واشنطن في رسالة لبينت: قلقون من نشاط الصين في إسرائيل
تشهد العلاقات الإسرائيلية الأميركية توترا بين حين وآخر بسبب تنامي النفوذ الصيني في إسرائيل، والخشية الأميركية من زيادة حضور التنين الآسيوي لدى حليفتها المدللة، وإمكانية أن يتسلل لأسرارها العسكرية والأمنية.. الأسئلة التالية تضع يدها على أهم مواقع النفوذ الصيني في إسرائيل، وأبرز مشاريع الصين الاقتصادية والاستثمارية، وطبيعة المخاوف الأمنية الإسرائيلية والأميركية من تناميها.
رغم أن الصين بدأت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل عام 1992 فإن حقبة الثمانينيات شهدت اتصالات غير رسمية بين بعض دوائر الدولتين في مناسبات متفاوتة اكتسبت منها إسرائيل إمدادات من التكنولوجيا العسكرية، وبعد مقتل الطلاب في ميدان تيانانمين أواخر الثمانينيات اعتقدت الصين أن إقامة علاقات رسمية مع إسرائيل ستساعد على تحسين صورتها في الغرب.
ومنذ استئناف هذه العلاقات نمت تجارة الصين وإسرائيل بمعدل 10% كل عام، ومن بين 42 ملحقا اقتصاديا إسرائيليا يعملون حول العالم هناك 6 ملحقين في الصين.
سمحت إسرائيل للصين بتحقيق اختراق عميق للغاية في منظومتها الاقتصادية، حيث يعمل عشرات آلاف الصينيين بمختلف مجالاتها التشغيلية، وحفرت الصين سلسلة من الأنفاق في الكرمل والقدس وغوش دان، واستحوذت على شركة الأغذية الكبرى “تنوفا”، وتدير المشاريع الإستراتيجية كأعمال التعدين وبناء الميناء الجنوبي في أسدود وتأسيس السكك الحديدية الخفيفة في تل أبيب وبناء خط القطار إلى إيلات، وباتت تعرف جميع مفاصل الاقتصاد الإسرائيلي.
أما عملية التصدير الرئيسية لإسرائيل إلى الصين فتتركز في المكونات الإلكترونية بنسبة 51%، وهناك 3 صناعات رئيسية ومتنامية من الصادرات الإسرائيلية للصين، هي معدات القياس والتحكم الصناعية، والمواد الكيميائية، والمعدات الطبية، وبينما تعتبر صناعة التكنولوجيا الفائقة المحرك الرئيسي للنمو في إسرائيل تم تصميم “شراكة الابتكار الشاملة” مع الصين في 2017 لتعزيز العلاقة بين الابتكار التكنولوجي الإسرائيلي وطلب الصين عليه.
ورغم أن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية لا تشمل إسرائيل رسميا في خرائطها فإن موقعها الجغرافي، والمشاركة الاقتصادية الصينية المهمة فيها، واتفاقيات التطبيع تضعها في نقطة إستراتيجية رئيسية في المبادرة الصينية.
مارست الولايات المتحدة ضغوطا في السنوات الأخيرة على إسرائيل لإعادة النظر في علاقاتها الاقتصادية مع بكين لأنها تثير مخاوفها، فهي تستثمر في قطاعات التكنولوجيا التي تعتبرها واشنطن بالغة الأهمية لأمنها القومي، ويكمن القلق الأميركي في ترجمة استثمارات الصين إلى نفوذ إستراتيجي، وخلق اعتماد إسرائيلي متزايد على شركاتها في بناء وتطوير وتشغيل منشآتها للبنية التحتية، بعضها في مناطق حساسة من الناحية الأمنية.
وتنتقد المحافل الأميركية الآليات الرقابية الإسرائيلية غير الفعالة على “التورط” الصيني في اقتصادها، لأن التدخل الصيني بصناعة التكنولوجيا الفائقة الإسرائيلية يحمل خطر التجسس الصناعي عليها، ولا يمكن استبعاد المحاولات الصينية المستقبلية للتدخل في النظام السياسي الإسرائيلي.
وقد أسفرت ضغوط واشنطن على تل أبيب عن حرمان بكين من تشغيل منشأة سوريك لتحلية المياه لمدة 25 سنة، لأنها تجاور قاعدة بالماخيم الجوية، حيث تتمركز القوات الأميركية، وقرب مركز ناحال للأبحاث النووية.
مع تنامي الضغوط الأمنية الداخلية، والأميركية الخارجية قررت إسرائيل تشكيل “لجنة استشارية للأمن القومي والاستثمار الأجنبي” كخطوة ضرورية لمنع الصين من الاستمرار في توسيع استثماراتها لديها، والتعامل معها ضمن الحدود التي رسمتها الولايات المتحدة، فأوقفت صادراتها العسكرية للصين بناء على طلب واشنطن.