مستوطنون إسرائيليون اقتحموا ساحات المسجد الأقصى المبارك

سبق ذلك اقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد حيث أخلت ساحاته من المصلين 

اقتحم مستوطنون إسرائيليون، صباح الثلاثاء، ساحات المسجد الأقصى، بمدينة القدس الشرقية، وسط حراسة مشددة من الشرطة.

واستمر الاقتحام نحو ثلاث ساعات ونصف، قبل أن ينسحب المستوطنون، وقوات الشرطة من المسجد.

وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس، في تصريح مكتوب أرسلت نسخة منه لوكالة الأناضول إن عدد المستوطنين الذين اقتحموا المسجد، اليوم الثلاثاء، بلغ 622 مستوطنا.

وتمت الاقتحامات على شكل مجموعات، ضمّت كل مجموعة عشرات المستوطنين، بحراسة عناصر من الشرطة الإسرائيلية.

وقبيل اقتحام المستوطنين، أجبرت الشرطة المصلين المسلمين على إخلاء ساحات المسجد، فيما تواجد العشرات منهم داخل المصلى القبلي المسقوف، والذين احتجوا على الاقتحام عبر ترديد هتافات “الله أكبر ولله الحمد”، و”بالروح بالدم نفديك يا أقصى”.

وطرق المصلون، بشدة، على الأبواب الخشبية الكبيرة للمصلى القبلي، للاحتجاج على الاقتحامات.

ويقتحم المستوطنون ساحات المسجد، تحت حراسة الشرطة، طوال أيام الأسبوع، عدا يومي الجمعة والسبت.

ويكتسب اقتحام المستوطنين، خلال الأسبوع الجاري، حساسية خاصة، نظرا لتزامنه مع عيد الفصح اليهودي الذي بدأ مساء الجمعة الماضي، ويستمر حتى الخميس.

ودعت جماعات استيطانية إلى تكثيف الاقتحامات خلال فترة عيد الفصح.

واقتحم 561 مستوطنا أمس الإثنين و 545 مستوطنا أول من أمس الأحد، ساحات المسجد الأقصى، بحسب بيان سابق لدائرة الأوقاف الإسلامية.

المصدر: وكالة الأناضول

هل وصلت العلاقات الأمريكية الهندية إلى مفترق طرق؟

د. محمد مكرم بلعاوي
رئيس منتدى آسيا والشرق الأوسط

تطوّرت علاقة الهند بالولايات المتحدة الأمريكية بوتيرة سريعة أثناء حكم الرئيس الأمريكي بوش الإبن، وخلال عهد الرئيس باراك أوباما، على حساب العلاقة مع باكستان والتي كان ينظر إليها على أنّها جزء من المحور الغربي، خلافاً للهند التي تزعمت لمدة طويلة حركة عدم الانحياز، والتي كانت رغم إعلانها الحياد في الصراع بين حلف الأطلسي وحلف وارسو، أقرب إلى الاتحاد السوفييتي، وقد استمرت هذه العلاقات الحسنة مع الوريث الروسي، حيث تعتمد الهند في حوالي 70% من تسليحها على السلاح الروسي، والذي هي بأمس الحاجة إليه لمواجهة جاريها النوويين، الصين وباكستان.

ولعل من أسباب تطور العلاقة بين الطرفين، قناعة الولايات المتحدة بتراجع أهمية باكستان الاستراتيجية عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، وحضورها بقواتها إلى المنطقة لتقوم بمهامها بالأصالة لا الوكالة، مما جعل الدور الباكستاني دوراً هامشياً بالنسبة إليها، كما أنّ تحوّل الموقف الأمريكي من الصين، والذي كان يستخدم الصين ضد الاتحاد السوفييتي من أجل إضعاف المعسكر الشيوعي، قد انتهى وباتت الصين تمثل تهديداً استراتيجياً للتفوق الأمريكي، كما هي تهديد مباشر للهند، فاجتمعت المصالح الأمريكية والمصالح الهندية بعد فراق طويل على مواجهة الصين، وكان من نتائج ذلك إنشاء تجمع كواد (QUAD)  والذي يضم بالاضافة إلى أمريكا والهند، كلاً من استراليا واليابان، بغرض مواجهة التهديد الصيني في منطقة آسيا باسفيك.

غير أنّ هذه العلاقة المميزة بين الشريكين دخلت مؤخراً في اختبار حقيقي، عندما وضع الأمريكيون شركاءهم الهنود أمام اختبار الاختيار بينهم وبين حلفائهم التقليديين من الروس، فلقد تابعنا مؤخراً المطالبة الأمريكية من قِبل الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الهندي مودي بأن يتم تخفيض كميات النفط التي تستوردها الهند من روسيا، واعتبر أنّ الهند لا يمكن لها أن تتبوأ المكانة العالمية التي ترجوها إن هي استمرت في هذه الممارسات، يحدث ذلك بعد إحجام الهند عن إدانة العمليات العسكرية في أوكرانيا، في الأمم المتحدة.

سبق ذلك في الأول من نيسان (إبريل) الحالي، زيارة وزير الخارجية الروسي إلى نيودلهي واتفاقه مع نظيره الهندي على أن تكون التبادلات التجارية بين الطرفين بالعملتين المحليتين، وتحدّث لافروف عن مواجهة العقوبات الغربية من خلال التوجه نحو الأسواق الآسيوية ومنها الهند، والجدير ذكره أنّ عدد سكان الهند مليار وأربعمائة نسمة كذلك عدد سكان الصين والتي تقف هي أيضاً بجانب روسيا بشكل أو بآخر، مما يعني أننا نتحدث عن تقريباً نصف سكان الكوكب تقريباً إن نحن أضفنا الأسواق الآسيوية الأخرى التي يرمي لافروف إلى توسع بلاده فيها، وبالتالي فإن نجاح الخطوة الروسية تجعل الحصار الغربي لروسيا فاقداً معناه.

عقب مكالمة الفيديو التي تمت بين جو بايدن وناريندرا مودي، توجه كل من وزير الخارجية ووزير الدفاع الهنديين إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتهدف الزيارة فيما يبدو إلى تلافي أي ضرر يمكن أن يصيب العلاقة بين البلدين على خلفية موقف الهند من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، خصوصاً مع إصرار أمريكا على جلب الهند إلى المعسكر الأمريكي بالكامل، وممانعة الهند التي تعتبر علاقتها مع روسيا لا تؤثر على المصالح الأمريكية.

الهنود ينظرون إلى العلاقة مع روسيا كفرصة ذهبية ولا بد من اغتنامها ـ في هذا الظرف الصعب ـ ولا يرون بأساً في أخذ بعض المخاطرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأنّهم يدركون تماماً بأنّ حاجة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الهند هي حاجة استراتيجية، ستجعلها تتغاضى عن أية خلافات قد تنجم عن العلاقة الهندية ـ الروسية، بين الطرفين.

لقد كان الرد الهندي على مطالب أمريكا يعكس استياء نيودلهي من الضغوطات الأمريكية، وبدا ذلك واضحاً من خلال رد وزير الخارجية الهندي على الصحفيين الأمريكيين في أنّ الهند تستورد ما يمكن أن يعادل ما تستورده أوروبا من النفط الروسي في يوم أو في ظهيرة واحدة، وطالبت الهند الولايات المتحدة الأمريكية بأن تبدأ أولاً بأوروبا حليفتها المباشرة.

تدرك الهند تمام الإدراك، بأنّ المواجهة بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية ليست هي المواجهة الكبرى، فهناك مواجهة مؤجلة مع الصين هي أكبر وأخطر بكل تأكيد، وقد أنشأت الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات الماضية، لهذا الغرض مجموعة من التحالفات كان من أهمها تجمع كواد، والهند هي أكبر الدول المنضوية تحت التحالف، وأكثرها تأثيراً فيه بحكم موقعها الجغرافي المحاذي للصين، وامتلاكها أكبر جيش في التحالف وتعتبر قوة اقتصادية صاعدة بشكل سريع، ستجعل كل هذه المزايا تأثير الهند كبيرا جداً في هذه المواجهة، ولذلك لا تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرّط بعلاقاتها المميزة مع الهند.

كما أنّ الهند التي كانت تحظى بعلاقات تاريخية مميزة مع إيران وهي دولة إقليمية محوريّة، تراجعت علاقاتها مع إيران نتيجة لانصياعها للضغوطات الأمريكية، وتجاوبها مع العقوبات الأمريكية الاقتصادية التي فرضها الرئيس ترامب على إيران، عندها تلقت نيودلهي وعوداً من واشنطن بأنّ أي نقص من إمدادات الطاقة القادمة من إيران سيتم تعويضه من السعودية والإمارات وقد تم ذلك، وبالتالي قبل الهنود هذا النوع من المقايضة ولكنهم خسروا الإيرانيين إلى حد بعيد، وعلى إثر ذلك لمسنا تغيراً في الموقف الإيراني من قضية كشمير، من خلال تصريحات حادة للمرشد آية الله خامنئي، وهو ما عنى أنّ الموقف الإيراني أصبح أقرب للموقف الباكستاني منه إلى الهندي، الأمر الذي يمكن عدّه خسارة استراتيجية للسياسة الخارجية الهندية.

كما في الأمر مع إيران، وعد الأمريكيون الهند هذه المرة إن هم توفقوا عن استيراد النفط والغاز من روسيا، بأن يتم مساعدتهم في تلافي أي نقص في إمدادات الطاقة، والافتراض الطبيعي أن هذا المدد غالباً ما سيكون من خلال السعودية والإمارات. لكننا نعرف بأنّ العلاقات الأمريكية السعودية اليوم، ليست في أحسن أحوالها وكذلك هي مع الإمارات، بل إنّنا شهدنا فصولاً من الغزل بين دول الخليج وروسيا لم تتوقف تبعها مواقف خجولة ناقدة لروسيا تحت وطئة الضعوطات الأمريكية. معنى ذلك أن الوعود الأمريكية للهند بتعويض النقص عن طريق دول الخليج هي وعود مشكوك في قدرتها على تنفيذها.

إنّ موضوع العلاقات الهندية الروسية ليس مقتصراً على ملف الطاقة والتعاون العسكري وحسب، فالهنود ينظرون إلى العلاقة مع روسيا كفرصة ذهبية ولا بد من اغتنامها ـ في هذا الظرف الصعب ـ ولا يرون بأساً في أخذ بعض المخاطرة مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأنّهم يدركون تماماً بأنّ حاجة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الهند هي حاجة استراتيجية، ستجعلها تتغاضى عن أية خلافات قد تنجم عن العلاقة الهندية ـ الروسية، بين الطرفين.

المصدر: عربي21
https://arabi21.com/story/1430047

عمران خان بين صناعة التاريخ والخروج منه

د. محمد مكرم بلعاوي
رئيس منتدى آسيا والشرق الأوسط

لم يكن قدوم عمران خان إلى رئاسة وزراء باكستان ميسّرا على غرار من سبقوه كأمثال نواز شريف وبينظير بوتو، إذ لم يكن سليل عائلة سياسية أو إقطاعية على غرارهما، فهذا القادم من عالم الرياضة شق طريقه عبر المظاهرات والفعاليات الشعبيّة على مدى عقدين من الزمان، محتجاً فيها على الفساد والتبعيّة وضعف الدولة، قوام ذلك كله عنصر الشباب الذي كان يرى في خان ليس قائد فريق الكريكيت القومي فحسب، بل شخص اعتاد على النجاح والانتصار، وهو الوحيد الذي لم يتلوث بجرثومة الفساد التي فتكت بالطبقة السياسيّة منذ تأسيس باكستان عام 1947م، لذا عندما أطلق خان وعوده الكبيرة في حملته الانتخابية التي أفضت به إلى الفوز، جعلها بحجم طموح الشباب وآمالهم، فوضع نفسه وحكومته أمام تحد صعب.

لقد جاء عمران خان بروح متمردة على المنظومة التي ترسخت لديها جملة من التصورات والممارسات السياسيّة والاجتماعية، التي أصبحت من المسلّمات منذ الانفصال الدامي عن الهند وتأسيس جمهورية باكستان الإسلامية، ولعل هذا الانفصال الدامي جعل هاجس باكستان دائماً هو أن تحافظ على نفسها أمام خصم يكبرها بست مرات على الأقل، وهو الهند، فتوجهت طاقة الدولة بأسرها إلى الحفاظ على الذات، وتم تكريس مقدرات الدولة لبناء منظومة عسكرية وأمنيّة قادرة على الصمود أمام أي عدوان هندي محتمل، مما نتج عنه مجموعة من النتائج الخطيرة، أهمها تضخم دور المؤسسة العسكرية وسيطرتها الفعلية على مقاليد البلاد، تارة بشكل مباشر كفترة حكم الجنرال أيوب وضياء الحق وبرفيز مشرّف، وتارة أخرى تحت حكم مدنيّ وفق منظومة ديمقراطية عائلية قائمة على التعاقب قطباها عائلة نواز وعائلة بوتو، محكومة بإرادة الجيش.

كما نتج عن هذا الوضع ضعف الجهاز المدني للدولة وتفشّي ظاهرة الفساد المالي المتمثّل بالرشوة وسوء الإدارة وهدر المال العام، وتحكّم العائلات الإقطاعيّة، الأمر الذي جعل الاقتصاد الباكستاني رغم توافر المقومات من ثروة بشرية ومواد أولية وسوق كبير وموقع جغرافي مميز، يئنّ تحت وطأة الديون والهبات الأجنبية. أدّت هذه الأسباب بالإضافة إلى سياسة المحاور التي ارتضتها باكستان عند تأسيسها، إلى ضعف تأثيرها في قيادة العالم الإسلامي، وانتهائها بلعب أدوار مساندة لكل من الولايات المتحدة والسعودية بشكل أساسي، مع تركيز دورها الإقليمي والدولي على قضية كشمير والتي كادت أن تحجب الرؤية الباكستانيّة عن باقي القضايا.

عملت الحكومات المتعاقبة في باكستان وفق هذه المبادئ والتي ترمي خارجيّاً إلى تحقيق التوازن في العلاقات الدولية، وداخلياً إلى الحفاظ على الاستقرار، وهو سلوك يرمي بأحسن الأحوال إلى الحفاظ على الوضع القائم، والذي ثبت مع مرور الزمن أنّه أمر غير ممكن، فتردّى معها الوضع الاقتصادي والمعيشي والأمني في البلاد، فكان لا بد أن يأتي عند كل منعطف رئيس وزراء جديد يتحمل وزر إخفاقات كل مرحلة ويرحل بها، ويأتي خلفه من يكرر نفس الدور ثم يرحل هو الآخر، وعندما كادت هذه اللعبة أن تفقد مفعولها ـ على ما يبدو ـ كان أمام الجيش، السيد الحقيقي للدولة، خيار “رفع الغطاء” عن الحزبين التقليديين والسماح لعمران خان وحزبه “تحريك إنصاف” (حركة العدالة)، بالفوز وتشكيل الحكومة.

من الواضح أنّ عمران خان قد جاء بتصور عن باكستان التي يريد، وهو تصوّر طموح أقرب إلى المثاليات، يمكن تلخيصه على الصعيد المحلي بالوصول بالدولة إلى الحكم الرشيد والذي يعبّر عنه عمران خان عادةً بدولة المدينة المنوّرة، وعلى الصعيد الخارجي رفض منطق التبعية والتعامل مع القوى الخارجية من موقف الندية لا التسوّل، محكوماً بمصالح باكستان أولاً وأخيراً، ولتحقيق ذلك سعى إلى ممارسة الحكم الفعلي والذي تجلّى بمحاولة فرض سلطته كرئيس وزراء على أهم مؤسسة في البلاد وهي القوات المسلحة عبر التدخل في تعيينات الرتب العليا فيها، وخصوصاً رئيس الأركان وذراعها الأخطر، الاستخبارات العسكرية (ISI).

من الواضح أنّ عمران خان قد جاء بتصور عن باكستان التي يريد، وهو تصوّر طموح أقرب إلى المثاليات، يمكن تلخيصه على الصعيد المحلي بالوصول بالدولة إلى الحكم الرشيد والذي يعبّر عنه عمران خان عادةً بدولة المدينة المنوّرة

انطلق عمران خان منذ بداية توليه الحكم، بحملة “إصلاحيّة” شاملة تجاهلت مبدأ التدرّج، وتجاهل أنّ منظومات عمرها من عمر الدولة لا يمكن تغييرها دفعة واحدة، كل ذلك دون أن يكون لديه الأدوات الكافية، مما ألّب عليه الداخل والخارج معاً، ووضع حكومته أمام تحدّيات أصبح من المحال معها الاستمرار، وفجأة رأينا العشرات من نواب حزبه ينشقّون، مما جعل المعارضة المتربصة به وهم يرون تخلي الجيش عنه وفقدانه الأغلبية البرلمانية يسعون لإسقاطه بالضغط عليه كي يقدم استقالته أو من خلال حجب الثقة عن حكومته، ولكنّه اختار أن يؤلب الشارع وأن يتهم الداخل والخارج بحبك مؤامرة ترمي لإسقاطه والنيل من استقلال باكستان، وعند إدراكه أن سقوطه في البرلمان بات أمراً حتمياً، اتهم المعارضة بالخيانة واستخدم بنداً في الدستور الباكستاني يمكنه من تجاهل مشروع طرح الثقة، بدعوة عمالة نواب المعارضة لدولة أجنبية، والدعوة إلى حلّ البرلمان والانتخابات المبكرة، وهو ما اعتبرته المعارضة غير دستوري إذ بعيداً عن بقاء خان أو رحيله، فإنّه يثبّت عليها تهمة العمالة للخارج دون وجه قانوني، وما زالت المعركة القانونية مستمرة، ولكن النهاية باتت مؤكدة وهي خسارة عمران خان لرئاسة الحكومة.


أمّا على الصعيد الخارجي، فقد حاول منذ بداية حكمه التأكيد على العلاقة الندية مع المملكة العربية السعودية من خلال نقد وزير خارجيته للموقف السعودي من قضية كشمير، ما دفع السعودية إلى مطالبة باكستان ذات الاقتصاد المتعب، بدفع ديون مستحقة بقيمة ثلاثة مليارات دولار، واضطر رئيس الأركان للطيران إلى السعودية لإصلاح الضرر، كما حاول فيما بعد المشاركة في مؤتمر قمة كوالالمبور والتي دعا إليها نظيره الماليزي حينها، محاضير بن محمد، واضطر للتراجع عن المشاركة نتيجة الضغط السعودي، أما على صعيد العلاقة مع الغرب وخصوصاً أمريكا، فقد وجه نقده المستمر لها وخصوصاً في موضوع كشمير وموقفها السلبي من باكستان، ثم موقفه المؤيد لحركة طالبان عند استيلائها على الحكم في كابول، وإحجامه عن حضور قمة الديمقراطية التي دعى إليها الرئيس الأمريكي، وأخيراً كان لقاؤه بالرئيس الروسي عقب ساعات من دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا القشة التي قصمت ظهر البعير في العلاقات بين الطرفين، واضطرار رئيس الأركان إلى إصدار تصريح يستنكر فيه الحرب الروسية على أوكرانيا.

لقد وضع عمران خان الطبقة السياسية والجيش في بلاده أمام وضع صعب بإصراره على ضرب قواعد اللعبة السياسية بالحائط، عبر مخاطبة الإعلام واتهام معارضيه بالخيانة والعمالة للخارج، ومخاطبته جمهور الشباب والطلب منهم النزول إلى الشارع، واستحضار العاطفة الدينية والوطنية عند عموم الشعب الباكستاني، متجاهلاً تحذيرات الجيش، كما أنّه استعدى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في وقت تمرّ فيه البلاد بظروف اقتصادية صعبة، الأمر الذي سيجعل عودته إلى السلطة أمراً متعذراً للغاية، وفي نفس الوقت فإنّ خسارته قد تستفز مشاعر فئات واسعة من الشعب الباكستاني وخصوصاً الشباب منهم، والتي ترى فيه قائداً مخلصاً وضحيّة لمؤامرة كونيّة، ما يمكن أن يدخل البلاد في حالة من عدم الاستقرار، ويمكن أن يؤدي إلى بداية مرحلة سياسيّة جديدة في تاريخ باكستان.

المصدر: عربي21
https://arabi21.com/story/1432292/