متخصصون يدعون إلى تطوير أساليب مخاطبة الشعب الصيني والطبقة السياسية لدعم فلسطين
دعا مختصون في الشأنين الصيني والفلسطيني، اليوم السبت، إلى إيجاد وسائل لمخاطبة الشعب الصيني والطبقة السياسية والنخبة في الصين، لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتعزيز الرواية الفلسطينية.
جاء ذلك خلال الجلسة الثانية من المؤتمر الدولي “الصين والقضية الفلسطينية”، الذي عقد تحت عنوان “النهضة الصينية والشرق الأوسط”.
وقال مدير مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، الدكتور محسن صالح، إن علاقة الصين مع الاحتلال الإسرائيلي تقوم على الجذب الإسرائيلي، والمتمثل في الحصول على السلاح، والتبادل التجاري، والاستفادة من لوبيات الاحتلال في العالم الغربي في قضايا إشكالية.
وأشار الدكتور محسن إلى أن هناك محددات تجعل الصين تفكر في نظريتها التي تتعامل بموجبها مع الشرق الأوسط، منها العلاقة مع الولايات المتحدة وحاجتها لتقنيات السلاح الغربي، لافتاً إلى أنها اليوم أصبحت مكتفية إلى حدٍّ ما بصناعاتها.
وتابع قائلاً: “تعتبر الصين أن إسرائيل بوابة إلى الولايات المتحدة وبوابة إلى السلاح والنفوذ في العالم الغربي، لكن هذا تراجع إلى حد ما بسبب تراجع العلاقة مع الولايات المتحدة، في حين تبقى الصين حريصة على النظام الاقتصادي”، مشيراً إلى عدم وجود خلفية دينية أو ثقافية أو تاريخية أو استعمارية تجعل بكين في حالة عداء مع فلسطين.
وأضاف الدكتور محسن: “هناك تموضع دولي مختلف للصين عمّا كان عليه حين تبنّت سياسة الصعود السلمي، أي تموضع دولي جديد وإمكانية دخولها كلاعب جديد أو مؤثر جديد في المنطقة، وتراجع حاجتها الأساسية من الاحتلال الإسرائيلي والعالم الغربي، وبالتالي تراجع القيمة الأساسية لإسرائيل”.
ولفت إلى أن هناك متغيرات قد تدفع الصين إلى لعب دور أكثر فاعلية في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية، داعياً الأطراف الفلسطينية والعربية والإسلامية إلى تفعيل التعامل مع الصين والارتقاء بالعلاقة بما يخدم المصالح الفلسطينية.
من جانبه، شدّد الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة “صن يات-سان”، الأستاذ داوود المالحي، على أن الطرفين الصيني والعربي يعانيان من هيمنة القطب الواحد، أي الولايات المتحدة، وضغوطها على الدول، مما يجعل هناك مجالاً أكبر للتقارب بين الجانبين.
وأشار المالحي إلى وجود عقبات تحول دون التقارب العربي-الصيني، من بينها عدم فهم الشعب الصيني للثقافة العربية والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، بالتوازي مع فشل عربي في تسويق القضية الفلسطينية سواء للصين أو حتى لدول أخرى.
ونوّه إلى ضعف الحضور العربي والفلسطيني الفعلي في الصين، وغياب التجمعات أو المنتديات العربية-الصينية الداعمة للقضية الفلسطينية، إضافة إلى ضعف الأدوات العربية التي تخاطب الأطراف الصينية.
بدوره، قال رئيس “المعهد الباكستاني-الصيني”، مصطفى حيدر سيد، إنه من الضروري التحدث بصوت واحد مع الصين بشأن القضية الفلسطينية، وتشكيل تحالف للضغط عليها لتقديم دعم واضح لحقوق الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى أن المصالح التي تريد الصين تحقيقها، وخاصة التحرر من سياسة الاحتواء الأمريكية، تدفعها إلى مراجعة مواقفها.
وأضاف سيد: “ينبغي على الشعب الفلسطيني أن يعمل موحداً لتسويق قضيته، وأن تكون له مطالب معقولة وتوقعات واقعية من الصين. لا يمكننا أن نطلب من الصين قطع علاقاتها مع إسرائيل، لأن مصالحها التجارية معها كبيرة ولا يمكن تهميشها إلى جانب الصناعات التكنولوجية”.
وطالب بإنشاء منصة حقيقية تعبّر عن القضية الفلسطينية موجهة إلى الصين، والعمل على إيجاد حضور حقيقي في بكين يمثل الشعب الفلسطيني، والانخراط مع الجامعات والحزب الشيوعي والجوانب السياسية الأخرى.
من جهته، أوضح البروفيسور دينغ لونغ، الأكاديمي في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية في شنغهاي، أن الصين تعتبر فلسطين جزءاً مهماً من حركة التحرر الوطني في الشرق الأوسط، وتنظر إلى إسرائيل كدولة ناشئة للغرب.
وأضاف البروفيسور لونغ أن اتفاقية أوسلو دفعت الصين إلى دعم عملية التسوية وحل الدولتين، وبدأت تدريجياً بإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل والتعاون معها في عدة مجالات، مشيراً إلى أن هذا التعاون لم يكن على حساب الموقف من القضية الفلسطينية.
ورأى أن موقف الصين من القضية الفلسطينية لم يتأثر، وما زالت تدعم حقوق الشعب الفلسطيني، رغم موجات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، مؤكداً أن بكين مستعدة للعب دور أكبر في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط.