يرى البعض في دول الغرب أن باكستان قد تساعدهم في السيطرة على حركة طالبان.
حيث تربط باكستان علاقات مميزة مع أفغانستان.
باكستان لديها علاقات فريدة مع أفغانستان، إذ يشترك البلدان في حدود طولها 2570 كيلو متراً، كما تربطهم روابط تجارية مهمة جداً. بالإضافة إلى روابط ثقافية وعرقية ودينية بينهما. وكما وصف حامد قرضاي، الرئيس الأفغاني السابق، بلاده وباكستان بأنهما “شقيقان لا يفترقان”.
لكن هناك وجهات نظرأخرى بالنسبة لبعض العواصم التي تسعى إلى إنشاء العلاقات مع إسلام آباد.
فليست جميع الدول ترى باكستان حليفاً في الحرب على الإرهاب الذي تمارسه الجماعات الإرهابية. حيث وُجهت اتهامات عديدة إلى باكستان من قبل الكثيرين في الولايات المتحدة ودول أخرى بأنها تدعم طالبان، وهو ما تنفيه إسلام آباد.
لكن هناك دبلوماسيين في دول الغرب يسعون لإقناع حركة طالبان بالسماح لمواطنيهم بمغادرة أفغانستان، وضرورة دخول المساعدات الإنسانية، ووضع البلاد تحت حكم عادل. ولذلك هم يحتاجون إلى التعاون مع بعض الدول مثل باكستان وغيرها من دول المنطقة.
العلاقة بين باكستان وأفغانستان وحركة طالبان
اتُهمت باكستان برغبتها في السيطرة على أفغانستان وطالبان.
فبعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، التي خُطط لها في أفغانستان، أصبح لباكستان موقعاً مهماً بين حلفاء الولايات المتحدة فيما يعرف “بالحرب على الإرهاب”.
لكن هذا لا يعني ألا يحتفظ المسؤولون في الجيش الباكستاني وأجهزة المخابرات بالعلاقات التي تربطهم مع الحركات المتشددة في أفغانستان مثل حركة طالبان. ثم أصبحت هذه العلاقات، أو كما يسمونها كذلك، إلى دعم مادي ولوجيستي كبير لهذه الجماعات.
وحسب ما ذكر خبراء استراتيجيون، “إن باكستان كانت تريد قطعة من كعكة أفغانستان لضمان ألا ينتهي الأمر في هذه الدولة إلى حكومة موالية للهند. لكن مدى ومدة دعم باكستان لطالبان لا تزال من الأمور المتنازع عليها بين المهتمين بهذه المنطقة.”
حيث تولت حركة طالبان الحكم في أفغانستان قبل 20 سنة. وفي ذلك الوقت، كانت إسلام آباد من الدول القليلة التي اعترفت بحكومتها. وعندما استولت طالبان على العاصمة الأفغانية كابل الشهر الماضي، أعلن رئيس وزراء باكستان عمران خان أن الحركة “تكسر أغلال العبودية”.
سبب قلق باكستان
لا يعني دعم باكستان التاريخي لطالبان أن هناك حالة من الارتياح الكامل لدى الحكومة الباكستانية لسيطرة طالبان على حكم أفغانستان. فقد عانت إسلام آباد الأمرين من الجماعات الإرهابية المتشددة التي تشن هجماتها على المناطق الحدودية من داخل أفغانستان.
وتعد أزمة اللاجئين، الناتجة عن سيطرة طالبان على كابل، سبباُ من المخاوف لحكومة باكستان التي تستضيف بالفعل ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني فروا من بلادهم بسبب الحروب السابقة، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية لإسلام آباد، من المرجح أنها لن تتمكن من استيعاب المزيد من الدعم للاجئين جُدد.
وقال المفوض الأعلى الباكستاني في المملكة المتحدة معظم أحمد خان: “في الحقيقة، ليس لدينا القدرة على استضافة المزيد من اللاجئين، ولهذا نقترح أن نجلس معا ونعمل على تفادي تحقق هذا الاحتمال”.
دول الغرب
إن علاقات باكستان بدول الغرب ليست جيدة جداً. وربما تكون أسوأ تلك العلاقات مع الولايات المتحدة، والدليل على ذلك أن الرئيس الأمريكي جو بايدن رفض منذ توليه الرئاسة مجرد الاتصال برئيس وزراء باكستان عمران خان.
وقال الفريق هربرت ماكماستر، مستشار الأمن الوطني السابق في البيت الأبيض، أمام ندوة “بوليسي إكستشاينج” هذا الأسبوع إن باكستان ينبغي أن تعامل “كدولة منبوذة” إذا لم تتوقف عن دعم الجماعات المتشددة.
وقال ماكماستر: “لابد أن نتوقف عن افتراض أن باكستان شريك بينما كانت عدوا لنا عن طريق تنظيم، وتدريب، وتجهيز هذه القوات علاوة على الاستمرار في استغلال التنظيمات الجهادية الإرهابية كأحد أذرع سياستها الخارجية”.
لكن وجهة النظر الأمريكية هذه لم نؤثر على سعي قوى الغرب إلى طرق باب باكستان. حيث شهدت الأيام القليلة الماضية زيارات رسمية من وزيري خارجية بريطانيا وألمانيا لإسلام آباد، ومن المتوقع أن يتوجه إلى هناك وزير خارجية إيطاليا خلال أيام.
ويعتقد الدبلوماسيون، أو هكذا يأملون، أن باكستان لا تزال تتمتع بعض النفوذ على طالبان. كما أن لديهم مخاوف حيال أن يؤدي نبذ باكستان من قبل قوى الغرب إلى تشجيعها على أن ترتمي في الحضن الدافئ للصين.
وأمضى الملا عبد الغني برادا، الذي يرجح على نطاق واسع أن يكون رئيسا للحكومة الجديدة في أفغانستان، فترة رهن الاحتجاز في سجون باكستان، لذلك لا يزال مدى وده لسجانه السابق غير معروف حتى الآن.