تأسيسها في أكتوبر عام 1949 م، وتشكلت عبر سلسلة من الخطط الخمســية- فكرية واقتصادية وصناعية وثقافية ومجتمعية ومعرفية- تمكنت خلالها من تحقيق تنميــة نهضويــة صناعية وحضاريــة باتت تشكل اهتماماً يشغل القوى العالمية الكبرى وتحدياً لكل الدول الاستعمارية التي تسعى لبسط نفوذها وسيطرتها على الشعوب في العالم.

تزامن تأسيس تلك الجمهورية، مع الهجمة الاستعمارية الغربية على “فلسطين الوطن والشعب” كذراع استعماري سافر للامبريالية العالمية الممتدة من الولايات المتحدة وحتى مجموعة دول أوروبا الغربيـــــة القائمـــــة على أنقاض الامبراطوريـــة البريطانيـــــة والاستعماريـــن الفرنسي والبرتغالي اللتين انتشر سرطانها في منطقتنا الشرق أوسطية كما في بعض بلدان العالم الثالث وفي مختلف القارات، ومع امتدادات العدوان الصهيوني الاحتلالي الهمجي لفلسطين التاريخ التي كانت في قبضة الانتداب البريطاني والسيطرة الإنجلو سكسونية البغيضة عليها وعلى كل منطقتنا المنكوبــــة.

وعلى ضوء أرضيتها الصلبة وخلفيتها النضالية اللتين تأسست عليهما الصين، والمتوائمتين مع تطلعات ونضالات الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والمقتلعة من أوطانها وأرضها وثرواتها،  كانت بكين محجاً للثورات النضالية ولكل حركات التحرر في العالم، وواحدة من أولى الدول التي أعلنت موقفها الرافض للاحتلال الصهيوني لفلسطين والداعمة لنضال الشعب الفلسطيني في بواكير ثورته منذ انطلاقتها في يناير عام 1965م، وكانت منذ ذلك الحين وما زالت حتى اليوم ثابتة في مواقفها المساندة للقضية الفلسطينية – على اختلاف أشكال وأوجه الدعم والمساندة القائمة -، حيث كانت الصين أول دولة في العالم يزورها الشهيد الراحل خليل الوزير (أبو جهاد) ويفتتح فيها مكتباً رسمياً لـ “حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح” بالتزامن مع افتتاح أول مكتب مماثل يتولاه الراحل الوزير نفسه للحركة في الجزائر. (وحين أذكر هنا  حركة فتح فهي ليست حركة فتح المختطفة الآن من عباس وبقية المنسقين الأمنيين مع الصهاينة الذين وضعوها في ثلاجة الموتى بعد أن جردوها من مبادئها الأساسية وميثاقها القومي بما يخدم الصهاينة).

وشرف كبير لي شخصياً أن الصين كانت أول بلد عالمي صديق قضيت فيه دورة تثقيف نضالي في فبراير عام 1973م مبتعثاً من “حركة فتح” في البواكير الأولى من توليّ موقعي الأول كنائب لرئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية الشهيد أبي يوسف النجار، وهذا أمر حرصت على عدم البوح المعلن عنه قبل اليوم، الأمر الذي يشرفني البوح به خلال الحديث عن الصين كواحدة من أهم الدول الصديقة الداعمة لنضالات شعبنا.

وأنا على يقين بأن هذا البلد العظيم بما يمثله من تاريخ وحضارة تعتبر واحدة من أقدم الحضارات العالميـــة التي تمتد إلى ما قبل أربعة آلاف عام، وبما أنجزته قياداته المتعاقبة لشعبه العظيم على امتداد قرابة سبعين عاماً من تأسيسه ومن البناء والإبداع في مختلف الحقول ، وبما تركز عليه استراتيجياته في مواجهة التحديات الامبريالية التي تخشى على أطماعها من تفوقه وتأثيره في مجريات الأحدات القائمة والمستقبليه، يستوجب التأكيد بأنه سيكون الحليف القوي لكل الشعوب المستضعفة ولكل قضايا الحق والعدل والحرية في العالم، متطلعاً إلى تعزيز الصداقة القائمة بين شعبنا الفلسطيني بكل أطيافه ومعه شعوب أمتينا العربية والإسلامية وبين جمهورية الصين الشعبية الصديقة، لأن ذلك وحده كفيل بلجم كل قوى الشر ومواجهة كل الأطماع الاستعمارية التي تواجه شعوبنا وتدعم عزمنا على إنهاء وكنس آخر البؤر الأستعمارية  والاحتلالات القائمـة في العالم.

د. ربحي حلوم

أمين العلاقات الدولية للمؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button