حادث المنطاد الصيني في سماء الولايات المتحدة الأمريكية

السِّجال السياسي بين واشنطن وبكين كان وما زال مستمرًّا حتى بعد إسقاط المنطادِ الصيني، ولا يتوقع أي طرفٍ أن ينتهيَ قريبًا، وبعد تلك الحادثة، انسالت العديدُ من الأسئلة حول ما يُمكن إيجاده داخل المنطاد، وهل فعلًا هو منطاد تجسسٍ كما تزعم الولايات المتحدة، أم أنَّه منطادٌ مدنيٌّ لبحث الأرصاد الجويةِ كما تدَّعي الصين.

أسقطت الولاياتُ المتَّحدة الأمريكية، في الرابع من فبراير، المنطادَ الصيني قبالة سواحل كارولينا الجنوبية، بعد سبعة أيامٍ من دخول المنطاد المجال الجوي الأمريكي لأول مرة، فيما ستبدأ عملية استعادة الحُطام، وتتابع البارجةُ (USS CARTER HALL) مكانَ سقوط حطام المنطادِ الصيني في المحيط الأطلسي، وقد أفاد وزيرُ الدفاع الأمريكي (لويد أوستن) أن طائرةً مقاتلةً من نوع (F-22) هي من أسقطت المنطاد الصيني في المياه الإقليميةِ الأمريكيَّة.

وفي وقتٍ سابق، أعلنت إدارةُ الطيران الفيدراليَّة أنَّها أغلقت المجالَ الجوي في أجزاءٍ من ولاية كارولينا الشمالية وكارولينا الجنوبية؛ لـ”دعم وزارة الدفاع في جهد يتعلق بالأمن القومي” حسب قولها. وتجدر الإشارة أنَّها ليست المرة الأولى التي تكتشف فيها الولايات المتحدة مناطيدَ صينيةً فوق الأراضي الأمريكيَّة، إلا أنَّها المرة الأولى التي تأخذ القضية هذه المسارات التي تخلَّلتها أحداثٌ واجتماعاتٌ لكبار المسؤولين الأمريكيين، كما حملت الحادثة دلالاتٍ سياسيَّة ودبلوماسيَّة كبيرة في واشنطن وبكين.

وكشفت شبكة “CNN” في تقريرٍ مطوَّل لها تفاصيلَ المناقشات التي جرت بين الرئيس (جو بايدن) وكبار مسؤولي إدارته، منذ اكتشاف المنطاد في 28/ يناير أول مرة، قبل أن تتطورَ الأمور ويتم إسقاطه يوم السبت 4/ فبراير.

وفي التفاصيل، أكَّد التقرير أنَّ المنطاد حلَّق دون أن يلاحظه أي شخصٍ باتجاه الشَّرق فوق ولاية ألاسكا شرقًا، وأنَّه كان يحلق بالفعل داخل وخارج المجالِ الجوي الأمريكي لمدةِ ثلاثة أيام، وقد تمَّ اكتشافه لأول مرةٍ من قِبَل قيادة الدفاع الجوي في أمريكا الشمالية في 28/ يناير وهو يتَّجه نحو كندا، واصلت حينها القيادةُ الجويَّة تتبُّع مساره، لكن دون اكتراثٍ كبير، حيث “لم يُشكِّل في ذلك الوقت خطرًا استخباراتيًّا أو تهديدًا جسديًّا” وفق المسؤولين.

لكن مع استمرار المنطادِ في التحرُّك فوق ألاسكا متجهًا إلى كندا، ثمَّ عودته نحو الولاياتِ المتحدة، ساور الشَّك كبارَ المسؤولين، لأنَّه كان يسير بوضوحٍ نحو الداخل، وكان الموقع مثيرًا للقلق لأنه كان يحلق فوق قاعدةٍ جويةٍ تحتفظ بواحدةٍ من أكبر مخازن الصَّواريخ الباليستية الأمريكيَّة العابرةِ للقارات، آنذاك أبلغ رئيسُ هيئة الأركان المشتركة الجنرال (مارك ميلي) الرئيسَ الأمريكي (جو بايدن)، يوم الثلاثاء 31/ يناير، بتحليقه فوق ولايةِ مونتانا.

وعن ردودِ الفعل الأمريكية، ذكر التقريرُ أنَّ بايدن كان يميل إلى إسقاطِ المنطاد فوق الأرض عندما تمَّ إبلاغه به لأول مرة، لكنَّ مسؤولي وزارة الدفاع (البنتاغون) بالإضافةِ للجنرال ميلي نصحوه بعدم القيام بذلك، محذرين من أنَّ “هناك خطرًا كبيرًا محتملًا على الأرواح والممتلكات على الأرض، يفوق تقييمَ المكاسب الاستخباراتيَّة الصينية المُحتملة”.

وعلى إثر ذلك، طلب بايدن من ميلي والمسؤولين العسكريين الآخرين وضع خيارات تحطيمه، وفي الوقت ذاته منع المنطادِ من جمع أيِّ معلوماتٍ استخباراتية، وذلك من خلال تقليص أي نشاطٍ عسكريٍّ حساس، أو إجراء اتصالاتٍ غير مشفَّرة في المناطقِ المجاورة، وبالفعل، في مساء ذات اليوم -الثلاثاء-، اجتمع قادةُ البنتاغون لمناقشة الخيارات، وشارك فيها افتراضيًّا أوستن الذي كان خارجَ البلاد، وشاركت أيضًا وكالة “ناسا” لتحليل وتقييم مجال تحطيمِ المنطاد، وكان الرأيُ السَّائد داخل الإدارة هو أنَّه يجب أن يُسقط، على الأرجح بعد أن يتحركَ فوق المياه المفتوحة.

وعندما عُرضت الخيارات على بايدن، الأربعاء، وجَّه قيادته العسكرية بإسقاط المنطاد بمجرَّد اعتبار ذلك خيارًا قابلًا للتطبيق، مع استعادةِ مكوناته، مما يسمح بإمكانيَّة إلقاء نظرةٍ ثاقبةٍ على قدراته، وفي ذلك الوقت كان المسؤولون الأمريكيون يتحدثون إلى نظرائهم الصينيين، وأبلغوهم باحتمال إسقاطه، وكان بايدن نفسه يتلقى بانتظامٍ أنباءَ تطورات الأحداث.

وتمَّ تقديم خطةٍ أخرى إلى بايدن لإسقاطه، ليلة الجمعة، أثناء وجوده في (ويلمنغتون) في شمال كارولينا، وافق على تنفيذها يوم السَّبت، وأعطى أوستن موافقتَه النهائية عليها بعد وقتٍ قصيرٍ من ظهر يوم السبت 4/فبراير. وشملت الخُطة فرضَ منطقة حظرٍ جويٍّ تضمنت حوالي 150 ميلًا من ساحل المحيط الأطلسي، وذلك في ثلاثة مطاراتٍ تجارية: ويلمنغتون في شمال كارولينا، وميرتل بيتش، وتشارلستون في جنوب كارولينا، وكذلك إسقاطه عن طريق مقاتلةٍ حربية من نوع (F-22).

وصرح مسؤولٌ لشبكة (CNN) إنَّه تم جمع معلوماتٍ استخباراتيةٍ من المنطاد أثناء تتبُّع مساره عبر الولاياتِ المتحدة، وقال مسؤولٌ دفاعيٌّ كبير إنَّ انتظار تنفيذ العملية سمح للولاياتِ المتحدة بالحصول على معلوماتٍ بشأن قدراته، مضيفًا “إنه إذا نجحنا في استعادةِ جوانب الحطام، فسوف نتعلم المزيد”.

 من جانبها اتهمت الصينُ الولايات المتَّحدة بـ”المبالغة في رد فعلها” الذي تمثَّل باستخدام القوة، مصرةً على أنَّ المنطاد مدنيٌّ لأغراض البحث العلمي والأرصادِ الجوية، وأوضحت بكين أنَّ الحكومةَ الصينية تتابع من كثب تطورَ الوضع، مؤكدةً على كونها “تحتفظ بالحق في اتِّخاذ الإجراءاتِ اللازمة”.

إعداد:
وحدة الأبحاث والدراسات

منتدى آسيا والشرق الأوسط

من الذي يضع بالفعل أجندة الحكومة الإسرائيلية؟

بواسطة: د. محمد مكرم البلعاوي

تتصاعد الجرائمُ والانتهاكات الصهيونية بحقِّ الشَّعب الفلسطيني منذ بدايةِ هذا العام، وتحت حماية ومباركةِ الحكومة اليمنيَّة الأكثر تطرفًا، فقد قتلت القواتُ الإسرائيليَّة ما لا يقلُّ عن 35 فلسطينيًّا، من بينهم ثلاثةُ أطفال، في الضفةِ الغربيَّة المحتلة في شهر يناير وحده، وقد وُثِّق عددٌ من عملياتِ القتل بالفيديو، كما قُتل واحدٌ على الأقل دون سببٍ على الإطلاق، فقط لكونه فلسطينيًّا، وعلى غيرِ العادة، أقرَّ الجيشُ الإسرائيلي بتلك الجريمة، واعترف بأنَّ جنوده قتلوا والدًا لخمسةِ أطفال وهو (أحمد حسن كحلة) 45 عامًا، على حاجزٍ عسكريّ، رغم أنَّه لم يكن يشكلُ تهديدًا قط، وقد كان ابنه (قصي) معه في سيارتهما في طريقهما إلى العملِ في موقع بناء؛ وشهِد على والده وهو يتعرض للضَّرب المُبرح على أيدي جنود إسرائيليين قبل إطلاقِ رصاصتين في رقبته من مسافةٍ قريبة.

في مشهدٍ آخر، وقبل 25 عامًا، كان (خيري علقم) عائدًا إلى منزله عندما طعنه مستوطنٌ إسرائيليٌّ حتى الموت في أحد شوارع القدس؛ وفي الليلةِ الماضية قتَل حفيده (خيري علقم) ذو 21 ربيعًا سبعةَ مستوطنين إسرائيليين في القدسِ المحتلة، وذلك بعد يومٍ واحدٍ فقط من مقتل عشرة فلسطينيين من قِبَل قوات الاحتلالِ الإسرائيلي في جنين. هل كانت هذه مجرد مُصادفة؟ يجب أن يعرفَ الإسرائيليون الجوابَ أفضل.

اليوم، هناك الكثيرُ من الأسباب للتَّظاهرِ ضد حكومة (بنيامين نتنياهو) اليمينيةِ المتطرفة، لأسبابٍ ليس أقلها أنَّها لا تستطيع الوفاءَ بوعدها بجلْب المزيد من الأمن إلى “إسرائيل”، بل على العكسِ من ذلك، فكلَّما زاد العنفُ الذي تمارسه ضدَّ الفلسطينيين؛ يؤدِّي إلى ردود أفعالٍ أكثر عنفًا، مع المزيدِ من عمليَّات القتل من كِلا الجانبين. وعلى غِرار ذلك؛ ماتت عمليةُ السَّلام المزعومة ودُفنت، ولن يتمَّ إحياؤها في آخر مشاهدةٍ لأجندة نتنياهو وهي أخذُ كل شيءٍ وعدم إعطاء شيء.

قام نتنياهو بزيارةٍ مفاجئةٍ إلى عمَّان يوم الثلاثاء الماضي، واجتمع مع العاهلِ الأردني الملك (عبد الله الثاني)، في أول زيارةٍ خارجيةٍ له منذ عودته كرئيسٍ للوزراء، وكان يخططُ للذهاب إلى الإماراتِ العربية المتَّحدة في رحلته الأولى، لكن تمَّ إلغاء الزيارةِ بعد أن قام وزيرُ الأمن القومي اليميني المتطرف (إيتمار بن غفير) باقتحامٍ استفزازيٍّ للمسجد الأقصى.

وعمَّا تمخَّض عن اجتماعِ الأردن والكيان الصهيوني، فقد أصدر الديوانُ الملكي الأردني بيانًا جاء فيه: “أكَّد جلالةُ الملك دعمَ الأردن الثابت لحلِّ الدولتين، الذي يضمن قيامَ الدولةِ الفلسطينيَّة المستقلةِ على حدود عام 1967م، وعاصمتها القدس الشرقيَّة، وتعيش جنبًا إلى جنبٍ مع “إسرائيل” بسلامٍ وأمنٍ وحماية”، كما أوضح ضرورةَ الحفاظِ على الهدوء، وإنهاء كافة أشكالِ العنف في القدس، من جانبه تعهَّد نتنياهو بالحِفاظ على الوضع الرَّاهن في الحرمِ الشَّريف في الأقصى.


في المقابل، أصدر مكتبُ رئيس الوزراءِ في “إسرائيل” بيانًا مُقتضبًا من أربعة أسطرٍ يبدو أنَّه يشير إلى شيءٍ مختلفٍ تمامًا، حيث أفاد بأنَّ الزعيمين ناقشا القضايا الإقليميةَ لا سيَّما التعاون الاستراتيجي والأمني والاقتصادي بين “إسرائيل” والأردن؛ مما يساهم في الاستقرارِ الإقليمي، كما أشادوا بالصداقةِ والشَّراكة طويلةِ الأمد بين “إسرائيل” والمملكةِ الهاشميَّة.

ومن الواضح أنَّ البيان الأخير لم يرد ذكر المسجدِ الأقصى أو الوضع الرَّاهن، ولم يذكر أيَّ شيءٍ عن عملية السَّلام أو الفلسطينيين، ناهيك عن حلِّ الدولتين، بل مجرد الثَّناء على “الصداقة والشراكة طويلة الأمد”،
بينما يعكس البيانُ الصَّادر عن عمَّان مخاوفَ أردنيَّة بشأن فقدان الوصايةِ على الأماكن المقدَّسة في القدس، والرغبة في إنهاء الصِّراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين على أساس حلِّ الدولتين، ويبدو أنَّ الحكومةَ الإسرائيلية لا تهتم كثيرًا بمثل هذه القضايا، ومن الواضح أنها تهدف إلى إقناعِ الجميع في “إسرائيل” وفي الخارج بأنَّه ليس لديهم ما يدعو للقلقِ عندما يتعلَّق الأمر بعلاقات “إسرائيل” مع الدولِ العربية.

ومع ذلك، اقتربت وسائلُ الإعلام الإسرائيلية من الروايةِ الأردنية، حيث أفادت قناة “كان 11 العبرية” عن مخاوف أردنيةٍ وإسرائيليةٍ بشأن زيادة العنف في الضِّفة الغربيَّة خلال شهر رمضان، في أواخر شهر مارس. كما استغلَّ مركزُ الأبحاث التَّابع لجامعة (تل أبيب “إينس”) تقريرَه الاستراتيجي السَّنوي لاقتراح لجنةٍ مكونةٍ من الإسرائيليين والأردنيين والسُّلطةِ الفلسطينية؛ لاحتواء الاشتباكاتِ المتوقَّعة في الشهر الكريم، والذي يتزامنُ مع عيد الفِصح اليهودي، حيث قام المستوطنون الإسرائيليون بجعل خلال اقتحام المسجدِ الأقصى في رمضان عادةً في السنواتِ الأخيرة.

وسلَّطت وسائلُ الإعلام الضوءَ على دور صاحب السُّمو الشيخ (محمد بن زايد آل نهيان) في ترتيب لقاءِ الملك عبد الله ونتنياهو، وكان الهدف هو سدُّ الفجوةِ بينهما قبل زيارةِ وزير الخارجيَّة الأمريكي (أنتوني بلينكين) إلى الشَّرق الأوسط، كما رأينا مع المسؤولين الأمريكيين الآخرين الذين زاروا “إسرائيل” مؤخرًا، لا يبدو أن بلينكين سعيدٌ جدًا بالحكومةِ الإسرائيليَّة الحالية وخُططها.

فيما أعربَ الأوروبيون عن استيائهم، وزار وفدٌ مكونٌ من 35 دبلوماسيًّا أوروبيًّا المسجدَ الأقصى، في الأول من يناير/كانون الثاني، بعد أن احتجزت شرطةُ الاحتلال الإسرائيلي السفيرَ الأردني لدى “إسرائيل” (غسان المجالي) عند مدخلِ الحرم، يُفهم تحرك الدبلوماسيين على أنه مؤشرٌ على دعم الوصايةِ الأردنيَّة على الأماكن المقدسةِ في القدس المحتلَّة.

في اليوم التَّالي لزيارةِ نتنياهو لعمَّان، تعهَّد بن غفير بمواصلةِ اقتحام المسجد الأقصى، وقال لإحدى وسائل الإعلامِ المحلية إنَّه لا يعلم بما تمَّ بحثه في اجتماعِ عمان، وأنَّه يدير سياستَه الخاصَّة “وليس سياسة الحكومةِ الأردنيَّة.”

في حين، حذر رئيسُ الوزراء الأسبق (يائير لابيد) قبل مغادرته منصبه الجمهورَ الإسرائيلي قائلًا: “احذروا من حكومةٍ خطيرةٍ ومتطرفةٍ وغير مسؤولةٍ، يقودها رئيسُ وزراء ضعيف فقد السيطرةَ عليها حتَّى قبل أن يؤديَ اليمين.”

إذن، من الذي يضعُ بالفعل جدولَ أعمال الحكومةِ الإسرائيلية: نتنياهو أم بن غفير؟، وإذا كان بن غفير قادرًا على تحويل السياسةِ الخارجيَّة لـ”إسرائيل”، والتَّأثير على الدعمِ الخارجي الأساسي، وإعادة العلاقاتِ مع السُّلطة الفلسطينية، وتحدي الوضع الرَّاهن في المسجدِ الأقصى، وتحديد الأولوياتِ الأمنيَّة الإسرائيليَّة، فما القوة المتبقيَّة لنتنياهو لمُمارستها؟

أبرز الأحداث السياسية في منطقة آسيا والشرق الأوسط لشهر يناير 2023م

شهد الشَّهر الأول من عام 2023م العديدَ من الأحداث السِّياسية المُهمة التي ألقت بظلالها على دول منطقةِ آسيا والشَّرق الأوسط، والتي أثرت وتؤثر على المنطقةِ وسكانها بدرجاتٍ متفاوتة، وترسم بعضُها ملامحَ سياسات تلك الدُّول على مدارِ الأيام والأعوام المُقبلة.

ومن أبرز هذه الأحداث:

الصين تعلق على مرور مدمرة أمريكية في مضيق تايوان

صرَّح الجيش الصيني بالقول: “إنَّ المدمِّرة الأمريكية أثارت ضجةً بمرورها في مضيق تايوان”، وقد راقبت القواتُ الصينية تحركاتها على طول الطريق، حيث مرَّت المدمرة الأمريكية من طراز (أرلي بيرك يو إس إس “تشونغ هونغ”) عبر مضيقِ تايوان في 5/يناير لإظهار التزامِ الولايات المتَّحدة بـ “حرية وانفتاح” المحيطَين الهندي والهادئ.

الصين تدين استمرار الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني

قال وزيرُ خارجية جمهورية الصين الشَّعبية (تشين جانج): “إنَّه لا يجوز استمرار الظُّلمِ التاريخي الذي يعاني منه الشعبُ الفلسطيني إلى أجلٍ غير مسمّى، ولا تجوز مساومته على حقوقهِ المشروعة وإقامةِ دولته المستقلَّة”.

وأشار الوزيرُ الصيني إلى ضرورة إرسال المساعداتِ الإنسانية إلى الشَّعب الفلسطيني؛ للدفع إلى حلٍّ عاجلٍ وعادلٍ نحو القضيَّة الفلسطينيَّة.

روسيا والهند

بدأت روسيا والهند تصنيعَ بنادق “كلاشينكوف” الهجومية من طِراز “AK-203” كجزءٍ من مشروعٍ مُشترك، مُسجلٍ وقائمٍ في الهند، حسبما أعلنت شركةُ الفضاء والدفاع الحكوميةِ الروسية (روس أوبورون إكسبورت(. ويُعتبر المشروع المشترَك لإطلاق الإنتاج التَّسلسلي لرشاشاتِ “إيه كي 203” أحد النتائج المهمَّة للتعاون العسكري التِّقني بين البلدين اللذين تربطهما علاقةُ شراكةٍ موثوقة.

علاقة الصين بدول الخليج

تنظر دُول الشَّرق الأوسط إلى الصين كلاعبٍ دوليٍّ يمكن الاعتماد عليه، في ظلِّ انحصار الوجود الأمريكي في المنطقة، كما تدرك ضرورةَ تنويع علاقاتها، بما يضمنُ مصالحها الاقتصادية والسياسية على حدٍّ سَواء.

وقد اتَّجهت الشركاتُ الصينية بالفعل إلى الاستثمارِ المباشر في تلك الدول، بالإضافةِ إلى العديد من عقود البُنية التَّحتيةِ الكبيرة، المَمنوحةِ للشركات الصينية، حيث تقوم الأخيرةُ ببناء الموانئِ ومناطق التجارةِ الحرة في المنطقة، بما في ذلك في عُمان ومصر والسُّعودية والكويت.

وقد نما التعاونُ بين الصين والدول العربية، ليشملَ التكنولوجيا الرقميَّة والطاقة المُتجددة والسِّياحة والطيران، وتستخدم معظمُ دول مجلس التعاون الخليجي تقنيةَ (هواوي) الصينية المُثيرة للجدل في شبكاتِ اتصالاتها.

ومع ذلك، فإنَّ أحد أنواع التعاون المُتزايد هو الأكثر إثارةً للجدل، ويتضمن الإنتاجَ المحلي للمعِدات العسكريَّة، حيث يطور السعوديون صواريخَهم وطائراتهم دون طيار بمساعدةٍ صينية، بينما اشترت الإمارات طائراتٍ مقاتلة صينيَّة.

حلفاء أمريكا في آسيا

يرتبط الازدهارُ الاقتصادي للولاياتِ المتحدة ارتباطًا وثيقًا بالاستقرار في منطقةِ آسيا والمحيط الهادئ، وبالتَّالي سيكون من المُضرِّ بمصالحها الخاصةِ الاستمرار في تأجيج نيران التَّوتراتِ الإقليمية، سواء في الأبعاد الاقتصاديَّة أو العسكريَّة أو السِّياسية.

 حيث ضمَّت اتفاقيةٌ تجاريةٌ جديدةٌ الصينَ إلى حلفاءِ الولايات المتحدة في منطقةِ آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك اليابان وأستراليا، وبحسب الشَّراكةِ الاقتصادية الإقليمية الشَّاملة الجديدة فإنَّ أكثر من 90% من الرسوم الجُمركيةِ على التجارة بين الدُّول الأعضاء الخمسة عشر قد أُلغيت، فيما يقول الاقتصاديون إنها ستكون امتيازًا كبيرًا للتجارةِ في المنطقة.

كما ستعطي الشراكة الصينَ دورًا أبرز في وضع قواعد التجارةِ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ على حساب الولاياتِ المتحدة.

فلسطين/ يناير 2023م أكثر الشهور دمويةً بالضِّفة منذ 2015م

قالت وزارةُ الصِّحة الفلسطينية في بيانٍ لها إنَّ 35 فلسطينيًّا استشهدوا برصاص جيش الاحتلالِ الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري بينهم 8 أطفال، إضافةً إلى سيدة مُسنة.

وذكرت الوزارة أنَّ شهر يناير/ كانون الثاني الجاري يُعد أكثر الشهور دمويةً في الضفةِ الغربية منذ عام 2015م، بالنظر إلى حصيلةِ القتلى المسجَّلة خلاله.


زيارة بلينكن لفلسطين

زار وزير الخارجيةِ الأمريكي (أنتوني بلينكن) الأراضي الفلسطينية و”الإسرائيلية”، وفي ختامِ زيارته قال إنَّ الولايات المتحدة ملتزمةٌ بتطبيق حلِّ الدولتين على المدى البعيد، والتقى الوزير الأمريكي بالرئيس الفلسطيني (محمود عباس) في مدينةِ رام الله.

وذكر بلينكن في سلسلةِ تغريدات على حسابه في تويتر أنَّ بلاده ستواصل دعمَ الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية والجهود المبذولة لخفض التَّصعيد، وشدَّد على ضرورةِ اتخاذ الإسرائيليين والفلسطينيين إجراءاتٍ فوريةٍ لخفض العنف، ومنْع المزيد من التَّصعيد.

وأضاف بلينكن أنَّه أكد خلال اجتماعه مع الرئيس عباس ورئيس الوزراء الفلسطيني (محمد اشتية) على دعم واشنطن للشعب الفلسطيني وحلِّ الدولتين، مشددًا على أن “الإسرائيليين والفلسطينيين يستحقون إجراءات مماثلةً على صعيد الحرية والأمن والرَّخاء”.

مصر والهند ترفعان مستوى العلاقات إلى “الشراكة الاستراتيجية”

قرر كلٌّ من الرئيس المصري (عبد الفتاح السيسي) ورئيس الوزراء الهندي (ناريندرا مودي) رفعَ مستوى العلاقات بين البلدين إلى “الشراكة الاستراتيجية” في مختلف القطاعات؛ من أجل تعظيم المصالح المشتركةِ وسط التَّحديات العالميَّة الحالية.


اليوم الجمهوري الهندي 26/ يناير

يحتفل 1,3 مليار هنديٍّ في 26/ يناير من كلِّ عام بيومِ الجمهورية، والذي تمَّ فيه تفعيل الدُّستور الذي وحَّدهم كأخوة رغم اختلافِ أعراقهم وأديانهم، حيث يستعيدُ الهنود في احتفالهم بكل فخرٍ واعتزازٍ ذكرى تاريخ تفعيل العملِ بالدستور الهندي، الذي تمَّ استبداله بقانون حكومةِ الهند (وثيقة 1935) في 26 يناير/كانون الثاني من كلِّ عام منذ 1950م، بعد حصولِ الهند على الاستقلال بعد صراعٍ طويلٍ جدًا من أجل الحريَّة.

وتمَّ اختيار تاريخ 26 يناير/كانون الثاني نسبةً إلى تاريخ إعلان الاستقلال في عام 1930م في لاهور، ويُعتبر يوم الجمهوريةِ في الهند هو اليوم الذي وافقت فيه الجمعيةُ التأسيسية على العمل بدستورٍ يُكرِّس الهند “جمهورية”. 

باكستان ٢٠٢٣م… هل تشهد انتخابات مبكرة وعودة عمران خان للسلطة؟

في محاولةٍ أخرى للضَّغط على الحكومةِ الفدرالية لإجراء انتخاباتٍ مبكِّرة، أعلن (عمران خان) عن نيته حل مجلسَي إقليمي: البنجاب (شرق)، وخيبر بختونخوا (شمال غرب)، اللذين يسيطرُ عليهما حزبه، وبالتالي حلّ حكومتي الإقليمين.

وحول مستقبل الصِّراع بين الحكومة والمعارَضة في باكستان يرجِّح البعض أنَّ الصراعَ سوف يستمر على ما هو عليه، خاصةً في ظلِّ عدم وجود جديد على خطابِ عمران خان.

وفي هذا السِّياق، من المرجَّح أن تُجرى الانتخابات في موعدها المقرر مسبقًا بعد انتهاء المدةِ الدستوريَّة للحكومةِ الفدرالية الحاليَّة في أغسطس/آب المقبل، بحيث تكون الانتخاباتُ في أكتوبر/تشرين الأول.

كما من المُمكن أن يتمَّ إجراء انتخاباتٍ مبكرة، كما يطالب خان حتى ولو تم حلُّ حكومتَي: البنجاب، وخيبر بختونخوا، وبدلًا من ذلك يمكن أن تقومَ الحكومة بعقد انتخاباتٍ في الإقليمَين فقط، دون الذهاب لانتخاباتٍ عامَّة.


مخاوف من أزمة تايوان… ألمانيا تسعى للحد من اعتمادها على الصين

طالب الحزبُ الديمقراطي الاشتراكي، الذي يتزعَّمه المستشار الألماني (أولاف شولتز)، بالحدِّ من اعتماد البلاد على الصِّين، والاستفادة من تجربةِ التَّخلي عن قطاع الطاقةِ الروسي بعد بدء الحربِ في أوكرانيا.

وكانت العلاقاتُ بين ألمانيا والصين توترت على خلفيَّة زيارة وفدٍ برلمانيٍّ ألمانيٍّ إلى تايوان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ انتقدت بكين الزيارة، وطالبت النواب الألمان بعدم إرسال إشاراتٍ خاطئةٍ إلى القُوى الانفصالية، حسب وصف السَّفارةِ الصينية في برلين.

أزمة دولية على الأبواب.. نزاع الحدود بين الصين والهند

ينذر تكرارُ الحوادث الأمنيةِ على الحدود بين الصين والهند بتدهور العلاقاتِ بين أكبر قوتين نوويتين في آسيا.

وقد وقعت آخرُ الحوادث الحدوديةِ بين البلدين في التَّاسع من ديسمبر، ورغم أنَّها مرت دون خسائر بشريَّة، إلا أنَّ حادثةً سبقتها عام 2020م خلّفت 24 قتيلًا من الطرفين، 20 منهم من الهند.

اقتحام الأقصى بين شارون وبن غفير.. ماذا تغيّر خلال 22 عامًا؟

نفَّذ الوزير الإسرائيلي المتطرف (إيتمار بن غفير) اقتحامَه الأول للمسجدِ الأقصى المبارك، بعد تولِّيه حقيبة الأمن القومي في الحكومةِ الإسرائيلية الجديدة، ورغم البيانات المندِّدة والمستنكِرة، مرّ اقتحام بن غفير هادئًا، مما استدعى مقارنةً مع ما حدث عقب إقدامِ رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق (أرييل شارون) على اقتحام الأقصى سبتمبر/2000م، الذي كان الشرارةَ لاندلاع انتفاضةٍ فلسطينيةٍ ثانية دامت خمس سنوات.

ففي صبيحةِ الخميس 27/ سبتمبر /2000م، أعلن شارون نيته اقتحام المسجد الأقصى، فتحضَّر الفلسطينيون للردِّ بمواجهاتٍ واسعةٍ مع الاحتلال في اليوم التالي، وتزامنت هبَّات النَّفير مع انتهاء صلاةِ الجمعة التي شهدت اجتماعَ عشرات الآلاف من المصلين من المدنِ الفلسطينية كافةً،؛ لكنَّ بناء جدار الفصل العنصري بعد ذلك عام 2002م، منع مئات آلاف الفلسطينيين من دخولِ القدس والمسجد الأقصى، الأمر الذي قلَّل أعدادَ القادرين على الوصولِ إليه، حتى خلا الأقصى منهم أغلب أيام العام.

أمَّا اقتحام بن غفير، فقد سبقه تضاربٌ وتضليلٌ واضحان، إذ أعلن -عبر حسابه على تويتر- بداية العام الجاري نيته الاقتحام، لكنَّه أخفى الموعد، ثم تداولت وسائلُ الإعلام الإسرائيلية خبرًا يفيد بإرجاء الاقتحام، وهذا التضليل إضافةً لسياسة العزلةِ وفصل القدس التي اتبعتها الحكومةُ الصهيونية؛ أدى إلى تشتيت واغتيال ردودِ الفعل على الأرض ردًا على اقتحام المتطرِّف بن غفير للأقصى الشَّريف.

الزعيم الصيني يعيش عامًا صعبًا على عدة جبهات

يواجه الزعيمُ الصيني (شي جين بينغ) عامًا صعبًا على عدة جبهات، إذ بعد تميزه في الخريفِ الماضي، انتقل إلى مُحاربة أزمةِ الصحة العامة، والأزمةِ الاقتصادية في العام الجديد، وقد نُقل عن مُحللين قولهم: “إنه من المرجَّح أن يكون هذا عامًا من الاضطرابات بالنسبةِ لشي جين بينغ”.

إعداد:
وحدة الأبحاث والدراسات

منتدى آسيا والشرق الأوسط

خطوة جديدة في مشوار قديم

2023م

مكافأة إسرائيل على جرائمها

بواسطة: د. محمد مكرم البلعاوي

 أطلق الفتى الفلسطيني (محمد عليوات) البالغ من العمر 13 عامًا من بلدةِ سلوان في القدس المحتلة، النارَ على مجموعةٍ مكونة من خمسةِ مستوطنين إسرائيليين مؤخرًا، فأصاب اثنين منهم -إحدى الإصابات كانت لضابطٍ في جيش الاحتلال-، فقام مستوطنٌ بإطلاق النَّار تجاهه وأصابه بجروحٍ بليغة، فيما تداولت مواقعُ التواصل نصَّ رسالةٍ كتبها لأمه على دفتره المَدرسيّ قال فيها “سامحيني يا أمي، ستفتخرين بي”. وعلى إثر تلك الحادثة اعتقلت قواتُ الاحتلال والدَي الطِّفل وشقيقه، ودمَّروا أثاثَ البيت، وأغلقوا منزلهم؛ تمهيدًا لهدمه مستقبلًا على الأرجح.

بالطَّبع، من وجهةِ نظر وسائل الإعلامِ السَّائدة، ليست هناك حاجةٌ لذكر اسم الفتى الفلسطينيِّ أو الخوض في خلفيته الاجتماعية؛ فلا داعي للسُّؤال لماذا فعل ما فعله؛ ولا داعي لتسليطِ الضوء على سِياق الحادث، فالفلسطينيون بطبيعتهم مجرمين في نظرِ الإعلام، ولن يتمَّ إلقاء اللَّوم على الاحتلالِ الإسرائيلي المستمر منذ عقود، ولن يتم إلقاءُ اللوم على عنصريته المنهجية، ولا حتى على سياساتِ الفصل العنصري التي أدانتها منظماتُ حقوق الإنسان الكُبرى.

وفقًا للروايةِ المزعومة المُؤيدة لـ”إسرائيل”، فإنَّ الفلسطينيين إرهابيون أو من المُمكن ترهيبهم، حتى لو كانوا أطفالًا؛ فسوف يكبرون وقد يأتون لقتلِ ابنك بعد 20 عامًا، مثلما غرَّد وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف (بتسلئيل سموتريتش) في عام 2016م؛ لدعمِ زوجته التي اعترضت على مشاركةِ غرفة مستشفى الولادة مع سيدةٍ فلسطينية، كما أنَّ كل محاولةٍ لشرح أي سياقٍ يتم رفضها باعتبارها “معاداةً للسَّامية” أو تبريرًا للإرهاب، ويتمُّ إدانتها على النَّحو الواجب،  ويُعتبر دعم الولايات المتَّحدةِ لـ”إسرائيل” أمرًا مفروغًا منه، فلم يعد من المُفاجئ سماع السكرتيرة الصحفيَّة للبِنتاغون (بات رايدر) تقول: “نحن على اتصالٍ وثيقٍ بشركائنا الإسرائيليين ونقف معهم بحزمٍ في مُواجهة هذا الهجوم”.

إنَّ هدف الحكومة الأكثر عِداءً في تاريخ “إسرائيل” هو تحويل فلسطين المُحتلَّة إلى ساحةِ حرب، مما يؤدي إلى دائرةٍ ممتدةٍ من العنف، فهي تُغذي حربًا دينيةً من خلال تدنيس حُرمةِ المسجد الأقصى، وقد قتلت 35 فلسطينيًّا الشهرَ الماضي، كما أنَّها تسعى لاستهدافِ الأسرى الفلسطينيين والتَّضييق عليهم وتسنُّ القوانين لإعدامهم، ولا يمكن إنكار أنَّ دولتهم المزعومة تُخطط لتجريدِ الفلسطينيين من الجنسيةِ الإسرائيلية، وفي غضونِ ذلك، يستمرُّ التَّطهير العِرقي في الأراضي المُحتلة؛ فقد هُدمت منازل عشرات العائلاتِ الفلسطينية بسبب عدم وجود تصاريح نادرًا ما تُمنح للفلسطينيين بأيّ حالٍ من الأحوال، بينما تستمر المستوطناتُ غير القانونيةِ في التوسُّع في الأراضي المحتلَّة، كما أنَّ هناك قرىً فلسطينيةً بأكملها -مثل الخان الأحمر- مهددةٌ بالهدم. لقد دمَّرت السياساتُ الإسرائيلية قابليةَ قيام دولةٍ فلسطينيةٍ مُستقلة، في حين أنَّ السُّلطةَ الفلسطينية موجودةٌ فقط لحماية “دولة” الاحتلال ومستوطنيها المسلَّحين كاملًا؛ لمهاجمةِ الفلسطينيين ومُمتلكاتهم مع الإفلاتِ النِّسبي من العقاب.

وبينما يحدث كلُّ هذا، فإنَّ الولايات المُتحدة تمهد الطريقَ لـ”إسرائيل” عبر العالم العربي، وكان وزيرُ الخارجية الإسرائيلي (إيلي كوهين) قد التقى في السُّودان (عبد الفتاح البرهان) رئيس المجلسِ العسكري الذي يحكم البلادَ حاليًّا، والذي أعلنَ الخميس الماضي أنَّ كلا الطرفَين انتهيا من نصِّ اتفاق سلامٍ سيتم توقيعه في وقتٍ لاحقٍ من هذا العام، إذا حدث ذلك، فإنَّ السودان سينضمُّ إلى “اتفاقيات إبراهيم” التي ترعاها الولاياتُ المتحدة، والتي تهدف إلى دمجِ “إسرائيل” في العالمِ العربي.

وافتتح رئيسُ المجلس العسكريِّ الجديد، الرئيس التشادي (محمد إدريس ديبي إتنو)، الخميس أيضًا، سفارةَ بلاده رسميًّا في “تل أبيب”، وقال رئيسُ الوزراء الإسرائيلي (نتنياهو) في حفلِ الافتتاح “نحن نعزِّز مصالحنا المُشتركة وصداقتنا، ونسعى إلى السَّلامِ والأمن والازدهار”، هذا هو نتنياهو نفسه الذي يرفض تحقيقَ السلام مع الفلسطينيين من خلال “عملية السلام” المُحتضِرة.

وعندما اشتكى عضوٌ في البرلمانِ البحريني من أنَّ شركة الطيرانِ الوطنية “طيران الخليج” تتجه “إلى تل” أبيب بخسارةٍ ماليةٍ؛ لأنَّ لا أحدَ في البحرين يريد التَّطبيعَ مع “الكيان الصهيوني” والسفر إلى “إسرائيل”، طلب رئيسُ مجلس النُّوابِ بحذف “الكيان الصهيوني” من السِّجل الرسمي، ولم يكتفِ بذلك بعضُ النواب الذين اتَّهموه بذلك بعد إيماءةٍ من المُستشارِ القانوني الأجنبي، بل فضح أيضًا درجةَ الضغط الأمريكيّ على الدُّول العربية لفتحِ أبوابها أمام “إسرائيل”.

ومن جهةٍ أخرى، صوَّت الجمهوريون في مجلسِ النواب الأمريكي لإبعادِ النائبة الديمقراطيَّة عن ولايةِ مينيسوتا (إلهان عمر) من لجنةِ الشُّؤون الخارجية؛ بسبب التعليقاتِ السابقة التي تمَّ الإدلاء بها بشأن “إسرائيل” والمَخاوف بشأنِ موضوعيَّتها.

وتعرَّضت عمر لانتقاداتٍ لأول مرة بسبب تعليقاتها حول “دولة” الاحتلال في عام 2019م عندما قالت:” أريد أن أسألَ لماذا تسمحون لنا بالحديثِ عن تأثير (الرابطة الوطنية للبنادق) أو صناعاتِ الوقود الأحفوري، وتمنعوننا من الحديث عن مجموعة ضغطٍ قويةٍ تؤثر على السِّياسات؟”

كانت هذه إشارةً إلى أقوى لوبي مؤيدٍ لـ”إسرائيل” في الولايات المتحدة، وهو لجنةُ الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (الأيباك)، والتي تحدد مهمتها على أنَّها “تشجيع وإقناع حكومة الولايات المتحدة بسن سياساتٍ محددةٍ تخلق قوةً دائمةً وعلاقة المنفعة المتبادَلة مع حليفتنا إسرائيل”.
الفلسطينيون ليسوا وحدهم المستهدفين بالنِّفاق الرسميّ للولاياتِ المتحدة، بل كل من يجرؤ على الدفاعِ عن فلسطين، أو يطالبُ بالعدالة للشعبِ الفلسطيني، هو هدف، دائمًا ما يلعب السلامُ الدائم والعدالة في الأرض التي عانت لعقودٍ من الاستعمار الاستيطاني والإمبريالية – وما زالت تعاني- وتلعب دورًا ثانويًّا في روايةِ “الأمن والدفاع عن النفس” الفاسدة في “إسرائيل”. هكذا يكافئ العالم بقيادةِ الولايات المتَّحدة ودولٍ غربيةٍ أخرى “إسرائيل” على جرائمها.

Rewarding Israel for its crimes

By: Dr. Mohammed Makram Balawi

When Palestinian boy Muhammad Aliwat, 13, from Silwan in occupied Jerusalem, shot at a group of five Israeli settlers recently he wounded two of them, one of whom was an off-duty paratrooper. A settler fired back at the boy and wounded him seriously. According to reports, before he took a bus to the location where the incident took place, the boy posted on Facebook, “Mom, please don’t be angry with me.” Israeli forces arrested the boy’s mother, father and his brother; destroyed the family’s furniture; and then sealed their home, most probably with the intention to demolish it at some time in the future.

Of course, from the mainstream media point of view, there is no need to mention the boy’s name or delve into his social background; no need to ask why he did what he did; and no need to highlight the context of the incident. Palestinians are inherently evil in the eyes of the media. The decades-old Israeli occupation will never be blamed, nor will its systematic racism; not even its apartheid policies which have been condemned by major human rights organisations.

According to the twisted pro-Israel narrative, Palestinians are either terrorists or potential terrorists, even if they are children. They will grow and may come to kill your son after 20 years, as far-right Israeli Finance Minister Bezalel Smotrich tweeted in 2016 in support of his wife who objected to sharing a maternity hospital room with a Palestinian lady. Every attempt to explain any context is dismissed as “anti-Semitism” or a justification of terrorism and is duly condemned. US support for Israel is taken for granted; it’s no longer a surprise to hear Pentagon Press Secretary Pat Ryder saying that, “We are in close contact with our Israeli partners and stand firmly with them in the face of this attack.”

The most radical government in Israel’s history is turning occupied Palestine into a battlefield, ushering in an extended cycle of violence. It is fuelling a religious war through defiling the sanctity of Al-Aqsa Mosque and has killed 35 Palestinians in the past month. Palestinian prisoners are being targeted and — you couldn’t make this up — the occupation state plans to strip Palestinians of their Israeli citizenship. Meanwhile, the ethnic cleansing continues in the occupied territories; dozens of Palestinian families have had their homes demolished for lack of permits, which are rarely granted to Palestinians in any case, while illegal settlements continue to expand on occupied territory. Whole Palestinian villages, such as Khan Al-Ahmar, are targeted for demolition. The viability of an independent Palestinian state has been destroyed by Israeli policies, while the Palestinian Authority exists solely to protect the occupation state and its settlers, who are armed to the teeth and attack Palestinians and their property with relative impunity.

While all of this is taking place, the US is paving the way for Israel across the Arab world. The Israeli foreign minister has been received in Sudan. Abdel Fattah Al-Burhan, the head of the military junta which currently rules the country, met Eli Cohen who announced last Thursday that the two have finalised the text of a peace agreement to be signed “later this year”. If that happens, then Sudan will join the US-sponsored Abraham Accords, intended to integrate Israel within the Arab world.

Israel delegation visits Sudan to discuss normalisation deal

Israel delegation visits Sudan to discuss normalisation deal

Also on Thursday, the head of another military junta, Chadian President Mahamat Idriss Deby Itno, officially opened his country’s embassy in Tel Aviv,. “We are strengthening our common interests and friendship, and pursuing peace, security and prosperity,” said Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu at the opening event. This is the same Netanyahu who refuses to make peace with the Palestinians through the moribund “peace process”.

When a member of the Bahraini parliament complained that national airline Gulf Air is flying to Tel Aviv at a financial loss because nobody in Bahrain wants to normalise with the “Zionist entity” and fly to Israel, the Speaker of the Parliament asked for “Zionist entity” to be omitted from the official record. This not only disturbed some MPs, who accused him of doing so after a nod from the legal advisor who is a foreigner, but also exposed the degree of US pressure on Arab countries to open their doors to Israel.

In America itself, House Republicans have voted to remove Minnesota Democratic Representative Ilhan Omar from the foreign affairs committee because of previous comments made about Israel and concerns over her objectivity. Omar first came under fire for comments about the occupation state in 2019 when she said, ” I want to ask why is it OK for me to talk about the influence of the NRA [National Rifle Association], of fossil fuel industries or Big Pharma, and not talk about a powerful lobbying group that is influencing policies?” This was a reference to the most powerful pro-Israel lobby in the US, the American Israel Public Affairs Committee (AIPAC), which defines its mission as, “To encourage and persuade the US government to enact specific policies that create a strong, enduring and mutually beneficial relationship with our ally Israel.” AIPAC takes pride on its official website — “Stand with those who stand with Israel,” it proclaims — of being “the largest pro-Israel political action committee in the country — supporting 365 candidates in 2022 with more than $17 million in direct support through AIPAC.”

Palestinians are not the only people targeted by official US hypocrisy; everyone who dares to speak up for Palestine, or demands justice for the Palestinian people, is a target. Lasting peace and justice in a land that has suffered for decades from settler-colonialism and imperialism — and continues to do so — always plays second fiddle to Israel’s corrupt “security and self-defence” narrative. This is how the world led by the US and other Western countries rewards Israel for its crimes.

The views expressed in this article belong to the author and do not necessarily reflect the editorial policy of Middle East Monitor.

Source: MEMO

هل يتمكن القوس الأمريكي من خنق الصين؟

بواسطة: د. محمد مكرم البلعاوي

تسود منطقة جنوب وشرق آسيا في الفترة الأخيرة الكثير من التوتّرات، ناتجة عن محاولة الولايات المتحدة تعزيز حضورها في المنطقة لمواجهة الصعود الصيني واستعداداً لأي سيناريوهات مستقبلية سلبية يمكن أن تحدث. من المعروف أنّ الوجود الأمريكي في المنطقة ليس جديداً، لكنّه أخذ دفعات أكبر في مرحلة الحرب العالمية الثانية مع دخول الولايات المتحدة الحرب في مواجهة اليابان، والتي نتج عنها حضور عسكري كبير لها في اليابان وبقية المنطقة، وتعزّز هذا الحضور في المرحلة الثانية خلال الحرب الكورية (1950-1953).

اتسمت الفترة التي أعقبت الحرب الكورية بنوع من الهدوء النسبي في المنطقة، وخصوصاً بعد لقاء الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون مع الرئيس الصيني ماو تسي تونغ عام 1972م، لكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991م، بدأت الولايات المتحدة تنظر إلى المنطقة بشكل مختلف، إذ أدركت أنّ الدعم الأمريكي للصين بمواجهة الاتحاد السوفييتي لم يعد له مبرر، وأنّ “التنين الأحمر” كما وُصفت الصين حينها، يمكن أن تشكّل التهديد المقبل لزعامة الولايات المتحدة للعالم، خصوصاً بعد نجاحات الصين كقوة اقتصادية.

يبدو أنّ انشغال الولايات المتحدة بحروبها ضد ما يسمى بالإرهاب في المنطقة الإسلامية أجّل المواجهة مع الصين عملياً إلى مرحلة الرئيس دونالد ترامب، الذي أطلق حرباً تجارية مع الصين شكّلت بداية انعطافة في العلاقات الأمريكية الصينية التي اتسمت خلال العقود العقود الخمسة الماضية بالتعاون والتكامل الاقتصادي.

انشغال الولايات المتحدة بحروبها ضد ما يسمى بالإرهاب في المنطقة الإسلامية أجّل المواجهة مع الصين عملياً إلى مرحلة الرئيس دونالد ترامب، الذي أطلق حرباً تجارية مع الصين شكّلت بداية انعطافة في العلاقات الأمريكية الصينية التي اتسمت خلال العقود العقود الخمسة الماضية بالتعاون والتكامل الاقتصادي

منذ بداية عهد الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، حدّدت إدارته الصين كمنافس استراتيجي، وهو في الحقيقة لفظ منمق للتعبير عن خصومة الولايات المتحدة الأمريكية للصين، وبدأت خطة احتواء للصين من خلال إثارة نشاطات الصين البحرية والجوية في بحر جنوب الصين، والادعاء بأن الصين تحاول حل قضية تايوان بالقوة والاحتلال العسكري.

ورغم الاتفاقية بين واشنطن وبكين على مبدأ “الصين الواحدة”، التي تتلخص في الاعتراف بأنّ هناك صين واحدة فقط هي دولة الصين الشعبية، وأنّ تايوان جزء لا يتجزأ منها، وبموجب هذه السياسة تقيم الولايات المتحدة علاقات رسمية مع جمهورية الصين الشعبية وليس مع تايوان التي تعتبرها بكين إقليماً صينيّاً لا بد من أن يعود يوما إلى كنف الوطن الأم، إلا أنّ واشنطن بدأت في السنوات الأخيرة تشجّع تايوان بمختلف السبل على التعبير عن وضع استقلالي، وعملت عمليّا على تقويض مبدأ “الصين الواحدة” من خلال دعم تايوان عسكرياً وسياسياً.

لذلك هذا الوجود والدعم المعلن لتايوان وزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى الجزيرة في آب/ أغسطس الماضي، والعمل على تآكل فكرة الصين الواحدة بالتدريج، والتوسع في استخدام القواعد والدعم العسكري لكوريا الجنوبية، ينظر إليه من طرف الصين على أنه استعداد من قبل الولايات المتحدة لحرب صارت غير مستبعدة، خاصة مع وجود تصريحات لقيادات عسكرية أمريكية بهذا الصدد.

تحاول الولايات المتحدة من خلال تصريحات وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، وحضوره في المنطقة وتعزيز الوجود العسكري في كوريا الجنوبية والفلبين، محاصرة الصين عبر تشكيل قوس عسكري في جنوب شرق آسيا، فواشنطن تمتلك العديد من القواعد والمنشآت العسكرية في اليابان، وعدد قواتها هناك الذي يزيد عن 50 ألف جندي هو الأكبر خارج الولايات المتحدة، تليها كوريا الجنوبية كثالث مستضيف للقوات الأمريكية بعد اليابان وألمانيا، وتضم أكبر قاعدة عسكرية من حيث المساحة، بالإضافة إلى أنّ الفلبين التي أبرمت اتفاقاً مع الولايات المتحدة قبل أيام، يسمح للجنود الأميركيين باستخدام أربع قواعد عسكرية إضافية، هي الأقرب إلى تايوان بمسافة نحو 1200 كيلو متر.. وكل هذا يترافق مع مساعي واشنطن لتعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في إندونيسيا، التي تتواجد فيها أيضاً استثمارات صينية ضخمة.

سبق ذلك عقد قمة رباعية لتجمع “كواد” عام 2021، الذي تشكل عام 2007، أُعلن الهدف منها “خلق توازن قوى في آسيا”، وهي القمة الأولى التي شارك فيها قادة الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان مباشرة، وهي دول لها خصومات مع الصين، فالهند لديها مشاكل حدودية مع بكين، واليابان عدو الصين التاريخي وتنظر إليها بريبة وحذر، كما أنّ واشنطن أطلقت مبادرة أمنية ثلاثية تحت مسمى “أوكوس”، بين أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، لتعزيز التعاون الدبلوماسي والأمني والدفاعي في منطقة المحيطين الهندي والهادي، والعمل على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، في إشارة غير مباشرة إلى الصين.

الصين هي إحدى الجهات المستفيدة من الحرب الروسية الأوكرانية، لأنها منحتها فرصة لإضعاف الغرب ومزيداً من الوقت لتعزيز نموها الاقتصادي وبناء الذات واستكمال عملية التحديث، كما أنّ الحرب الحاليّة تعطيها أن تشكّل نموذجاً مستقبلياً عن الطرق والوسائل التي يمكن أن يتم استخدامها ضد الصين من طرف الولايات المتحدة وحلفائها

هذه التحركات ستدفع الصين -على الأرجح- نحو التقارب مع روسيا، وتغيير سياستها الحذرة بالتعامل مع موسكو خاصة أنّها أخذت موقفاً حذراً منها بعد الحرب الروسية الأوكرانية، خوفاً من أن تطالها العقوبات المفروضة على روسيا، ولذا فإنّ هناك شكوى غير معلنة من قبل روسيا من موقف بكين التي تحجم عن مساعدتها عسكرياً واضعة في ذهنها المصالح الاقتصادية الضخمة، مع الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري المهم والسوق الأمريكية التي تستوعب الجزء الأكبر من صادراتها، مستحضرة أن أية عقوبات يمكن أن تطالها ستلحق الضرر بالتقدم الاقتصادي الذي حققته طيلة عقود، وخصوصاً مع بداية تعافي اقتصادها من جائحة كورونا.

يعتقد كثيرون أنّ الصين هي إحدى الجهات المستفيدة من الحرب الروسية الأوكرانية، لأنها منحتها فرصة لإضعاف الغرب ومزيداً من الوقت لتعزيز نموها الاقتصادي وبناء الذات واستكمال عملية التحديث، كما أنّ الحرب الحاليّة تعطيها أن تشكّل نموذجاً مستقبلياً عن الطرق والوسائل التي يمكن أن يتم استخدامها ضد الصين من طرف الولايات المتحدة وحلفائها.

لعل من أهم ما استفادته الصين الحرب الروسية الأوكرانية هو العمل على تأمين احتياجاتها من الطاقة، حيث تسعى الصين إلى تعزيز علاقاتها مع الدول العربية خاصة السعودية، لتأمين احتياجاتها في هذا المجال. وكان أبرز جهود الصين زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر 2022م، إذ شهدت الزيارة عقد ثلاث قمم، سعودية وعربية وخليجية، تم التوقيع خلالها على اتفاقيات بقيمة 30 مليار دولار مع الرياض في مجالات عدة، إضافة للاتفاق على تعزيز التعاون في الطاقة والدفاع.

سعي الولايات المتحدة إلى حصار الصين يعني الدفع باتجاه نشوء تحالفات دولية على غرار التحالفات التي نشأت قبيل وأثناء الحرب العالمية الأولى والثانية، وستدخلنا في أجواء حرب عالمية ثالثة، لكنها مع ذلك ستواجه صعوبة في تطبيق استراتيجيها بإنشاء تحالف استراتيجي من دول شرق وجنوب آسيا ودفعه لمواجهة مباشرة مع الصين

يمكن القول إنّ سعي الولايات المتحدة إلى حصار الصين يعني الدفع باتجاه نشوء تحالفات دولية على غرار التحالفات التي نشأت قبيل وأثناء الحرب العالمية الأولى والثانية، وستدخلنا في أجواء حرب عالمية ثالثة، لكنها مع ذلك ستواجه صعوبة في تطبيق استراتيجيها بإنشاء تحالف استراتيجي من دول شرق وجنوب آسيا ودفعه لمواجهة مباشرة مع الصين، لأنّ دول منظمة آسيان كانت المستفيد الأول من الصعود الصيني خاصة ضمن مشاريع مبادرة “الحزام والطريق”، فنهضتها مرتبطة بنهضة الصين، كما أنّ اعتماد الصين استراتيجية الحياد وإقامة العلاقات بناء على الاحترام والمنفعة المتبادلة مع تلك الدول بعيداً عن أية نزعة عسكرية لا يشجع هذه الدول إلى انتهاج سياسات عدائية مفتوحة ضد الصين، وتعلم هذه الدول أنّ حرباً من هذا النوع ستنفجر في حِجرها وستكون المتضرر المباشر منها، ولذا فإنّ حشدها عسكرياً ضد الصين سيكتنفه الكثير من الصعوبات، فضلاً عن الاعتقاد السائد في المنطقة بانحسار الدور الأمريكي عالمياً.

أمّا الهند -المعادل الإقليمي للصين- فمشكوك في انخراطها في مواجهة من هذا النوع مع الصين رغم الخلافات الحدودية بينهما، لأنّ الأولوية الهندية اليوم تتجه نحو تحوّل الهند إلى عملاق اقتصادي عالمي، لا الدخول في حروب عالمية مدمرة مسرحها المرجح الجوار الهندي، كما أنّ المواجهة مع الصين سيجعلها في مواجهة -شبه مؤكدة- مع باكستان نتيجة للعلاقات الصينية الباكستانية المميزة، ويمكن أن تؤدي إلى خسارة الهند لحليفها التقليدي روسيا، التي تخوض صراعاً عسكرياً مريراً مع حلف الناتو في أوكرانيا. لذلك فإنّ الهند وإن كانت تحاول التماشي مع الاستراتيجية الأمريكية في بداياتها لكنها لن تستطيع -على الأغلب- أن تلبي الطموحات الاستراتيجية الأمريكية عند أية مواجهة كبرى.

المصدر: عربي 21

برفيز مشرَّف: وفاة الرئيس الباكستاني السابق في المنفى عن 79 عاما

توفي الرئيس الباكستاني السابق الجنرال برفيز مشرَّف في الإمارات عن 79 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، وفق بيان صدر عن الجيش.

وأعرب الجيش في بيانه، الذي أكد الوفاة، عن “تعازيه القلبية”، وتمنى أن “يبارك الله في النفوس الراحلة، ويمنح القوة لأهل الفقيد”.

وقال مكتب مشرّف في بيان نقلته وكالة فرانس برس إن الرئيس الباكستاني عارف علي صلى من أجل “الراحة الأبدية للروح الراحلة والشجاعة للعائلة المكلومة لتحمل هذه الخسارة”.

كما أعرب رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف عن تعازيه وكذلك قادة الجيش في البلاد.

ولد مشرّف في دلهي بالهند في 11 أغسطس/آب 1943، لأبوين ناطقين باللغة الأوردية، هاجرا إلى باكستان بعد تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947.

وأمسك بزمام الحكم عبر انقلاب عام 1999 الذي أطاح فيه برئيس الوزراء آنذاك نوّاز شريف، وكان رئيسا بين عامي 2001 و2008.

ونجا من ثلاث محاولات لاغتياله دبّرها تنظيم القاعدة، ووجد نفسه على خط المواجهة في الصراع بين المتطرفين والغرب.

أيّد ما سمي بـ “الحرب على الإرهاب” الأمريكية بعد أحداث 11 سبتمبر، بالرغم من المعارضة الداخلية.

في عام 2008 تلقى هزيمة في الانتخابات، وغادر البلاد بعد ستة أشهر.

عندما عاد في عام 2013 لمحاولة خوض الانتخابات، تم اعتقاله ومُنع من الترشح. ووجهت إليه تهمة الخيانة العظمى وحكم عليه بالإعدام غيابيا، قبل إلغاء القرار بعد أقل من شهر.

غادر باكستان متوجها إلى دبي في عام 2016، للحصول على العلاج الطبي وعاش في المنفى منذ ذلك الحين.

لكن في عام 2019، قضت محكمة في إسلام أباد بإعدام مشرّف بتهمة الخيانة العظمى.

وعلى الرغم من إلغاء الحكم لاحقًا، إلا أنه لم يعد إلى باكستان أبدًا.

وأشاد فؤاد شودري، المساعد السابق لمشرف والقائد الحالي لحزب رئيس الوزراء السابق عمران خان، بمشرف وتأثيره على باكستان.

وقال في تصريحات لرويترز “قيل إنهديكتاتور عسكري، لكن لم يكن هناك نظام ديمقراطي أقوى من ذلك الذي كان تحت قيادته … فقد قاد برويز مشرف باكستان في وقت صعب للغاية، ويعتقد الباكستانيون أن حقبة حكمه كانت من أفضل الفترات في تاريخ باكستان.

المصدر: بي بي سي نيوز

US and India to boost defense and technology cooperation as China threat grows

By Brad Lendon.

CNN — 

The United States and India are taking steps to strengthen their defense partnership, officials said Tuesday, the latest sign of cooperation between the two countries in the face of an increasingly assertive China.

The plans emerged following two days of meetings in Washington between government and business officials from the two countries and include greater collaboration on military-related industries and operational coordination in the Indo-Pacific.

Key among them are cooperation on developing jet engines and military munitions technology, according to a White House fact sheet. Specifically, it said the US government would look to expedite a review of an application by US manufacturer General Electric to build jet engines in India for use on indigenous Indian aircraft.

US Army paratroopers and Indian Army troops attend an opening ceremony for exercise Yudh Abhyas 21, on Oct., 15, 2021, at Joint Base Elmendorf-Richardson, Alaska.

US Army paratroopers and Indian Army troops attend an opening ceremony for exercise Yudh Abhyas 21, on Oct., 15, 2021, at Joint Base Elmendorf-Richardson, Alaska.Staff Sgt. Alex Skripnichuk/US Army

Operationally, the US and Indian militaries would look to build up maritime security and intelligence, surveillance and reconnaissance capabilities, the fact sheet said.

US Deputy Secretary of Defense Kathleen Hicks told Indian National Security Adviser Ajit Doval that “building alliances and partnerships are a top priority” for the Pentagon, in what she said was “the region’s increasingly contested strategic environment,” according to a Defense Department statement.

Hicks said building the partnerships was a major objective of the US’ 2022 National Defense Strategy, which calls China a “growing multi-domain threat.”

While the US has seen China building up its military forces in areas near Taiwan and key US ally Japan, India’s forces have clashed with Chinese troops along the Line of Actual Control, the ill-defined border between the two nations high in the Himalayas.

A major industrial part of the meetings was an agreement to develop the semiconductor industry in India, which has the educated and skilled workforce needed to become a major player in building those key components.

Additionally, the two countries pledged to help develop next generation telecommunications in India, including 5G and 6G advanced cell phone technologies.

Washington and New Delhi also agreed to enhance cooperation in space, including helping India develop astronauts, its commercial space sector and role in planetary defense.

Tech ties

The US and India, along with Japan and Australia, are members of the Quadrilateral Security Dialogue – known as the Quad – an informal group focused on security that dates back to the early 2000s. It has become more active in recent years as part of efforts to counter China’s reach and territorial claims in the Indo-Pacific.

On the sidelines of a Quad summit in Tokyo last May, US President Joe Biden and Indian Prime Minister Narendra Modi announced the US-India initiative on Critical and Emerging Technology (iCET).

The meetings this week were the first under the scheme and brought together dozens of government officials, industry CEOs and senior academics from both countries.

In addition to defense technologies, Washington and New Delhi would work to “expand international collaboration in a range of areas — including artificial intelligence, quantum technologies, and advanced wireless,” the White House fact sheet said.


India, U.S. discuss Narendra Modi White House visit

By Trevor Hunnicutt

(Reuters) – The Biden administration is in talks with Indian officials over a possible White House visit by Prime Minister Narendra Modi later this year, according to a U.S. official aware of the discussions and another person briefed on the matter.

U.S. President Joe Biden is eager to deepen ties with the world’s largest democracy as part of his bid to win what he has framed as a contest between free and autocratic societies, especially China.

The White House and the Indian Embassy in Washington declined to comment.

Dates are not finalized, the sources said. Discussions about a possible White House visit intensified this week as Indian National Security Adviser Ajit Doval met with his U.S. counterpart, Jake Sullivan, and Secretary of State Antony Blinken in Washington.

During the visit, the United States and India launched a partnership to deepen ties on military equipment, semiconductors and artificial intelligence.

New Delhi has frustrated Washington by participating in military exercises with Russia and increasing purchases of the country’s crude oil, a key source of funding for the war in Ukraine. Washington has been pushing New Delhi to do more to punish Russia for the Ukraine invasion.

India proposed on Wednesday hiking military spending for the upcoming year by 13% to $72.6 billion as it seeks to add more fighter jets and roads along its tense border with China. India and China share a 2,100-mile (3,400-kilometer) frontier that has been disputed since the 1950s.

The U.S. president is expected to make his own trip to New Delhi in September for the G20 meetings hosted by India.

Biden is also expected to meet with Modi during a mid-year meeting of the Quad countries, which is hosted by Australia and also includes Japan.

Those countries, along with South Korea, are key to Biden’s strategy of strengthening regional alliances and shoring up Asian security in the face of threats including China’s claims of Taiwan and vast swathes of the South China Sea.

President George W. Bush’s administration in 2005 denied Modi a U.S. visa after a 2002 incident where more than 1,000 people, mostly Muslims, were killed in sectarian riots in the Indian state of Gujarat, where he had been chief minister. Modi denied any wrongdoing.

He was first invited to the White House after he became prime minister in 2014 by Barack Obama.

Modi’s Bharatiya Janata Party (BJP) won a record-breaking victory in his home state Gujarat in December and is widely expected to win the next general election in 2024.

حادث المنطاد ليس الأول.. ماذا تريد الصين من عمليات التجسس؟

جاء حادث المنطاد الصيني الذي حلّق في الأجواء الأميركية وأثار غضب واشنطن ليلقي الضوء مجددا على اتهامات التجسس التي لطالما وجهها الغرب بقيادة الولايات المتحدة إلى الصين واتخذت أشكالا مختلفة.

وبحسب تقرير الجزيرة المرفق، فإن هذه الاتهامات تشمل محاولات اختراق أجهزة حواسيب وزارات وجهات رسمية وشركات تجارية وصناعية كبرى، أو عبر أشخاص، وصولا إلى شركات صينية برزت في الأعوام القليلة الماضية في مجالي الاتصال ومنصات التواصل.

واستنادا إلى مسؤولين أميركيين، فإن الصين تريد من هذا كله تفوقا وهيمنة اقتصادية وتجارية وصناعية على مستوى العالم.

وفي المقابل، فإن الصين تنفي اتهامات التجسس وتعتبرها استحضارا للحرب الباردة.

المصدر : الجزيرة


هل تتخلى الهند عن روسيا؟

 لم تنه نيودلهي علاقاتها مع الكرملين، ليس بعد

* سمير للواني

بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، تقاطر عدد من دول العالم الديموقراطية لإدانة العدوان الروسي والتداعي للدفاع عن أوكرانيا. لم تفعل الهند ذلك. وكذلك امتنعت عن التصويت في مناسبات مهمة وأساسية في الأمم المتحدة، رافضة إدانة شريكتها القديمة (روسيا). جاءت ردود الفعل على تلك المواقف عنيفة وصادمة. فقد عبرت حكومات كثيرة عن إحباطها من الهند بسبب تمنعها عن إدانة أمر يتعذر تبريره. ورأى بعض المراقبين في المقابل أن الهند ربما تبدل وجهتها. إذ لاحظ المراقبون أنها، في نهاية الأمر، قد تفكر في الابتعاد عن روسيا وفك ارتباطها بها. وفي سبتمبر (أيلول) نقل رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن “الزمن اليوم ليس زمن حروب”. وبدت تلك الملاحظة بمثابة تأنيب لبوتين، وقد وصفها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بالـ”مهمة”. وكتب المفكر السياسي هابيمون جاكوب في الـ”فورين أفيرز” شرحاً عن كيفية شروع نيودلهي “بالانسحاب من شراكتها القديمة مع روسيا”، مشيراً إلى نيتها التأقلم على نحو أوثق مع تقاربها من الولايات المتحدة. ووفق هذه القراءة للحوادث، تعمل الهند على إدارة ظهرها لروسيا، مع إبدائها ميلاً إلى زيادة التقرب من الولايات المتحدة، مستنتجة أنها تحتاج إلى علاقات أوثق مع الغرب.

تبقى لكن تلك التوقعات، أو بعضها على الأقل، آمالاً أكثر من كونها احتمالات حقيقية. لذا، يتوجب على صناع السياسة الأميركيين التخطيط لما يتعلق باستمرار العلاقات الهندية – الروسية التي امتدحها وزير الخارجية الهندي س. جايشانكار خلال زيارته لموسكو في نوفمبر (كانون الثاني) الماضي، معتبراً أنها (علاقات) “قوية وثابتة”. في المقابل، يتوجب على الهند أن تنوع في شراكاتها بعيداً من روسيا، وذلك نظراً لعدم احترام الأخيرة سيادة أراض وطنية (في أوكرانيا)، واعتمادها المتزايد على الصين، والأسلحة غير الموثوقة التي تتنتجها وتزود الهند بها. وعلى رغم سوء التصرف الروسي هذا، تبقى الهند غير جاهزة بعد للتخلي عن شراكتها المهمة مع روسيا. بالتالي، يجب على صناع السياسة الأميركيين مساعدة الهند في الانتباه إلى أن (علاقتها) بروسيا تشكل مسؤولية. وكذلك ينبغي بهم أيضاً ألا يعاقبوا نيودلهي جراء استمرار علاقاتها بموسكو، بقدر ما يقدرون على الاستمرار في الاتكال على الهند بغية النهوض بدور أكبر وأنشط في مواجهة العدائية الصينية ضمن منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

فجر كاذب

لقد تكهن محللون بأن الهند تحاول إبعاد نفسها عن روسيا استناداً إلى أدلة تألفت من كلام ومواقف معلنة من مسؤولين هنود. وقد أشار أولئك المحللون إلى مواجهة مودي الكلامية مع بوتين في سبتمبر (أيلول) الماضي، ووقائع تصويتها في الأمم المتحدة لغير مصلحة روسيا، وكذلك إلغاء الهند صفقات شراء أسلحة روسية بمليارات الدولارات، من بينها طائرات حربية وطوافات عسكرية. لكن، في الحقيقة، فإن هذه التطورات بغض النظر عن أهميتها، لا تدل على وجود حركة افتراق نهائي عن موسكو تنهض بها نيودلهي. لقد قدمت “واشنطن بوست” كلام مودي الذي وجهه إلى بوتين في سبتمبر (أيلول) كأنه “توبيخ” (أو تأنيب). بيد أن كلام مودي في الواقع لم يبلغ ذاك المستوى، وجاء ليعبر أكثر عن القلق المتنامي إزاء ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة. وجاءت مراجعات تقييمية هندية عدة كي تحذر من المبالغة في تأويل كلام مودي، ولتشير إلى تماشي كلامه ذاك مع مواقف هندية سابقة تنتقد الكلفة الباهظة التي تفرضها الحرب على دول الجنوب في العالم. وقد وقفت الهند مع الغرب في بعض مناسبات التصويت الإجرائية (في الأمم المتحدة)، كتلك التي حصلت في سبتمبر (أيلول)، بغية تمكين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من إلقاء كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. في المقابل، عادت الهند إلى موقف الامتناع عن التصويت في مناسبة أشد أهمية في أكتوبر (تشرين الأول) تتعلق بعملية الضم الروسية غير الشرعية لأربعة أقاليم أوكرانية.

هل تتخلى الهند عن روسيا؟

في سياق متصل، تصح الإشارة إلى أن الهند أيضاً ألغت في العام الماضي عدداً من صفقات متفق عليها لشراء أسلحة روسية، تضم طائرات حربية من طراز “ميغ 29”. بيد أن قرار الإلغاء ذاك لم يتعلق بروسيا بقدر اتصاله بمحاولة زيادة وتعزيز إنتاج الأسلحة محلياً. وقد خططت الحكومة الهندية سلفاً لإلغاء صفقات (من بينها شراء طائرة “بوينغ ب– 81″ من الولايات المتحدة) قبل أشهر من الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وذلك كي تنتقل إلى الاعتماد على تجهيزات محلية الصنع تماشياً مع مبادرة أطلقتها تعرف بـ”الهند المعتمدة على نفسها”. وكذا لم تلغ الهند عقود شراء أسلحة روسية أساسية أخرى، على غرار منظومة “أس 400” في الدفاعات الجوية، وفرقاطات شبحية (خفية)، وغواصات نووية، الأمر الذي سيبقي نيودلهي مرتبطة بموسكو لعقود عدة. لا يمكن للهند في الحقيقة إنهاء علاقتها بروسيا. إذ تؤدي الأخيرة دوراً بالغ الأهمية في الحسابات الجيوسياسية الهندية، وكذلك فإنها تقدم دعماً كبيراً للترسانة العسكرية الهندية، وتحظى بشعبية واسعة في أوساط نخب الهند السياسية.

قوة البقاء        

منذ زمن، تنظر الهند إلى روسيا باعتبارها شريكاً لا غنى عنه في استراتيجيتها المسماة “عدم الانحياز”، التي ترفض الهند من خلالها تشكيل تحالفات خالصة مع أية قوة عظمى، بغية الحفاظ على شراكات استراتيجية مثمرة مع عدد من تلك القوى الدولية. ويرى القادة الهنود أن تلك الاستراتيجية ما زالت سليمة، لأن المحللين الغربيين أساؤوا تقدير روسيا في نواح مهمة عدة. وقد توصلت في البحث الذي أجريته إلى أن مسؤولي الأمن القومي الهنود يؤمنون بدوام قوة روسيا، على رغم قوة العقوبات الغربية ضدها. بالتالي، إنهم يتوقعون أن ترزح أوروبا تحت ضغوط التضخم ونقص إمدادات الطاقة، وأن تنتعش روسيا في المقابل بفضل ارتفاع أسعار المواد. ففي نهاية المطاف، تستثمر الشركات الهندية في مشاريع الطاقة الروسية كمشروع استخراج النفط والغاز في “ساخالين”، في أقصى الشرق الروسي. وكذلك تضاعف هذه الشركات مساهماتها في بحوث مستقبلية مشتركة (مع روسيا)، وعمليات تطوير بعض التكنولوجيات الدفاعية، بينها صواريخ كروز الاستراتيجية من طراز “براهموس” BrahMos. كذلك يرجح القادة الهنود تحول الحرب في أوكرانيا إلى مأزق عسكري ينتهي، عبر المفاوضات، بوقف إطلاق نار، على أن يلي الأخير اتفاق مستقبلي سيسمح لروسيا بالانخراط مجدداً في المجتمع الدولي.

وتبدو نيودلهي، بناء على ما تقدم، مقتنعة بأن الكرملين سيبقى قوة جيوسياسية بارزة يمكنها مساعدة الهند. إذ يمكن لروسيا أن تبقى قادرة على توفير الدعم الدبلوماسي للهند في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وتمارس تأثيراً كبيراً في جوار الهند القاري الواسع. وفي هذا الإطار، ما زالت الهند تعتمد على روسيا للحصول على تكنولوجيا الصواريخ، والمفاعلات النووية المستخدمة في الغواصات، والأسلحة الفرط صوتية (التي تفوق سرعتها سرعة الصوت). يضاف إلى ذلك أن المسؤولين الهنود يتوقعون أن يبقوا قادرين على استخلاص مزيد من الدعم من روسيا فيما الكرملين يتداعى. ويتشابه ذلك تماماً مع ما فعلته الهند بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، حينما أطلق البلدان (الاتحاد السوفياتي والهند) مشروع “براهموس الفضائي” BrahMos Aerospace المشترك. ولا يتخوف المسؤولون الهنود من حدوث تداعيات كبيرة بأثر من هذا التوجه. فقد رفضت الدول الغربية معاقبة الهند على قرارها الهادف إلى الإبقاء على استمرارية روابطها بشريكتها القديمة (روسيا).

وقد رأى بعض المراقبين أن الهند ستفترق عن روسيا لأن الأخيرة تغدو أكثر اقتراباً من الصين، أو حتى معتمدة عليها. لكن، لا يعتقد المسؤولون الهنود، على عكس نظرائهم الغربيين، بأن العقوبات القاسية ستجبر روسيا على الارتماء في أحضان الصين. إذ يرون أن التوترات مستمرة في العلاقة الصينية – الروسية، وآخرها التوتر المتعلق بالوضع في وسط آسيا ومنطقة القطب الشمالي. ويمكن للهند، بحسب وجهة نظر مخططيها الاستراتيجيين، أن تكون عازلاً بين روسيا والصين، الأمر الذي يسمح لروسيا في الحفاظ على بعض الاستقلالية في سياستها الخارجية، فلا تستسلم كلياً لدور بكين وتغدو “شريكها الصغير”.

حال تخبط

يعتمد الجيش الهندي على روسيا في معظم قدراته العسكرية والهجومية. وقد تسبب اجتياح أوكرانيا بصدمة إمدادات في إطار خدمة الترسانة الهندية المؤلفة بمعظمها من أسلحة روسية، مع تقلص أو تباطؤ إمدادات قطع الغيار والتحديثات. بيد أن الهند على رغم ذلك، لم تفرض أي تدابير جذرية لتسريع عملية التنويع التدريجية في مصادر تجهيزاتها العسكرية من خلال تقليص استخدامها للمعدات الروسية وخلق بدائل شرائية. وعلى رغم استمرار قلق الهند من الأداء الضعيف لبعض منصات الأسلحة الروسية، وأيضاً من تباطؤ إمدادات قطع الغيار، إلا إنها لا تملك خططاً سريعة لإعادة النظر بأنظمة أسلحتها الروسية والتوجه إلى أطراف أجنبية بديلة تؤمن لها إمدادات الأسلحة. ومع حال الاستقرار النسبي التي تشهدها الحدود الهندية إثر الأزمة الحدودية في 2019 و2020، يستطيع الاستراتيجيون الهنود في السنوات القليلة المقبلة معايشة حال تأهب تعبوي منخفضة، حتى لو عنى ذلك تحمل بعض الضعف والهشاشة. إذ إن الهند تخطط، على المديين القريب والمتوسط، للتأقلم مع حال تخبط في مخزونها (العسكري) الحالي، فتستند إلى سوق قطع الغيار الروسي الرديف، وكذلك تتوجه إلى الحصول على تجهيزات من قطاع الصناعة العسكرية المحلي (الهندي). وستتعاون الهند مع روسيا في تنفيذ الالتزام بطلبيات (أسلحة وقطع غيار وتحديثات) مستحقة، وعقود شراء محددة مع شركات أسلحة دفاعية غربية تعزز الصناعة الدفاعية المحلية الهندية. وعلى المدى البعيد، تنوي الهند أن تغدو بدرجة كبيرة معتمدة على نفسها في حاجاتها الدفاعية، فتكف عن الاعتماد على الإمدادات من مصادر خارجية. لكن حتى مع نيتها تنويع مصادر ترسانتها العسكرية وتحقيق الاكتفاء الذاتي خلال السنوات الـ20 المقبلة، ستبقى الهند بحاجة إلى روسيا في عدد من التكنولوجيات الحساسة والمهمة. وسيظل ما تملكه من طائرات “سوخوي- 30” العمود الفقري لقواها الجوية لعقود عدة، وستتعذر عمليات صيانة هذه الطائرات وتحديثها من دون مساهمات روسية جوهرية. كذلك فإن أهم صادرات الهند الدفاعية، أي صواريخ كروس “براهموس” المضادة للسفن التي تسوق راهناً في بلدان جنوب شرق آسيا لردع الصين، تستخدم تكنولوجيا تسيير روسية. بالتالي، من المستطاع استخلاص أنه طالما بقي الكرملين متحكماً بعناصر أساسية في أنظمة الأسلحة المتطورة الهندية، خصوصاً ما تملكه الهند من طائرات حربية وصواريخ كروز وغواصات، فسيبقى متمتعاً بتأثير كبير في نيودلهي.

الصديق الأول للهند

خلف تلك المسائل المادية (المرتبطة بالسلاح)، ثمة مواقف أيديولوجية مشتركة تبقي الهند بعلاقة صداقة وطيدة مع روسيا. إذ يتبنى المسؤولون الهنود والروس رؤية عن نظام عالمي “متعدد الأقطاب”، حيث لا تسود سيطرة طرف واحد مهيمن، وتحافظ القوى الكبرى (المتعددة) على نطاقات تأثيرها. وتؤمن كل من نيودلهي وموسكو بأن هكذا بنية للنظام العالمي تبقى أكثر استقراراً وثباتاً من بنية يتحكم بها قوة عظمى واحدة أو قوتين عظمتين.

سفن صينية وروسية تنفذ مناورات بحرية مشتركة قرب سواحل غواندونغ في الصين بتاريخ سبتمبر 2016

سفن صينية وروسية تنفذ مناورات بحرية مشتركة قرب سواحل غواندونغ في الصين بتاريخ سبتمبر 2016 (رويترز)

كذلك تحتفظ النخبة السياسية الهندية بعلاقة مع روسيا متجذرة في سنوات طويلة وعقود عدة من التعاون مع الاتحاد السوفياتي. وبعد شهرين من الاجتياح الروسي لأوكرانيا، رأى الباحث الهندي في السياسة الخارجية، يوغا جيوتسنا، “أن روسيا تبقى الصديق رقم واحد للهند، بحسب رأي أعضاء في القوات المسلحة (الهندية) ومحللين بصيرين”. كذلك اعتبر مدير أحد مراكز البحوث الهندية الرئيسة، راجيسواري راجاغوبالان، أن “التعاطف الاستراتيجي مع السوفيات وروسيا ما زال مستمراً، في أوساط الطبقة السياسية وكذلك لدى الرأي العام الواسع”، بسبب الطابع الرومنطيقي الذي يسم دعم روسيا للهند. ولا توافق السياسة الخارجية الهندية الرسمية على الاجتياح الروسي لأوكرانيا، بيد أن المسؤولين المخضرمين الذين يقدمون مشورتهم للحكومة في مسائل الأمن القومي يعتبرون أن أطرافاً عدة، من بينها الناتو، تتحمل مسؤولية الأزمة الراهنة، ولا يضعون كل اللوم على روسيا.

وكذلك يتعاطف الرأي العام الهندي أيضاً مع روسيا. إذ إن غالبية الهنود الذين شملهم استطلاع رأي في يوليو (تموز) الماضي، رفضوا اعتبار اجتياح روسيا لأوكرانيا خطأ. كذلك بين استطلاع آخر أجري في سبتمبر (أيلول) 2022 وشمل أكثر من ألف راشد هندي، أن الهنود يحملون الغرب وروسيا على حد سواء مسؤولية اجتياح أوكرانيا، بالتالي، لم يعتبر معظم من استطلعت آراءهم أن انتصار روسيا في الحرب سيجعل العالم أكثر خطورة. ولا تختلف مواقف الرأي العام في الهند على نحو حاد مع الرأي العام في الدول الأوروبية وأستراليا واليابان، وكذلك الحال أيضاً بالنسبة إلى الرأي العام في دول تشكل اليوم أسواقاً ناشئة كالبرازيل وجنوب أفريقيا.

واقع غير مريح    

وفق ما رأى هابيمون جاكوب ومحللون آخرون، فإن العلاقة الهندية – الروسية، تسلك اتجاه هبوط على المدى البعيد. إلا أن التحول والافتراق بين البلدين سيكونان بطيئين. إذ لن يحدث افتراق الهند تدريجاً عن روسيا إلا في إطار زمني ممتد، ربما على مدى عقود، ولا يمنح ذلك المدى صناع السياسة الأميركيين سوى فرصة ضئيلة لهندسة القرارات المتعلقة بروسيا على المدى القريب. (الاستثناء في ذلك الملمح قد يتمثل بأي استخدام لأسلحة نووية من قبل روسيا يمكنه أن يشكل صدمة في حسابات نيودلهي، وذلك على رغم اعتبار الدبلوماسيين الهنود أن احتمالات التصعيد تبقى احتمالات “ضئيلة”).

وعلى رغم علاقات الهند الوثيقة بروسيا، إلا إن شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة تبقى في غاية المنطق. إذ تعرف الهند أن الولايات المتحدة تمثل الشريك الأهم لتطوراتها الذاتية الاقتصادية والتكنولوجية. ولا يزال بإمكان واشنطن أن تكسب كثيراً بأثر من التعاون الناشط مع نيودلهي. لقد راهن صناع السياسة الغربيون بشكل كبير على الهند باعتبارها الدولة “المتأرجحة” (في العلاقة ما بين الغرب وروسيا) الأكثر أهمية في النظام الدولي، وذلك بغية تحقيق التوازن إزاء الصعود الصيني ومناصرة نظام (دولي) مستند إلى القواعد والقانون. بيد أن الهند تبقى أكثر انشغالاً في التركيز على توازن القوى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. وإذا استطاع صناع السياسة الأميركيون الاستمرار في الاعتماد على الهند في تحقيق توازن حقيقي وواضح أمام الصين وفي محيطها، فسيكون أسهل على الولايات المتحدة القبول بأثمان شراكة الهند المستمرة مع روسيا المتراجعة.

رد هابيمون جاكوب  

أخشى القول إن سمير للواني يقلل من شأن التحول الجذري الجاري الآن. في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ذهبت في زيارة إلى روسيا لمدة أسبوع. وعدت إلى نيودلهي بقناعة راسخة ترى إنه في ما قد يكون بين روسيا والهند بعض نقاط الخلاف المتبادلة وهما لا تزالان مولعتان ببعضهما بعضاً، إلا أن هناك عوامل بنيوية وتعقيدات جيوسياسية تعمل بالفعل على إضعاف قوة علاقتهما. حتى أن بعض المحللين الروس يرون أن هذه العوامل الخارجة عن سيطرة الحكومتين (الهندية والروسية)، قد تؤدي إلى تعقيد العلاقات بينهما على نحو أكبر.

يضاف إلى ذلك إن أكثر ما لفت نظري في جميع التعليقات التي سمعتها في الهند على مقالتي الأولى في “فورين بوليسي” بتاريخ سبتمبر (أيلول) الماضي، تمثل بشبه الإجماع المتعلق بمخاوف من أن تشجع الصين لصناع السياسة الهنود على الافتراق عن روسيا، والحرب في أوكرانيا لا تسهم إلا في تسريع هذا المنحى. لم تعد مستمرة تلك الشراكة الوطيدة التي عمرها عقود بين الهند وروسيا، بل حل بدلاً منها علاقة تبادلية (عادية أو سطحية) يرجح أن تزداد برودة في السنوات المقبلة.

أعباء غير متوقعة            

طرحت الحرب في أوكرانيا أمام الهند، ربما للمرة الأولى في السنوات الماضية، مسألة الاضطرار إلى اختيار غير مريح بين روسيا من جهة، وبين شركائها في أميركا والغرب من جهة أخرى. ويضع هذا الخيار عبئاً غير متوقع على كاهل الدبلوماسية الهندية وسياسة العلاقات المتعددة (المرتكزة على مبدأ عدم الانحياز) التي تنتهجها البلاد. والحقيقة فإن موقف نيودلهي المتضارب في مطلع الحرب، قد أكسبها اهتماماً كبيراً تجسد بزيارات مسؤولين غربيين وروس رفيعي المستوى إلى نيودلهي. إلا أن الاهتمام والتركيز الدبلوماسي لن يبقى منصباً على الهند لفترة طويلة، والآثار العامة للحرب (في أوكرانيا) المنعكسة عليها (على الهند) قد تكون سلبية وعميقة. فمن ناحية أولى، ستقل قدرة نيودلهي على المناورة في عالم منقسم بين معسكرين متعارضين. ومن ناحية ثانية، إن انعكاسات الحرب على أسعار السلع العالمية تعمل فعلياً على إنزال الأضرار في الاقتصاد الهندي. ولا يغيب هذا الواقع المرير عن بال صناع السياسة الهنود. نعم، تستمر نيودلهي اليوم في شراء النفط الروسي الرخيص، وقد ابتكرت أساليب للتجارة مع موسكو تلتف بها على العقوبات الغربية. بيد أن ذلك يشكل انتهازية في السياسة الخارجية ولدت من وطأة الضرورة. وستتابع الهند المحافظة على علاقاتها التبادلية مع روسيا وستستمر في التجارة معها. لكنها أيضاً ستستمر في الافتراق عن روسيا تماشياً مع استراتيجيتها الكبرى المتمثلة في الاقتراب أكثر من الغرب بغية تحقيق التوازن أمام الصين.

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ في مدينة كزيامن بالصين خلال سبتمبر 2017

رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جينبينغ في مدينة كزيامن بالصين خلال سبتمبر 2017 (رويترز)

وبعيداً من التجارة المتصلة بالمسائل الدفاعية، لا تتسم العلاقة المتبادلة بين البلدين بثقل كبير. ووفق ما ذكره السفير الهندي لدى روسيا، بافان كابور، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فإن التجارة المتبادلة هذه “غدت إلى درجة كبيرة علاقة من طرف واحد”، إذ تسير لمصلحة روسيا، بالتالي فإنها “غير قابلة للاستدامة” (أي لا يمكن استمرارها، حيث إن الصادرات الروسية تشكل قرابة ثلثي التبادلات التجارية بين البلدين). ولا تستطيع العلاقات السياسية المفتقرة إلى أسس اقتصادية متينة، أن تتجاوز هذه الحدود.

التوجه جنوباً    

ثمة عوامل أكبر من التبادلات التجارية المذكورة تشير إلى المسار التنازلي في العلاقة بين البلدين. إذ تشكل الصين بالنسبة إلى الهند أول المخاوف. وتعمل بكين على زرع الشقاق بين موسكو ونيودلهي. وكلما اقتربت الصين من روسيا، سعت الهند وراء شركاء استراتيجيين آخرين. وبالتأكيد، يعمل مسار الحرب في أوكرانيا على رسم مستقبل العلاقات الهندية – الروسية. وقد تقود هزيمة روسيا موسكو إلى الاعتماد أكثر على بكين، وكذلك ستقود نيودلهي إلى مزيد من القطيعة مع موسكو. في المقابل، إن انتهت الحرب في أوكرانيا عما قريب بنتيجة مقبولة لكل من الكرملين والغرب، لن يكون على روسيا الاعتماد كثيراً على الصين وسيكون في مقدورها مبدئياً معاودة الدخول في التيار الدولي السائد. في ظل مثل تلك الظروف، ستنظر نيودلهي إلى موسكو باعتبارها محوراً مهماً لاستراتيجياتها الجيوسياسية في القارة الآسيوية، فتسعى إلى الحفاظ على علاقات متينة معها. في المقابل، إن استمرت الحرب في أوكرانيا وطال أمدها وتتابعت الخسائر الروسية، فستتدهور علاقة نيودلهي بموسكو. وستجد الهند ستجد نفسها مضطرة إلى العثور على شركاء أكثر موثوقية يحلون في مكان شريك مستنفد ومتهالك. يبدو هذا السيناريو في الوقت الراهن الأكثر ترجيحاً، والتفكير به قاد الهند إلى المبادرة لإطلاق عملية افتراق تدريجية عن موسكو. وثمة عامل آخر سيحدد علاقة الهند بروسيا يتمثل بمدى موثوقية إمدادات الأسلحة الروسية. لأن الهند، من ناحية، ستقلص اعتمادها على روسيا في هذا الجانب تزامناً مع تهيئتها مصادر أخرى تحصل منها على تجهيزات دفاعية متطورة. وبفعل الحرب في أوكرانيا والعقوبات التي حظرت تصدير أشباه الموصلات (semiconductors) إلى روسيا، غدت موسكو عاجزة عن تأمين أنظمة أسلحة معينة للهند. ولسوف يثبط ذلك التقصير حماسة نيودلهي تجاه الأسلحة الروسية. وقد باتت روسيا اليوم متأخرة بالفعل عن إرسال شحنة إمدادات موعودة إلى الهند تتضمن أنظمة الدفاع الجوي “أس 400” وفرقاطات شبحية من طراز “تالوار”. كذلك هناك عامل آخر ينبغي أخذه في الاعتبار يتمثل بواقع أن روسيا المحرومة تماماً من أشباه الموصلات [بفعل العقوبات الغربية عليها] باتت تعتمد كلياً على الشرائح الإلكترونية الصينية في أنظمة أسلحتها. لذا، من المنصف هنا الافتراض أن الهند ستكون شديدة الحذر من استيراد أسلحة تشتغل بواسطة رقاقات إلكترونية صينية.

آخر الطريق         

يكتب للواني، “طالما بقي الكرملين متحكماً بعناصر مهمة في أنظمة الأسلحة المتطورة الهندية”، فسيبقى “متمتعاً بنفوذ كبير في نيودلهي”. لكن هذا لا ينطبق على الواقع. إن اعتماد الهند الراهن على الأسلحة الروسية لا يقلص من حريتها في اتخاذ قرارات استراتيجية مستقلة.

في السنوات الماضية، قلصت نيودلهي على نحو حاد اعتمادها على الأسلحة الروسية من دون استثارة أي ردات فعل سلبية من موسكو. واليوم مع استعار الحرب وتقلص الأسواق الخارجية الأخرى، لا يريد الكرملين من الهند سوى إيرادات تمس حاجته إليها، من دون أن يطمح في التأثير في الموقف الهندي الاستراتيجي. بكلام آخر، يمكن القول إن حاجة روسيا لأموال الهند توازي (أو ربما تتخطى) حاجة الهند إلى أسلحة روسيا.

ويشير للواني إلى “إطراء” وزير الخارجية الهندي س. جايشانكار على علاقات الهند “القوية والثابتة” بروسيا خلال زيارته إلى موسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. لكن دعونا هنا ندقق في هذه الزيارة. فإزاء الحرص الذي أظهرته موسكو للحديث عن “تعددية الأقطاب” والروابط “الخاصة” و”المميزة” (بينها وبين الهند)، اعتمد جايشانكار كلاماً أكثر براغماتية، مشدداً على التعاون الاقتصادي، وداعياً إلى روابط “أكثر توازناً” وقابلة “للاستدامة” (أي للاستمرار والتطور)، طارحاً مسألة الخلل في التبادلات التجارية و”العوائق” الموجودة في الجانب الروسي. كذلك ذكر جايشانكار أن العالم اليوم شديد الترابط، فلا يمكن لأي نزاع في منطقة ما إلا أن ينتج “عواقب أساسية في مناطق أخرى”. ومن الملفت أن لا أحد من الطرفين تحدث عن أي تعاون عسكري مستقبلي.

لنأخذ أيضاً التصريح الأحدث لجايشانكار في فيينا أثناء وقت سابق من هذا الشهر. وقد جاء فيه أن “لا أحد في الحقيقة يحتاج إلى هذه الحرب. لسنا بحاجة إلى الحروب أبداً”. ثمة رسالة واضحة من نيودلهي. إنها لا توافق على أفعال روسيا في أوكرانيا، وقد أوضحت بطرق عدة أنها لا توافق على الاجتياح (الروسي لأوكرانيا).

واليوم، غدت الشراكة الهندية – الروسية القديمة علاقات تبادلية يكتنفها الغموض واللايقين. أجل، قد تستمر العلاقة على هذا النحو لبعض الوقت ربما، لكن إذا فشلت روسيا في تأمين وعودها (بأنظمة الأسلحة) الدفاعية للهند، وتزايد قلق المسؤولين الهنود تجاه علاقات وروابط روسيا بالصين، لا تتوقعوا من نيودلهي إلا مزيداً من الافتراق عن موسكو.

المصدر: Independent العربية

الصين تسعى لمنطقة تجارة حرة مع دول الخليج “في أقرب وقت ممكن”

بكين – رويترز

أفاد بيان لوزارة الخارجية الصينية في وقت متأخر من يوم الاثنين، بأن الوزير الجديد تشين قانغ، أبدى رغبته في تقوية الروابط الاقتصادية مع السعودية، وعمل منطقة تجارة حرة بين الصين ومنطقة الخليج في “أقرب وقت ممكن”.

جاء اقتراح تشين، الذي تم تعيينه في هذا المنصب مؤخرا، خلال محادثة هاتفية مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، والتي قال فيها أيضا إن الصين تكن تقديرا كبيرا لدعم المملكة القوي والراسخ في ما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالمصالح الصينية الأساسية.

وقال إنه يتعين على الجانبين توسيع نطاق التعاون بشكل أكبر في الاقتصاد والتجارة والطاقة والبنية التحتية والاستثمار والخدمات المالية والتكنولوجيا الفائقة.

وإلى جانب ذلك، ضغط تشين من أجل مواصلة تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الصين والخليج وبناء “منطقة التجارة الحرة بين الصين والخليج في أقرب وقت ممكن”.

وقال الأمير فيصل، إن السعودية تعتبر العلاقات مع الصين ركيزة أساسية للعلاقات الخارجية، وإن السعودية تحترم تماما مبدأ الصين الواحدة، بحسب بيان وزارة الخارجية الصينية.

يشار إلى أن الصين، تعد الشريك التجاري الأول للسعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث بلغ حجم التجارة البينية نحو 309 مليارات ريال في 2021، بزيادة قدرها 39% عن العام 2020، تشمل 192 مليار ريال صادرات سعودية إلى الصين، بما في ذلك صادرات غير نفطية بقيمة 41 مليار ريال.