تنطلق غدا /الخميس/ بمدينة /شيان/ الصينية قمة الصين وآسيا الوسطى، التي يرأسها الرئيس الصيني شي جين بينغ، وتضم رؤساء كازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان، وتهدف لتدشين حقبة جديدة من التعاون والتنسيق بين الدول الست.
وأشادت الصين بالقمة مع دول المنطقة المجاورة الشاسعة وذات الأهمية الجغرافية الاستراتيجية، باعتبارها أول حدث دبلوماسي كبير تستضيفه هذا العام، وقالت إن القمة ستكون علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين الطرفين، ويرى مراقبون في بكين أن العلاقات القوية مع آسيا الوسطى أصبحت الآن على رأس جدول الأعمال الدبلوماسي للصين، وقالوا إن القضايا الحساسة، مثل حرب أوكرانيا الجارية والأوضاع الراهنة في أفغانستان، ستتم مناقشتها أيضا عندما يجتمع الزعماء في شيان.
وأشارت الخارجية الصينية إلى أن بكين ودول وسط آسيا الخمس تتبنى وجهات نظر ومواقف وثيقة بشأن القضايا الدولية والإقليمية، ولكن ما تزال هناك حاجة إلى مزيد من التنسيق.
وسيلقي الرئيس الصيني كلمة مهمة خلال القمة، فيما سيستعرض رؤساء الدول الست تطور العلاقات بين دولهم، وسيتبادلون وجهات النظر بشأن التعاون بين الطرفين في مختلف المجالات وكذلك القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية ذات الاهتمام المشترك، ومن المنتظر أن يوقع المشاركون في القمة عددا من الاتفاقيات والوثائق السياسية المهمة.
وستركز القمة مناقشاتها على تعزيز العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين الدول الخمس والصين، ثاني أكبر مستهلكي الطاقة عالميا، والتي استثمرت مليارات الدولارات للاستفادة من احتياطات الغاز في آسيا الوسطى.
وقال مراقبون في بكين إن التعاون الاقتصادي سيكون أحد القضايا الرئيسية في القمة، وسيكون الضغط من أجل مزيد من التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق الصينية أمرا مهما، وقد يناقش الجانبان أيضا اتفاقيات حول الطاقة والزراعة والاقتصاد الأخضر وما إلى ذلك.
كما حافظت الصين وآسيا الوسطى على تعاون وثيق في مجال الأمن لسنوات، وتوقع المراقبون أن يكون التعاون الأمني محط تركيز آخر في القمة بسبب المخاطر والتحديات الجديدة في المنطقة.
وأضاف المراقبون أن قمة شيان تشير إلى أن الشراكات الاستراتيجية الشاملة التي أقامتها الصين مع جميع دول آسيا الوسطى الخمس قد وصلت إلى مستوى جديد، وباتت الدول الست تتشارك في اهتماماتها بالتنمية وسط التحديات والمخاطر الجديدة في المنطقة.
وتشترك الصين في روابط خاصة مع دول آسيا الوسطى، ففي أول رحلة خارجية له منذ جائحة /كوفيد-19/، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة دولة إلى أوزبكستان في سبتمبر الماضي وحضر الاجتماع الثاني والعشرين لمجلس رؤساء دول منظمة شنغهاي للتعاون، علاوة على ذلك، يصادف هذا العام أيضا الذكرى السنوية العاشرة لمبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التي اقترحها جين بينغ خلال زيارته إلى كازاخستان عام 2013.
وفي الشهر الماضي ترأس وزير الخارجية الصيني تشين قانغ الاجتماع الرابع لوزراء خارجية الصين وآسيا الوسطى بمدينة شيان، وأسفر الاجتماع عن توافق في الآراء والتمسك بالتضامن والمساعدة المتبادلة والالتزام بالمنفعة المتبادلة والنتائج المربحة للجانبين، وتعزيز التعاون عالي الجودة مع مشروع الحزام والطريق وتوسيع التعاون الأمني.
وفي قمة افتراضية العام الماضي للاحتفال بالذكرى الثلاثين للعلاقات الدبلوماسية بين الصين ودول آسيا الوسطى، أعلن رؤساء الدول الست بشكل مشترك عن بناء مجتمع بين الصين وآسيا الوسطى، له مستقبل مشترك وآلية تعاون بين الطرفين تتسم بالانفتاح والشفافية والمنفعة المتبادلة والمساواة والمعاملة بالمثل.
وفي كلمته أمام القمة، أكد الرئيس الصيني أن مفتاح التعاون الناجح بين الصين ودول وسط آسيا الخمس هو التزامها الراسخ بالاحترام المتبادل وصداقة حسن الجوار والتضامن في الأوقات العصيبة والمنفعة المتبادلة.
وبعد شهر واحد، حضر خمسة من قادة دول آسيا الوسطى حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، وقرر الاجتماع الثالث لوزراء خارجية الصين وآسيا الوسطى في يونيو الماضي رفع مستوى التجمع إلى مستوى رئيس الدولة.
ويمنح القرب الجغرافي الصين ميزة طبيعية في التعاون مع دول آسيا الوسطى الخمس، وفي السنوات الأخيرة، أصبحت الدول الست قريبة بشكل متزايد في التبادلات الاقتصادية والتجارية، ومنذ أن أقامت الصين العلاقات الدبلوماسية مع دول آسيا الوسطى قبل 31 عاما، أصبحت الصين أحد الشركاء الاقتصاديين والتجاريين المهمين لتلك الدول، وتعد آسيا الوسطى المكان الذي تم فيه اقتراح مبادرة الحزام والطريق، وهي أيضا واحدة من المناطق التي جنت الثمار المبكرة للمبادرة، كما أفاد التعاون الاستثماري جميع الأطراف، وتظهر البيانات الرسمية أن حجم التجارة بين الصين ودول آسيا الوسطى بلغ سبعين مليار دولار عام 2022، بزيادة أكثر من 100 مرة مقارنة بحجم التجارة عندما أقام الجانبان العلاقات الدبلوماسية، وزادت واردات الصين من المنتجات الزراعية ومنتجات الطاقة والمنتجات المعدنية من دول آسيا الوسطى بنسبة تزيد عن خمسين بالمائة على أساس سنوي، كما زادت صادرات المنتجات الميكانيكية والكهربائية الصينية إلى دول آسيا الوسطى بمقدار اثنين وأربعين بالمائة، وازدادت التجارة الإلكترونية عبر الحدود بين الطرفين بنسبة خمسة وتسعين بالمائة، وحتى نهاية مارس، بلغ رصيد الاستثمار المباشر الصيني في الدول الخمس أكثر من 15 مليار دولار، وبلغ حجم التداول التراكمي للمشاريع المنجزة بين الطرفين نحو ثلاثة وستين مليار دولار.
(المصدر: الراية)